الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في رميه الحنابلة بالتشدد في نقد وتضعيف الرجال المخالفين لهم]
فصل
في رميه الحنابلة بالتشدد في نقد وتضعيف الرجال المخالفين لهم، وإن كانوا أئمة،
والمبالغة في توثيق أتباعهم، وإن كانوا ضعفاء، والرد عليه قال المالكي ص (134) : (وتراهم يتشددون في نقد وتضعيف الرجال الذين لا يوافقونهم في شواذ العقائد، حتى وصل ذمهم للبخاري، ومسلم، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، والكرابيسي، وابن الجعد، وأبي حنيفة، والحنفية.
فضلا عن تضعيف سائر الشيعة، متمسكين بعبارة نقلوها عن الشافعي في تكذيب الخطابية من الروافض، لأنهم يستحلون الكذب، فجعلها هؤلاء في كل الشيعة، ثقاتهم وضعفائهم!!
بينما يبالغون في توثيق أتباعهم، ولو كانوا ضعفاء، أو خفيفي الضبط، كما فعلوا في توثيق ابن بطة مثلا) اهـ.
والجواب من وجوه: أحدها: كذب هذه المزاعم، كبقية مزاعمه السابقة، والآتية.
الثاني: مطالبته بذكر حنبلي واحد فقط ذم البخاري، أو مسلما، أو يحيى بن معين، أو علي بن المديني، ولن يجد.
وهؤلاء عند الحنابلة وأهل السنة حفاظ الإسلام وأعلامه الأعلام.
قال الإمام أحمد في البخاري: "ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل البخاري " وعد أحمد الحفاظ أربعة، وذكره منهم.
أما يحيى بن معين: فقال فيه أحمد: "أعلمنا بالرجال: يحيى بن معين، وكل حديث لا يعرفه يحيى بن معين، فليس بحديث ".
وأما ابن المديني: فلم يكن أحمد يسميه، بل كان يكنيه تبجيلا له وتعظيما، وكان يقول فيه:"أحفظنا للطوال علي ".
أما علي بن الجعد: فثقة، وثقه يحيى بن معين، ولم يضعفه أحمد، ولا الحنابلة، وإنما نهى الإمام أحمد عن الجلوس إليه، والأخذ عنه، لتناوله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومجاهرته بذلك، فخشي أحمد أن يتأثر به من جلس إليه، أو أن يظهر أمره، ويفشو شره، إذا كثر سواده.
أما الكرابيسي: ففقيه، ليس عنده حديث، حتى يوثق أو يضعف، وكان صاحب بدعة.
وأما أبو حنيفة رحمه الله: فإمام، فقية، كبير، ذا رأي، ولم يعتن بالحديث كثيرا لهذا كان مقلا، وقد تكلم بعض الأئمة في حفظه، لذا لم يحتج به أهل الصحاح، لا الشيخان، ولا غيرهما.
إلا أن الترمذي روى له في "العلل" موضعا واحدا من قوله، لا من منقوله.
واختلف في حديث رواه النسائي في (سننه) ذكر فيه النعمان، فقال بعضهم: إنه أراد أبا حنيفة النعمان، وقال آخرون: لا، لم يرده، وأراد غيره.
الوجه الثالث: أن الحنابلة لم يضعفوا ثقات الشيعة كما زعم المالكي، بل قد وثق الإمام أحمد جماعة منهم، مع علمه بتشيعهم، وكذلك أصحابه رحمهم الله، منهم:
. سليمان بن قزم بن معاذ الضبي، قال فيه أحمد:" ما أرى به بأسا، لكنه يفرط في التشيع ".
. علي بن بذيمة الحراني، قال فيه أحمد:"صالح الحديث، لكنه رأس في التشيع ".
. سالم بن أبي حفصة العجلي، قال فيه أحمد:" ليس به بأسا، إلا أنه كان شيعيا".
. علي بن المبارك الهنائي، وثقه أحمد وقال:"قد كان يرمى بالتشيع ".
. فطر بن خليفة، قال فيه أحمد:"صالح الحديث، خشبي مفرط".
الوجه الرابع: إن الحنابلة وأهل السنة عامة، إن وثقوا أحدا أو ضعفوه في الرواية، فمرد ذاك إلى حفظه، وضبطه، وصدقه، وأمانته، لا لكونه حنبليا أو غير حنبلي.
وقد قدمت جملة ممن وثقهم الإمام أحمد وكانوا مبتدعة، وآخرين ضعفهم، وكانوا من أئمة السنة، كرواد بن الجراح، ونوح بن أبي مريم، وحماد بن سلمة وغيرهم.
أما تمثيل المالكي لمزاعمه السابقة، بابن بطة رحمه الله: فباطل، فإن ابن بطة - كما قدمنا - إمام كبير صاحب سنة واتباع، وفقه عظيم، أثنى عليه الأئمة لذلك، إلا أنهم لينوه- رحمه الله، ورحمهم- في حفظه.
وعلم الرجل، واتباعه، وفقهه، وورعه شيء، وحفظه، وإتقانه فيما يروي شيء آخر. ومن خلط بينهما: لم يخف فساد رأيه.
أما رميه لابن بطة بالكذب فحاشاه، وقد بينا فساده في فصل تقدم (ص 256 - 260) ، وأنه أجل من أن يدفع ذلك عنه رحمه الله.