الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل نقض نتيجته الحادية عشرة]
فصل
نقض نتيجته الحادية عشرة ثم ذكر المالكي ص (188) نتيجة بحثه الحادية عشرة فقال: (11 - إذا كان المسلمون في الماضي معذورين إلى حد ما في التنازع لقوة الخلافة، وضعف الكفار، وظنهم أن تنازعهم لن يكون له الخطر المستقبلي على الإسلام وأهله، فليس لهم اليوم مبرر لهذا التنازع، مع ضعف المسلمين السياسي والاقتصادي والعسكري.
وعلى هذا، فالاعتصام بحبل الله، والالتقاء على الخطوط العريضة: أمر واجب، لا يصد عنه إلا مشارك في الجرائم التي تنفذ ضد المسلمين في أقطار الأرض، من فلسطين إلى البوسنة إلى الشيشان) اهـ. .
والجواب من وجوه: أحدها: أن سبب اتفاق الأمة وتوحدها: إيمانها الكامل التام بما أنزل الله سبحانه وتعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم، وبما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم، على فهم الرعيل الأول، سلف الأمة الصالح، كما قال سبحانه:{فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 137] .
لهذا قال الإمام مالك بن أنس وغيره: "لا يصلح أمر آخر هذه الأمة، إلا بما صلح به أولها".
وكل خلاف غير عقدي، وعداء غير ديني: سهل حله، قريب زواله، كما قال الشاعر:
كل العداوات قد ترجى مودتها
…
إلا عداوة من عاداك للدين
ولما كانت الأمة مجتمعة على ذلك: لم تلبث خلافاتها ونزاعها أن يزول.
أما حينما خرجت عن ذلك، وأصبحت خلافاتها عقدية: بقيت تلك النزاعات قوية إلى اليوم.
فما حدث بين الصحابة- رضي الله عنهم جميعا- من تقاتُل زمن علي ومعاوية رضي الله عنهما: انتهى، وتنازَل الحسن بن علي رضي الله عنهما، لمعاوية رضي الله عنه بالأمر، فاستقامت حياة الناس، واجتمع شملهم.
أما لما حدثت خلافاتهم العقدية الدينية: فلم تنته إلى اليوم، فالرافضة، والخوارج، والقدرية، والجهمية، والمعتزلة، ما زالوا موجودين ينخرون في جسد الأمة، حتى أصبح حالها على ما هو اليوم.
الثاني: أن المالكي شخَّص الداء وعرَّفه، ولم يوفق إلى معرفة الدواء، بل اختار دواءا قاتلا، يزيد العلة بلاء.
فإن بقاء أهل البدع والأهواء- والمالكي منهم- داخل جسد الأمة: هو الذي مزقها، وأضعف كلمتها، وشتَّت وحدتها، ولا تتعافى الأمة من هذا المرض الخبيث، إلا ببتره أو علاجه، وليس من الحكمة أن
يُتغافل عن المرض، حتى يتفاقم ويُهلك صاحبه، ولله در القائل:
إذا ما الجرح رم على فساد
…
تبين فيه إهمال الطبيب
وليس بخافٍ على المسلم البصير: ما جرَّه تقريب المبتدعة، كتقريب آخر خلفاء بني العباس للرافضة، واستوزاره للطوسي الرافضي، ثم مكيدته بالأمة، وخيانته لها، ومراسلته للتتار، وتشجيعه لهم أن يستولوا على بلاد المسلمين، ففعلوا، وحصلت المقتلة الكبيرة الشهيرة.
الثالث: أن اجتماع المسلمين وتوحدهم: ليس مقصودا لذاته، بل لما فيه من استقامة دين الناس، وسلامة إيمانهم، واستقامة أمور دنياهم كذلك.
فهو وسيلة لغاية عظيمة، فمن وحَّد المسلمين على غير التوحيد الخالص، فقد راعى الوسيلة، وأغفل الغاية.
لهذا كان أمر النبي صلى الله عليه وسلم لحذيفة بن اليمان رضي الله عنه عند ظهور الشر، أن يلزم جماعة المسلمين وإمامهم، فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام، فيتركهم جميعا ويعتزلهم، ولو أن يَعَض بأصل شجرة، وهو مُخَرَّج في "الصحيحين ".
الرابع: أن أمر المالكي بالالتقاء على خطوط الدين العريضة- كما يسميها! - وترك الخلافات: باطل قد بينا بطلانه مرارا.
ولو سلمنا له ذلك- ولا نُسلم- لما سَلِمَ لنا من الدين، لا خطوط عريضة ولا دقيقة! فما من أمر، إلا ويخالف فيه جملة من
أهل البدع، حتى القرآن الكريم مصدر التشريع، قد أجمعت الرافضة على تحريفه ونقصه، وصنف الطبرسي كتابه الضخم في إثبات ذلك، ونقل فيه أكثر من ألفي رواية عن الرافضة، فماذا بقي من الدين إذن؟! .
الخامس: أن المالكي متناقض، فيدعو للالتقاء على خطوط الإسلام العريضة، وعدم النظر في الخلافات: وهو يسعى للتفريق بين أهل السنة بالأكاذيب، وإلزام الناس بأمور ليست من أمور العقيدة، أو ربما كانت منها، لكنه- هو- لا يراها ضمن الخطوط العريضة- كما يسميها! - أو ربما كانت بدعا.
فلأي أمر طعن في معاوية ويزيد وبني أمية، وبعض خلفاء بني العباس، وجملة من الصحابة؟!
بل أخرج جماعة كثيرين من الصحابة، ممن أسلموا يوم الفتح من: حدّ الصحبة، ورمى جملة من علماء الأمة بالأكاذيب، كالإمام أحمد، وابنه عبد الله، والبربهاري، وابن أبي يعلى، وابن بطة، وشيخ الإسلام ابن تيمية، مع طعنه في جماعات من السلف، ذكر أقوالهم ولم يصرح بأسمائهم؟!
أليس هو أولى الناس بنصيحته؟! وهو أول الناس المخالفين لها!
بل ينهانا عن الطعن والاختلاف مع أهل البدع، ثم يطعن في أئمة الإسلام والسنة!!