الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في رميه أهل الفرق جميعا بأنهم متناقضون يأمرون أتباعهم باتباع السواد الأعظم عند تمكنهم]
فصل
في رميه أهل الفرق جميعا بأنهم متناقضون يأمرون أتباعهم باتباع السواد الأعظم عند تمكنهم،
فإذا كانوا قلة قالوا "طوبى للغرباء"!! وبيان مراده، والرد عليه قال المالكي ص (134) : (وتجد هذه الفرق والطوائف عند سيطرتها وكثرة أتباعها، تأمر أتباعها باتباع السواد الأعظم، وعدم مخالفة الأمة.
فإذا انتصر خصومهم، وأصبحوا سوادا أعظم، يأتي العقائديون ويقولون:"طوبى للغرباء، الذين يصلحون إذا فسد الناس"، فالجماعة ما وافق الحق، ولو كنت وحدك.) اهـ.
والجواب من ثلاثة وجوه: أحدها: أن السواد الأعظم، يراد به أحد أمرين كلام الأئمة:
. إما لزوم جماعة المسلمين، وإمامهم وإن كان جائرا ظالما، وعدم الخروج عليه، وشق عصا الطاعة.
. وإما الإجماع.
فالأول: لا يخالف فيه إلا الخوارج.
والثاني: لا يخالف فيه إلا صاحب قول منبوذ، شذ به عن الأمة، فخشي احتجاجهم عليه بالإجماع فأبطله، وقد قال سبحانه:
ولم يستدل أهل السنة حنابلة وغيرهم على الحق – قط – بكثرة أتباعه، كيف لا؟! وهم يتلون قول الله تعالى:{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام: 116] وقوله جل وعلا: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103] .
ولو اطرد هذا؛ لبطل دين الإسلام برمته، فإن الكفار والمشركين أكثر من المؤمنين، بل قد ثبت في "الصحيحين" من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله تعالى: يا آدم!
فيقول: لبيك وسعديك، والخير في يديك.
فيقول: أخرج بعث النار.
قال: وما بعث النار؟
قال: من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين.
فعنده يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى، وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد "
قالوا: يا رسول الله، وأينا ذلك الواحد؟
قال: "أبشروا، فإن منكم رجلا ومن يأجوج ومأجوج ألفا ".
ثم قال: والذي نفسي بيده، إني أرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة".
فكبرنا، فقال:"أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة".
فكبرنا، فقال:"أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة".
فكبرنا، فقال: "ما أنتم في الناس، إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض، أو كشعرة بيضاء، في جلد ثور أسود» [خ (3348) و (6530) ، م (222) ] .
الوجه الثاني: متى كان الحنابلة أكثر من بقية أتباع المذاهب؟! وأي عصر ذاك؟! حتى أمر الحنابلة باتباع السواد الأعظم لذلك!!
وما زال الحنابلة قليلي العدد، من عهد أحمد إلى يومنا هذا، وإن كانوا في معتقدهم على معتقد سلف الأمة وخيارها.
وقد كانوا في صدر الإسلام الأول في عهد الصحابة، والتابعين، وأتباعهم سوادا أعظم.
فأئمة الهدى المتقدمون، هم سلف الحنابلة، لهذا إن أمر الحنابلة باتباع أئمة الإسلام قبل أحمد، لا يأمرونهم باتباع مذهب الإمام أحمد وأصحابه، وإن كانوا جميعا على معتقد واحد، إلا أن المتبوع أولى بالاتباع من التابع.
الوجه الثالث: أن الآمر بلزوم السواد الأعظم- على المراد الأول- هو النبي صلى الله عليه وسلم، كما في حديث حذيفة رضي الله عنه، وفيه قال
حذيفة: ( «فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة، حتى يدرك الموت وأنت على ذلك» رواه البخاري، ومسلم [خ (8333) و (6557) ، م (3434] .
وهو صلى الله عليه وسلم قائل: «إن الدين بدأ غريبا، ويرجع غريبا، فطوبي للغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس من بعدي من سنتي» رواه عنه الترمذي في "جامعه"(2630)، وقال:"هذا حديث حسن صحيح ".
فإن كان ثمة تناقضن في الأمرين- كما يزعم المالكي -: فمرده للنبي صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي. وهل يبقى لقائل هذا إسلام وإيمان؟! عياذا بالله.