الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المدائن
قال صاحب معجم البلدان: قال يزدجرد بن مهبندار الكسروي في رسالة له عملها في تفضيل بغداد، فقال في تضاعيفها: ولقد كنت أفكر كثيرا في نزول الأكاسرة بين أرض الفرات ودجلة، فوقفت على أنهم توسطوا مصب الفرات في دجلة، هذا أن الإسكندر لما سار في الأرض ودانت له الأمم وبنى المدن العظام في المشرق والمغرب، رجع إلى المدائن وبنى فيها مدينة وسورها، وهي إلى هذا الوقت موجودة الأثر، وأقام بها راغبا عن بقاع الأرض جميعا وعن بلاده ووطنه حتى مات.
قال يزدجرد: أما أنوشروان بن قباذ، وكان أجل ملوك فارس حزما ورأيا وعقلا وأدبا فإنه بنى المدائن، وأقام بها هو، ومن كان بعده من ملوك بني ساسان إلى أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد ذكر في سير الفرس أن أول من اختط مدينة في هذا الموضع أردشبر بن بابك، قالوا: لما ملك البلاد سار حتى نزل في هذا الموضع فاستحسنه فاختط به مدينة. قال: وإنما سميت المدائن لأن زاب الملك الذي بعد موسى عليه السلام ابتناها بعد ثلاثين سنة من ملكه، وحفر الزوابي وكورها، وجعل المدينة العظمى المدينة العتيقة.
فهذا ما وجدته مذكورا عن القدماء، ولم أر أحدا ذكر لم سميت بالجمع، والذي عندي فيه أن هذا الموضع كان مسكن الملوك الأكاسرة الساسانبة وغيرهم، فكان كل واحد منهم إذا ملك بنى لنفسه مدينة إلى جنب التي قبلها وسماها باسم، فأولها المدينة العتيقة التي لزاب كما ذكرنا ثم مدينة الاسكندر ثم طيسفون من مدائنها ثم أسفانبر ثم مدينة يقال لها: رومية، فسميت المدائن بذلك والله أعلم.
وكان فتح المدائن كلها على يد سعد بن أبي وقاص في صفر سنة 16 في أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
قال حمزة: اسم المدائن بالفارسية توسفون وعربوه على الطيسفون والطيسفونج، وإنما سمتها العرب المدائن لأنها سبع مدائن بين كل مدينة إلى الأخرى مسافة قريبة أو بعيدة وآثارها، وأسماؤها باقية، وهي أسفابور ووه أردشير، وهنبو شافور ودرزنيدان ووه جنديوخسره ونونيافاذ وكرادفاذ فعرب أسفابور على أسفانبر، وعرب وه أردشير على بهرسير، وعرب هنبوشافور على جنديسابور، وعرب درزنيدان على درزيجان، وعرب وه جنديو خسره على رومية، وعرب السادس والسابع على اللفظ.
فلما ملك العرب ديار الفرس واختطت الكوفة، والبصرة انتقل إليهما الناس عن المدائن، وسائر مدن العراق، ثم اختط الحجاج واسطا، فصارت دار الإمارة، فلما زال ملك بني أمية اختط المنصور بغداد، فانتقل إليها الناس، ثم اختط المعتصم سامرا، فأقام الخلفاء بها مدة، ثم رجعوا إلى بغداد، فهي الآن أم بلاد العراق.
فأما في وقتنا هذا فالمسمى بهذا الاسم بليدة شبيهة بالقرية بينها وبين بغداد ستة فراسخ وأهلها فلاحون يزرعون ويحصدون، والغالب على أهلها التشيع على مذهب الإمامية، وبالمدينة الشرقية قرب الإيوان قبر سلمان الفارسي رضي الله عنه، وعليه مشهد يزار إلى وقتنا هذا.
والمدائن أيضا اسم قريتين من نواحي حلب في نقرة بني أسد إليها فيما أحسب، ينسب أبو الفتح أحمد بن علي المدائني الحلبي.
المصدر: معجم البلدان للحموي.