الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحرمين
من أشهر المساجد الأثرية وأظهرها المسجد الحرام بمكة المكرمة ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة.
للمسجد الحرام طرازه الخاص بين المساجد، وهو يعرف بالبيت الحرام والبيت المحرم والبيت العتيق، ويسمى أيضا الكعبة المشرفة لتكعيبه أي تربيعه، وهو بيت الله الذي فرض الله الحج إليه لمن استطاع إليه سبيلا، وقبلة المسلمين في صلاتهم، وليس من شك في أن بناء الكعبة لحقته بعض الترميمات في العصور المختلفة، يرجع الفضل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إزالة الدور والبيوت التي كانت تحيط بالكعبة وبالمطاف، وإليه أيضا يرجع الفضل في بناء أول جدار حول الكعبة. وفي عام 26هـ في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه جعل للمسجد أروقة. وفي 44هـ، في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه (ت 60هـ) أدخل المنبر لأول مرة إلى المسجد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب الجمعة في المسجد الحرام، وهو واقف على الأرض. وفي عهد الوليد بن عبد الملك أجريت للمسجد الحرام عمارة كبرى.
وبسيطرة العثمانيين على مصر انتقلت إليهم بصفة رسمية السيادة على الحجاز ورعاية الحرمين بمكة والمدينة، وصار السلطان العثماني يلقب منذ ذلك الوقت بخادم الحرمين الشريفين. ونتيجة لعمارة العهد العثماني أصبح المسجد مستطيل الشكل تحيط به أروقة من جهاته الأربع، ترتكز سقفها على أعمدة معظمها من الرخام. وتقوم الكعبة في وسط الحرم، ولكنها تميل إلى الجنوب، ويحيط بها المطاف، وهو مرصوف بالرخام. وأهم المزارات الدينية بحرم الكعبة مقام إبراهيم عليه السلام وحجر إسماعيل عليه السلام وبئر زمزم.
المسجد النبوي الشريف: لما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة بني له منزل، وأخذ من الفضاء الموجود أمام المنزل فناء واسع، يقال: كان به مربد ملك لغلامين يتيمين في المدينة هما سهل وسهيل، وهذا الموضع هو الذي بركت فيه ناقة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم أن دخل إلى المدينة مهاجرا، ولذلك اختار الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الموضع ليكون مسجدا للمسلمين؛ فأمر بتمهيد أرضه وبناء المسجد واشترك هو نفسه صلى الله عليه وسلم في البناء، وتأسى به سائر المسلمين في المدينة.
كان تخطيط المسجد الأول في عهد النبي مكونا من فناء مربع متساوي الأضلاع تقريبا، تحف به جدران أربعة بنيت من اللبن على أسس من الحجارة، وجعلت القبلة في الجدار الشمالي من حجارة منضودة بعضها فوق بعض، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبنى في الطرف الجنوبي من الجانب الشرقي مسكنان لزوجتيه: أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر، وأم المؤمنين سودة بنت زمعة، ثم بنيت في جهة القبلة سقيفة من جريد لتقي الناس من حرارة الشمس وهم وقوف في الصلاة، وكانت هذه السقيفة مغطاة بسعف النخيل، وترتكز على جذوع النخل، وعندما تحولت القبلة إلى الجنوب تجاه مكة المكرمة أقيمت بالمسجد سقيفة أخرى في الجهة الجنوبية على غرار السقيفة القديمة التي بقيت يستظل بها فقراء المدينة من المسلمين، وبذلك أصبح للمسجد جزء مكشوف في الوسط هو الصحن (الفناء)، وظلتان إحداهما في الشمال والأخرى إلى الجنوب. وبعد نحو سبع سنوات من الهجرة ضاق المسجد بالمصلين؛ فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتوسيعه، فأصبح طول كل ضلع بالمسجد مائة ذراع، وصار جدار المسجد الشرقي ملتصقا ببيوت النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان للمسجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثة أبواب ظلت في أماكنها حتى اليوم على الرغم من التوسعات الجديدة، وما زالت هذه الأبواب تعرف بأسمائها، وهي: باب جبريل وسط الجدار الشرقي، وباب النساء في شماله، ويقابله باب الرحمة في الجدار الغربي، ولم يكن المسجد يشتمل على مئذنة؛ إذ كان المؤذن ينادي للصلاة من فوق سطح أحد المنازل العالية المجاورة للمسجد. ومن الجدير بالذكر أن تخطيط المسجد النبوي بالمدينة صار النموذج الذي خططت عليه مساجد الأمصار الإسلامية في المدن الجديدة التي أنشئت عقب الفتوح الإسلامية مثل: مسجد البصرة ومسجد الكوفة ومسجد عمرو بن العاص بالفسطاط، ومسجد عقبة بن نافع بالقيروان.
حظي مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بعناية شديدة من قبل الخلفاء الراشدين وغيرهم من حكام المسلمين، فتوالت يد التوسيع التي كان يتطلبها المسجد من وقت لآخر نظرا لاتساع رقعة الدولة الإسلامية وازدياد عدد المسلمين. وكان من أهم أعمال التوسيع بمسجد الرسول صلى الله عليه وسلم تلك التي قام بها الوليد بن عبد الملك 91هـ (709م)، حيث روعي في عمارة الوليد أن يتحقق في بناء مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ما تطور إليه فن العمارة الإسلامية حتى ذلك الوقت من تقدم، مع المحافظة على التراث المعماري الذي يرجع إلى العهد النبوي.
ومن الجدير بالذكر أن تخطيط المسجد النبوي قد أدخلت عليه بعض الإضافات والعناصر المعمارية الجديدة؛ فأصبح يتكون من صحن أوسط وأربعة أروقة تحف به، وصار له أربع مآذن ومحراب مجوف وأعمدة من رخام، ونقلت المداخل القديمة إلى الجدران الجديدة، وحوفظ على وضعها في الاتجاهات القديمة التي كانت عليها وقت النبي صلى الله عليه وسلم، أما القبة الخضراء التي تعلو الضريح فقد أضيفت إلى المسجد في عصر دولة المماليك.
المصدر: الموسوعة العربية العالمية