المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

إذا مسَّ (1) بالسرَّاء أعقب شكرها … وإن مسَّ بالضّرّاء أعقبها - مدارج السالكين - ط عطاءات العلم - جـ ٢

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌المشهد الثَّاني: مشهد رسوم الطَّبيعة ولوازم الخلقة

- ‌المشهد الثالث: مشهد أصحاب الجبر

- ‌المشهد الرّابع: مشهد القدريّة النُّفاة

- ‌المشهد السادس: مشهد التوحيد

- ‌المشهد السابع: مشهد التوفيق والخذلان

- ‌المشهد الثامن: مشهد الأسماء والصِّفات

- ‌المشهد التاسع: مشهد زيادة الإيمان وتعدُّد(2)شواهده

- ‌المشهد العاشر: مشهد الرّحمة

- ‌ منزل الإنابة

- ‌ منزل التّذكُّر

- ‌(أبنية التذكُّر

- ‌المفسد الخامس: كثرة النوم

- ‌ منزل الاعتصام

- ‌الاعتصامُ(2)بحبل الله

- ‌ اعتصام العامَّة

- ‌اعتصام الخاصَّة

- ‌اعتصام خاصَّة الخاصَّة:

- ‌ منزلة الفرار

- ‌(فرار العامَّة

- ‌فرار الخاصَّة

- ‌فرار خاصَّة الخاصَّة

- ‌ رياضة العامة

- ‌«منزلة الرياضة»

- ‌رياضة الخاصَّة:

- ‌رياضة خاصَّة الخاصَّة:

- ‌ منزلة السَّماع

- ‌ سماع العامّة

- ‌سماع الخاصَّة

- ‌سماع خاصَّة الخاصَّة:

- ‌ منزلة الحزن

- ‌ حزن العامَّة

- ‌ حزن أهل الإرادة

- ‌ التحزُّن للمعارضات

- ‌ منزلة الخوف

- ‌ الدرجة الأولى: الخوف من العقوبة

- ‌(الدرجة الثانية: خوف المكر

- ‌ منزلة الإشفاق

- ‌(الدرجة الثانية:

- ‌ الدرجة الثالثة

- ‌ منزلة الخشوع

- ‌(الدرجة الثانية:

- ‌(الدرجة الثالثة:

- ‌ منزلة الإخبات

- ‌(الدرجة الثانية:

- ‌(الدرجة الثالثة:

- ‌ منزلة الزُّهد

- ‌من أحسن ما قيل في الزُّهد

- ‌ الدرجة الأولى: الزُّهد في الشُّبهة بعد ترك الحرام

- ‌(الدرجة الثانية: الزُّهد في الفضول

- ‌(الدرجة الثالثة: الزُّهد في الزُّهد

- ‌ منزلة الورع

- ‌ الدرجة الأولى: تجنُّب القبائح

- ‌(الدرجة الثانية: حفظ الحدود عند ما لا بأس به

- ‌فصلالخوف يثمر الورع

- ‌ الدرجة الأولى:

- ‌(الدرجة الثانية:

- ‌(الدرجة الثالثة:

- ‌ منزلة الرجاء

- ‌ الدرجة الأولى:

- ‌(الدرجة الثانية:

- ‌(الدرجة الثالثة:

- ‌ منزلة الرغبة

- ‌ الدرجة الأولى: رغبة أهل الخبر

- ‌(الدرجة الثانية: رغبة أرباب الحال

- ‌(الدرجة الثالثة: رغبة أهل الشُّهود

- ‌ منزلة الرِّعاية

- ‌ منزلة المراقبة

- ‌ الدرجة الأولى: مراقبة الحقِّ تعالى في السَّير إليه

- ‌الدرجة الثانية: مراقبة نظر الحقِّ إليك برفض المعارضة

- ‌الاعتراض ثلاثة أنواعٍ سارية في الناس

- ‌النوع الأوَّل: الاعتراض على أسمائه وصفاته

- ‌النوع الثاني: الاعتراض على شرعه وأمره

- ‌(الدرجة الثالثة: مراقبةُ الأزل بمطالعة عين السبق

- ‌ منزلة تعظيم حرمات الله

- ‌(الدرجة الثانية: إجراء الخبر على ظاهره

- ‌(الدرجة الثالثة: صيانة الانبساط أن تشوبه جرأة

- ‌ منزلة الإخلاص

- ‌ الدّرجة الأولى:

- ‌(الدرجة الثانية:

- ‌(الدرجة الثالثة:

- ‌ منزلة التهذيب والتصفية

- ‌(الدرجة الثانية:

- ‌(الدرجة الثالثة:

- ‌ منزلة الاستقامة

- ‌ الدرجة الأولى: الاستقامة على الاجتهاد في الاقتصاد

- ‌(الدرجة الثانية: استقامة الأحوال

- ‌(الدرجة الثالثة: استقامةٌ بترك رؤية الاستقامة

- ‌ منزلة التوكُّل

- ‌الدرجة الثانية: إثبات الأسباب والمسبَّبات

- ‌الدرجة الثالثة: رسوخ القلب في مقام التوحيد

- ‌الدرجة الخامسة: حسن الظنِّ بالله

- ‌الدرجة السّادسة: استسلام القلب له

- ‌الدرجة السابعة: التفويض

- ‌ الدرجة الأولى: التوكُّل مع الطلب ومعاطاة السبب

- ‌(الدرجة الثانية: التوكُّل مع إسقاط الطلب

- ‌ منزلة التفويض

- ‌(الدرجة الثانية:

- ‌(الدرجة الثالثة:

- ‌ منزلة الثِّقة بالله

- ‌ الدرجة الأولى: درجة الإياس

- ‌(الدرجة الثانية: درجة الأمن

- ‌(الدرجة الثالثة: معاينة أزليَّة الحقِّ

- ‌ منزلة التسليم

- ‌ الدرجة الأولى:

- ‌(الدرجة الثانية

- ‌(الدرجة الثالثة:

- ‌ منزلة الصبر

- ‌(الدرجة الثانية: الصبر على الطاعة

- ‌(الدرجة الثالثة: الصبرُ في البلاء

- ‌ منزلة الرِّضا

- ‌(الشرط الثالث: الخلاص من المسألة لهم والإلحاح)

- ‌ منزلة الشُّكر

- ‌ الدرجة الأولى: الشُّكر على المحابِّ

- ‌(الدرجة الثانية: الشُّكر في المكاره

- ‌(الدرجة الثالثة: أن لا يشهد العبدُ إلَّا المنعم

- ‌ منزلة الحياء

- ‌ منزلة الصِّدق

- ‌من علامات الصِّدق: طمأنينة القلب إليه

- ‌فصلفي كلماتٍ في حقيقة الصِّدق

- ‌ الدرجة الأولى: صدق القصد

- ‌(الدرجة الثانية: أن لا يتمنَّى الحياة إلا للحقِّ

- ‌(الدرجة الثالثة: الصِّدق في معرفة الصِّدق

الفصل: إذا مسَّ (1) بالسرَّاء أعقب شكرها … وإن مسَّ بالضّرّاء أعقبها

إذا مسَّ

(1)

بالسرَّاء أعقب شكرها

وإن مسَّ بالضّرّاء أعقبها الصبرُ

(2)

وما منهما إلَّا له فيه نعمةٌ

تضيق بها الأوهام والبرُّ والبحر

(3)

فإن قلت: فهل يشهد منَّته فيما لحقه من المعصية والذنب؟ قلت: نعم، إذا اقترن بها التوبة النَّصوح والحسنات الماحية كانت من أعظم المنن عليه، كما تقدَّم تقريره

(4)

.

فصل

قال

(5)

: (و‌

‌سماع الخاصَّة

ثلاثة أشياء: شهود المقصود في كلِّ زمن

(6)

،

(1)

في هامش ع: «عمَّ» نقلًا عن نسخة أخرى، والرواية:«إذا مسَّ بالسراء عمَّ سرورُها» .

(2)

في ع: «الأجر» . وهو لفظه كما في المصادر.

(3)

من أربعة أبيات لمحمود الورَّاق في «الشكر» لابن أبي الدنيا (83) و «الفاضل» للمبرد (ص 95) و «شعب الإيمان» للبيهقي (4099) و «زهر الآداب» (1/ 139). وانظر: «ديوانه» (ص 85).

(4)

(1/ 460 - 472). وانظر: (ص 43 - 54) من هذا المجلد.

(5)

«منازل السائرين» (ص 18).

(6)

ن: «رمز» ، وإليه أصلح وغُيِّر في ل، وهو كذلك في مطبوعة «المنازل» و «شرح القاساني» (ص 96). وهو كذلك في «شرح التلمساني» (ص 115) عند سياق المتن، وأما عند شرحه فكالمثبت.

ص: 164

والوقوف على الغاية في كلِّ حينٍ

(1)

، والخلاص من التّلذُّذ بالتّفرُّق).

المقصود في كلِّ حقٍّ

(2)

هو الربُّ

(3)

تبارك وتعالى، فإنَّ المسموع كلَّه يعرِّف به وبصفاته وأسمائه، وأفعاله وأحكامه، ووعده ووعيده، وأمره ونهيه، وعدله وفضله. وهذا الشُّهود يُنال بالسماع بالله، ولله، وفي الله، ومِن الله

(4)

.

أمَّا السماع به: فأن لا يسمع وفيه بقيَّةٌ من نفسه، فإن كانت فيه بقيَّةٌ قطعها كمالُ

(5)

تعلُّقه بالمسموع، فيكون سماعه بقيُّوميَّته مجرَّدًا

(6)

من التفاته إلى نفسه.

وأمَّا السماع له: فأن يجرِّد النفس في السماع من كلِّ إرادةٍ تزاحم مرادَ الله منه، وبجمعِ قوى سمعِه يحصِّل

(7)

مرادَ الله من المسموع.

وأمَّا السماع فيه: فشأنٌ آخر، وهو تجريد ما لا يليق نسبته إلى الحقِّ من وصفٍ أو سمةٍ أو نعتٍ أو فعلٍ ممَّا هو لائقٌ بكماله، فيثبت له ما يليق بكماله

(1)

غُيِّر في ل إلى: «حِسّ» ، وهو كذلك في مطبوعة «المنازل». وفي «شرح القاساني» (ص 96):«همس» ، وهو بمعناه. والمثبت من سائر النسخ يوافق ما في «شرح التلمساني» (ص 115، 116).

(2)

غُيِّر في ل إلى: «رمز» . وفي ع: «زمن» .

(3)

في جميع النسخ عدا ع: «للربِّ» ، ولعل المثبت أشبه.

(4)

قارن بـ «شرح التلمساني» (ص 115)، فإن المؤلف استقى منه هذه التعلُّقات، إلا أن تفسيره الآتي لها يختلف عن تفسيره.

(5)

م، ج، ن:«حال» ، وكذا كان في سائر النسخ عدا ع ثم أُصلح.

(6)

ل: «متجرِّدًا» .

(7)

ع: «ويجمعَ قوى سمعه على تحصيل» .

ص: 165

من المسموع وينزِّهه عمَّا لا يليق به.

وهذا الموضع لم يتخلَّص فيه إلا الراسخون في العلم والمعرفة بالله، وأضلَّ الله عنه أهلَ التحريف والتعطيل، وأهلَ التشبيه والتمثيل، و {هَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 213].

وأمَّا السماع منه: فإنَّما يتصوَّر بواسطةٍ، فهو سماعٌ مقيَّدٌ. وأمَّا المطلق فلا مطمع فيه في عالم الفناء، إلَّا لمن اختصَّه الله برسالاته وبكلامه، ولكنَّ السماع لكلامه كالسماع منه، فإنَّه كلامه الذي تكلَّم به حقًّا، فمن سمعه فليقدِّر نفسه كأنَّه يسمعه من الله.

هذا هو السماع من الله، لا سماع أربابِ الخيال ودعوى المحال، القائلِ أحدُهم: ناداني في سرِّي، وخاطبني، وقال لي. يا ليت شعري مَن المنادي لك ومَن المخاطِبُ، يا مخدوعُ يا مغرور؟ فما يدريك أنِداءٌ شيطاني أم رحماني؟ وما البرهان على أنَّ المخاطِب لك هو الرحمن؟

نعم، نحن لا ننكر النِّداء والخطاب والحديث، وإنَّما الشأن في المنادي المخاطِب المحدِّث، فهاهنا تسكب العبرات.

وبالجملة فمن قرئ عليه القرآن فليقدِّر نفسَه كأنَّما

(1)

يسمعه من الله يخاطبه به، فإذا حصل له مع ذلك السماع به، وله، وفيه = ازدحمت معاني المسموع ولطائفُه وعجائبه على قلبه وازدلفت إليه بأيِّها يبدأ، فما شئتَ مِن علمٍ وحِكَم، وتعرُّفٍ وبصيرة، وهدايةٍ وعِبرة.

(1)

م: «كأنه» .

ص: 166