الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مأمولًا).
يعني أنَّ الرغبة الحاصلة لأرباب الحال فوق رغبة أصحاب الخبر، لأنّ صاحب الحال كالمضطرِّ إلى رغبته وإرادته، فهو كالفراش الذي إذا رأى النُّور ألقى نفسه فيه ولا يبالي ما أصابه، فرغبته لا تدع من مجهوده مقدورًا له إلَّا بذله، ولا تدع لهمَّته وعزيمته فترةً ولا خمودًا، فهمَّته وعزيمته في مزيدٍ بعدد الأنفاس، ولا تترك في قلبه نصيبًا لغير مقصوده، وذلك لغلبة سلطان الحال.
وصاحب هذه الحال لا يقاومه إلَّا حالٌ مثل حاله أو أقوى منه، ومتى لم تصادفه حالٌ تعارضه فله من النُّفوذ والتأثير بحسب حاله.
قال
(1)
:
(الدرجة الثالثة: رغبة أهل الشُّهود
، وهي تشرُّفٌ تصحبه تقيَّة، وتحمله عليها همَّةٌ نقيَّة، لا تبقى معه من التفرُّق بقيَّة).
يشير الشيخ رحمه الله بذلك إلى حال الفناء التي يحمله عليها همَّةٌ نقيَّةٌ من أدناس الالتفات إلى ما سوى الحقِّ، بحيث لا يبقى معه بقيَّةٌ من تفرقةٍ، بل قد اجتمع شاهده كلُّه وانحصر في مشهوده. وأراد بالشُّهود هاهنا شهود الحقيقة.
وقوله: (تشرُّفٌ) أي استشراف للغيبة في الفناء. ويحتمل أن يريد به تشرُّفًا عن التفاته إلى ما سوى مشهوده.
والتقيَّة التي تصحب هذا التشرُّف يحتمل أن يريد
(2)
التقيَّةَ من إظهار
(1)
«المنازل» (ص 27).
(2)
في ع زيادة: «به» . ومقتضى السياق: «بها» ، وقد وردت فيما بعد، وموقعها هنا ويجوز حذفها فيما يأتي.
الناس على حاله وإطلاعهم عليها صيانةً لها وغيرةً عليها، ويحتمل أن يريد بها
(1)
الحذر من التفاته في شهوده إلى ما سوى حضرة مشهوده، فهو يتَّقي ذلك الالتفات ويحذره كلَّ الحذر.
ثمّ ذكر الحامل له على هذه الرغبة، وهي اللطيفة المدركة المريدة التي قد تطهَّرت قبل وصولها إلى هذه الغاية، وهي: الهمَّة النقيَّة. ولو لم يحصل لها كمال الطهارة لبقيت عليها بقيَّة منها تمنعها من وصولها إلى هذه الدرجة. والله سبحانه وتعالى أعلم.
* * * *
(1)
ع: «به» .