الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: كيف يتأتى ذلك، وحديثُ عبادةَ المتضمنُ لجزمه بأن الحدود كفاراتٌ كان قبل الهجرة قطعًا، وأبو هريرة أسلمَ بعدَ الهجرة بسنين (1)، فكان (2) إسلامه في سنة خيبر بالاتفاق، فكيف يكون حديثه أول؟!!
(ثم ستره الله، فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه): فيه دلالة لمذهب أهل الحق أن من ارتكب كبيرة، ومات ولم يتب منها، لم يتحتم دخوله النار، بل هو إلى مشيئة الله؛ كما ذكر في الحديث.
فإن قلت: ما الحكمةُ في عطف الجملةِ المتضمنةِ للعقوبة على ما قبلها بالفاء، والمتضمنةِ للستر بثم (3)؟
قلت: لعلها التنفير من مواقعة (4) المعصية؛ فإن السامع إذا علم أن العقوبة مفاجئة لإصابة المعصية [غير متراخية عنها، وأن الستر متراخٍ، بعثه ذلك على اجتناب المعصية](5) وتَوَقِّيها (6)، فتأمله.
* * *
باب: من الدِّين الفرارُ من الفتنِ
19 -
(19) - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ
(1) في "ع": "بسنتين".
(2)
في "ن" و "ج": "وكان".
(3)
في "ج": "ثم".
(4)
في "ع": "موافقة".
(5)
ما بين معكوفتين سقط من "ج".
(6)
في "ج": "وتوقها".
الْخُدْرِيِّ: أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِم غَنَمٌ يَتْبَعُ بهَا شَعَفَ الْجبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بدِينهِ مِنَ الْفِتَنِ".
(يوشِك): -بكسر الشين- مضارع أوشك؛ أي: أسرع.
قال أبو علي: ولا يقال: "يوشَك" بفتح الشين (1).
وفي "الصحاح": والعامة يقولون (2): يوشَك -بفتح الشين-، وهي لغة رديئة (3).
(خير مال المسلم (4) غنم): قال ابن مالك: يجوز في "خير" و"غنم" رفعُ أحدهما على أنه اسم يكون، ونصبُ الآخر على أنه خبرها، ويجوز رفعُهما على الابتداء والخبر، والجملة في محل نصب على أنها خبر يكون، واسمُها ضمير الشأن (5).
(يتّبع): بتشديد التاء (6) المثناة من فوق ومع (7) كسر الموحدة وتخفيفها ساكنة مع فتح الموحدة.
(شَعَف): -بشين معجمة وعين مهملة مفتوحتين-: رؤوس الجبال، الواحد شعفة (8)؛ كأَكَمَةٍ وأَكَمٍ.
(1) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (2/ 296).
(2)
"يقولون" ليست في "ن" و "ع" و"ج".
(3)
انظر: "الصحاح"(4/ 1615)، (مادة: وشك).
(4)
في "ج": "مال مسلم".
(5)
انظر: "شواهد التوضيح" لابن مالك (ص: 145).
(6)
"التاء" ليست في "ن".
(7)
في "ن" و "ج": "مع".
(8)
في جميع النسخ عدا "م": "شعف". ووقع "ع": "الواحدة شعفة".
قال الزركشي: ويروى (1): "شعاف" كآكام، قاله ابن (2) السِّيد (3).
واختلف رواة "الموطأ"، فالمشهور من روايتهم:"شَعَف"(4)، كما في البخاري.
وروي عن يحى: "شُعَب" -بالباء-، ومنهم من ضبطه -بضم الشين وفتح العين- جمع شُعبة، وهو (5) ما انفرج بين الجبلين.
قال القاضي: وعند ابن (6) المرابط -بفتح الشين-، وهو وهم.
وعند الطرابلسي: "سَعف" -بالسين المهملة المفتوحة (7) -، قال: وهو أيضًا بعيد، وإنما هو جرائد النخل (8).
وكلامُ الزركشي يؤذن بأن بعض رواة البخاري روى: "شُعَبَ الجبال" جمع شعبة (9)، والقاضي إنما حكى الاختلاف فيه بين رواة "الموطأ".
(يفر): الظاهر أنه جملة حالية من فاعل "يتبع"، وهو الضمير المستكن.
قال ابن المنير: وجه الآية فيه ظهورُ الصدق على ما شاهده الناسُ بعده، ولا يؤيد صدق هذا الحديث إلا وضوحًا.
(1) في "ج": "ويريد".
(2)
"ابن" ليست في "ج".
(3)
انظر: "التنقيح"(1/ 32).
(4)
انظر: "الموطأ"(2/ 970)، وانظر:"التمهيد" لابن عبد البر (19/ 219).
(5)
في "ن": "وهي".
(6)
"ابن" ليست في "ج".
(7)
"المفتوحة" ليست في "ج".
(8)
انظر: "مشارق الأنوار"(2/ 226).
(9)
انظر: "التنقيح"(1/ 32).