الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دارَ أعمال ولا أحكام، وإنما لما عظم الدم لحيلولةِ صفتِه إلى صفةِ ما هو مُستطابٌ معظَّمٌ في العادة، علمنا أن المعتبر الصفاتُ لا الذواتُ.
* * *
باب: البولِ في الماء الدَّائم
183 -
(238) - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو الزِّناَدِ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ".
(أن عبدَ الرحمن بنَ هرمزَ الأعرجَ): الكل بفتحة، لكنها في هرمزَ وحدَه علامةُ الجر؛ لأنه مضاف إليه غيرُ منصرف، وفي البواقي علامةُ (1) النصب.
* * *
184 -
(239) - وَبِإِسْنَادِهِ، قَالَ:"لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِم الَّذِي لَا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ".
(ثم يغتسل فيه): -برفع اللام- هي الرواية الصحيحة.
ومنع القرطبي نصبَه، وذكر أن ثَمَّ من قيده بالجزم، وردَّه بانه لو أريد ذلك، لقيل: ثم لا يغتسلن؛ لأن الأصلَ تساوي الفعلين في النهي عنهما، فتأكيدُ أحدهما بالنون دون الثاني دليلٌ على أنه لم يرد عطفه عليه (2).
(1) في "ع": "علامات".
(2)
انظر: "المفهم" للقرطبي (1/ 541).
وذكر النووي عن شيخه ابن مالك: أنه جوزَ الجزمَ فيه عطفًا على يبولَنَّ، والنصبَ بإضمار "أن" على إعطاء "ثم" حكمَ واو الجمع، واستشكل النووي الثاني: بأن النصبَ يقتضي أن المنهي عنه (1) الجمعُ بينهما، دون إفراد أحدهما، وهو (2) باطل (3).
قال ابن دقيق العيد: وهو ضعيف؛ لأنه ليس فيه أكثر من كون هذا الحديث لا يتناول النهيَ عن البول في الماء الراكد بمفرده، ولا يلزم أن يدل على الأحكام المتعددة بلفظ واحد، فيؤخذ النهيُ عن الجمع من هنا (4)، وعن الإفراد من محل آخر (5).
قال الزركشي: واعلم أنه يحتمل أن يكون أبو هريرة سمع هذا مع ما قبلَه من النبي صلى الله عليه وسلم في نسق واحد، فحدَّث بهما جميعا، ويحتمل أن يكون هَمامٌ فعلَ ذلك، وأنه سمعهما (6) من أبي هريرة، وإلا، فليس في الحديث الأول -يريد:"نحن الآخرون السابقون"- مناسبةٌ للترجمة (7).
قلت: إنما ساق البخاري الحديث من طريق الأعرج عن أبي هريرة، لا من حديث همام، فالاحتمالُ الثاني ساقط.
(1)"عنه" ليست في "ع".
(2)
في "ج": "هو".
(3)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (3/ 187)، و"شواهد التوضيح" لابن مالك (ص: 164).
(4)
في "ج": "هنا قبله".
(5)
انظر: "شرح الإلمام" لابن دقيق (1/ 178).
(6)
في "ع": "سمعه"، وفي "ج":"سمعها".
(7)
انظر: "التنقيح"(1/ 107).
وحاول ابن المنير رحمه الله إبداءَ وجهٍ للمطابقة (1)، على تقدير أن يكون سماع الحديثين مفترقين؛ بأن قال: السرُّ في اجتماع الآخِرِ في الوجود، والسبقِ في البعث لهذه الأمة: أن الدنيا مثلُها للمؤمن (2) مثلُ السجن، وقد أدخل الله الأولين والآخِرين فيه على ترتيب، فمقتضى ذلك: أن الآخر في الدخول هو الأولُ في الخروج؛ كالوعاء إذا (3) ملأته بأشياء وُضع بعضُها فوق بعض، ثم استخرجتَها (4)، فإنما تُخرج أولًا ما أدخلْتَه (5) آخرًا، فهذا هو السر في كون هذه الأمة آخرًا في الوجود الأولِ، وأولَ في الوجود الثاني، ولها في ذلك من المصلحة (6) قلةُ بقائها في سجن الدنيا، وفي إطباق البلاء بما خَصَّها الله به (7) في (8) قِصَر الأعمار (9)، ومن (10) السبقِ إلى المعاد، فإذا فُهمتْ هذه الحقيقةُ، تصور الفَطِنُ معناها عامًّا، فكيف يليق بكيِّسٍ أن يعمد (11) إلى ماء راكدٍ يُطهر النجاسةَ، فيبول فيه، ثم يتوضأ
(1) في "ع": "المطابقة".
(2)
في "ع": "للمؤمنين".
(3)
"إذا" ليست في "ج".
(4)
في "ع" و"ج": "استخرجها".
(5)
في "ج": "أدخله".
(6)
في "ج": "مصلحة".
(7)
"به" ليست في "م".
(8)
في "ن" و "ع": "من".
(9)
في "ج": "الأعمال".
(10)
في "ج": "من".
(11)
"أن يعمد" ليست في "ن".