الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فداروا كما هم): أي: على الحالة التي كانوا عليها، فلم يقطعوا (1) الصلاة، بل أتموها إلى جهة الكعبة، فصلوا صلاة واحدة إلى جهتين (2) بدليلين شرعيين.
فإن قلت: ما وجه قوله: "كما هم" في صناعة الإعراب؟
قلت: الظاهر أن الكاف بمعنى على، وأن "ما (3) " كافة، و"هم" مبتدأ حذف خبره؛ أي: عليه، أو كائنون.
وقد يقال: إن "ما" موصولة، و"هم" مبتدأ حذف خبره؛ أي: عليه، لكن يلزم حذف العائد المجرور مع تخلف شرطه.
وفيه: جواز النسخ بخبر الواحد، وإليه ميل المحققين.
(وكانت اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلي قبل بيت المقدس، وأهلُ الكتاب): برفع أهل عطفًا على اليهود، فيكون من عطف العام على الخاص؛ إذ اليهودُ أهلُ كتاب.
* * *
باب: حُسْنُ إِسلامِ المرءِ
35 -
(41) - قَالَ مَالِكٌ: أَخْبَرَنِي زيدُ بْنُ أَسْلَمَ: أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ، فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ سَيَّئَةٍ كَانَ زَلفَهَا، وَكانَ بَعْدَ
(1) في "ج": "يقطعوها".
(2)
في "ج": "إلى جهة".
(3)
في "ج": "وأما".
ذَلِكَ الْقِصَاصُ: الْحَسَنَةُ بعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبع مِئَةِ ضعْفٍ، وَالسَّيِّئَةُ بمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهَا".
(قال مالك: أخبرني زيد بن أسلم): أخرجه هنا معلقًا، فإن بينه وبين مالك واسطة؛ لأنه لم يسمع منه، وعبر عن ذلك بصيغة لا تقتضي التصريح بالسماع، لكنها (1) تقتضي حكمه بالصحة إلى من علقه عنه، فإنَّ (قال) من صيغ الجزم، ويقع في بعض النسخ وصل ذلك من قبل أبي ذر الهروي (2).
وقد صنف الحافظ العلامة شهابُ الدين ابن حجر -سلمه الله، وجمعَ الشملَ به في خير وعافية- كتابًا وصل (3) فيه معلقات البخاري، وسماه:"تغليق التعليق" ملكته في سفرين، وهو كتاب حافل لم يسبق إليه.
(فحسن إسلامه): أي: أضاف إلى الإيمان حسنَ العمل.
قال الزركشي: وزاد البزار فيه: "إن الكافر إذا حسن إسلامه، يكتب له في الإسلام بكل (4) حسنة عملها في الشرك"، وإنما اختصره البخاري؛ لأن قاعدة الشرع أن المسلم لا يثاب على عمل لم ينو به القُربة، فكيف بالكافر (5)؟
قلت: لا نسلم (6) أن هذا هو الحامل للبخاري على اختصاره،
(1) في "ع": "ولكنها".
(2)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 122).
(3)
في "ج": "أوصل".
(4)
في "ن" و"ع": "كل".
(5)
انظر: "التنقيح"(1/ 40).
(6)
في "ج": "لا يسلم".
ولأن (1) قاعدة الشرع تنافي ما زاده البزار، فإنه قد ثبت في الشرع أن الله تعالى يتفضل على العاجز إذا ترك الأعمال عجزًا بثواب تلك الأفعال (2) التي كان يفعل مثلها وهو قادر، فإذا جاز أن يكتب له ثواب ما لم يعمله ألبتة، جاز أن يكتب له ثواب ما عمله (3) غير مستوفي الشروط.
ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أنه لما أثبت للإسلام صفة الحسن، وهي زائدة عليه، دل على اختلاف أحواله، وإنما تختلف الأحوال بالنسبة إلى الأعمال؛ إذ هي القابلة للزيادة والنقص، وأما التصديق، فلا يقبله، على ما مر. هذا معنى كلام ابن المنير رحمه الله.
(زلَفها): -بفتح اللام مخففة-: جمعها واكتسبها، أو قربها قربةً إلى الله تعالى.
* * *
36 -
(42) - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إِسْلَامَهُ: فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِئَةِ ضعْفٍ، وَكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بمِثْلِهَا".
(هَمَّام): بهاء مفتوحة وميم مشددة.
* * *
(1) في "ن" و"ع": "ولا أن".
(2)
في "ع": "العبادة".
(3)
في "ن" و"ع": "ما كان عمله".