الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
63 -
(72) - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ أَبي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأُتِيَ بجُمَّارٍ، فَقَالَ:"إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً، مَثَلُهَا كمَثَلِ الْمُسْلِم". فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ، فَإِذَا أَناَ أَصْغَرُ الْقَوْمِ، فَسَكَتُّ، قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"هِيَ النَّخْلَةُ".
(بجُمّار): -بجيم مضمومة وميم مشددة-: قلبُ النخلة شحمُها (1).
(مَثَلُها كمَثَل المسلم): تقدم ضبطه.
قال ابن المنير: وفي الحديث أصلٌ كبير يُحتج به للعمل بالقياس، وخصوصًا القياس المشتمل على الشبه الخلقي، فلا (2) مستند في استخراج (3) هذا الجواب إلا قياس الشبه الخلقي مشوبًا بالمعنوي؛ لأن الانتفاع بالمؤمن معنوي، والانتفاع بالنخلة حسي خلقي.
هذا كلامه، وفيه نظر.
* * *
باب: الاِغْتِبَاطِ فِي الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ
وَقَالَ عُمَرُ: تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا.
(باب: الاغتباط في العلم والحكمة): الاغتباط -بغين معجمة-.
(1) في "ن": "شحمتها".
(2)
في "ن": "ولا".
(3)
في "ع" و"ج": "فلا مستند لاستخراج".
(وقال عمر: تفقهوا قبل أن تُسودوا): وذلك لأن من سَوَّده الناس يستحيي (1) أن يقعد مقعدَ المتعلم خوفًا على رئاسته عند العامة.
ووجه مطابقة الترجمة (2): أن في هذه الوصية ما يُحقق (3) استحقاقَ العلم؛ لأن يُغْبَطَ (4) به (5) صاحبُه حيثُ وقع التحذيرُ من أن تكون السيادة مانعًا (6) من طلبه، ومراده: اطلبوا العلم قبل السيادة وبعدها، ولا يكن وجودُها مانعًا كما في الطباع، وتسوَّدوا: تُفَعَّلُوا؛ من ساد يسود.
وحكى الزبيدي في "طبقات النحويين": أن أبا محمد الأعرابي قال لإبراهيم بن الحجاج الثائر بإِشْبيلِيَّةَ: أيها الأمير! ما سَيَّدَتْكَ العربُ (7) إلا بحقِّك (8) -يقولها بالياء-، فلما أُنكر عليه، قال: السواد: السخام، وأصرَّ على أن الصواب معه.
* * *
64 -
(73) - حدثنا الحُمَيْدِيُّ، قالَ: حدَّثنا سُفْيانُ، قالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعيلُ بنُ أبي خَالِدٍ عَلَى غَيْرِ ما حَدَّثَنَاهُ الزُّهرِيُّ، قالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بنَ
(1) في "ج": "يستحي".
(2)
في "ن" و"ع": "ووجه مطابقته للترجمة".
(3)
في "ع": "يتحقق".
(4)
في "ج": "يضبط".
(5)
في "ع": "يغتبط به".
(6)
في "ن" و"ع": "مانعة".
(7)
"العرب" ليست في "ن".
(8)
في "ن" و"ع": "بحق".
أَبي حَازِمٍ، قالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهْوَ يَقْضي بهَا وَيُعَلِّمُهَا".
(لا حسد إلا في اثنتين): قال الزركشي: قيل: أرادَ: الغِبْطَة (1)، وهي: تمني مثلِ ما له من غير زوال النعمة عنه، وهذا هو قضية تبويب البخاري.
وقيل: بل هو على حقيقته، وهو كلام تام (2) قُصد به نفيُ الحسد، أو النهيُ عنه، ثم قال:"إلا في اثنتين"، فأباح هذين، وأخرجَهما من جملة المنهيِّ (3) عنه (4)؛ كما رخص في نوع من الكذب، وإن كانت جملته محظورة، وهو استثناء من غير الجنس على الأول، ومنه على الثاني (5).
قلت: هكذا رأيت في نسختي منه، وهو مشكل؛ فإن الاستثناء متصل على الأول قطعًا؛ لأنه استثناء مفرغ (6) من خبر عام مقدر؛ أي: لا غبطة في شيء من الأشياء إلا في اثنتين، وأما على الثاني: فجعله متصلًا يلزم عليه إباحة الحسد في الاثنتين كما صرح به، والحسدُ الحقيقي -وهو تمني زوالِ نعمة المحسود عنه، وصيرورتها إلى الحاسد- لا يُباح أصلًا، وكيف يُباح تمني زوال نعم (7) الله عن المسلمين القائمين بحق الله فيها (8)؟
(1) في "ن": "بالغبطة".
(2)
في "ع": "عام".
(3)
في "ج": "النهي".
(4)
"عنه" ليست في "ن".
(5)
انظر: "التنقيح"(1/ 58).
(6)
في "ع": "متفرع".
(7)
في "ج": "نعمة".
(8)
في "ج": "فيهما".