الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثانية المعدَّاة، وإن كان عند أهل اللغة في كل من الكلمتين الوجهان (1).
(فاستحيا، فاستحيا الله منه): يجوز أن يكون للمشاكلة (2)، وأن يكون من الاستعارة كما في:"إِنَّ (3) اللهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي (4) إِذَا رَفَعَ العَبْدُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا حَتَّى يَضَعَ فِيهِمَا خَيْرًا"(5).
* * *
باب: قَوْلِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ
"
(رُبَّ مبلَّغ): اسمُ مفعول، فاللام (6) -مفتوحة-، وغلط من كسرها.
(أوعى): صفة لمجرورِ رُبَّ، والعاملُ الذي يتعلق به محذوف؛ أي: يوجد، هذا هو (7) مذهب الأكثرين.
58 -
(67) - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا بشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبي بَكْرَةَ، عَنْ أَبيهِ: ذَكَرَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَأَمْسَكَ إِنْسَانٌ بخِطَامِهِ -أَوْ بزِمَامِهِ-، قَالَ: "أَيُّ يَوْمٍ
(1) انظر: "مشارق الأنوار"(1/ 52).
(2)
في "ن" و"ع": "من المشاكلة".
(3)
"إن" ليست في "ج".
(4)
"يستحيي" ليست في "ج".
(5)
رواه أبو داود (1488)، والترمذي (3556) عن سلمان الفارسي رضي الله عنه دون قوله:"حتى يضع فيهما خيرًا". ورواه مع هذه الزيادة من حديث سلمان: المحاملي في "أماليه"(433)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(8/ 317).
(6)
في "ج": "باللام".
(7)
"هو" ليست في "ن" و"ع".
هَذَا؟ ". فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ، قَالَ: "أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ ". قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: "فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ ". فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بغَيْرِ اسْمهِ، فَقَالَ: "أَلَيْسَ بذِي الْحِجَّةِ؟ ". قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، بَيْنَكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ مِنْهُ".
(بشْر): بكسر الباء وبالشين المعجمة.
(عن أبيه، قال ذكر النبي صلى الله عليه وسلم): الضمير في "قال، وذكر": يعودان على أبي بكرة، والنبيَّ مفعول بذَكَر، فهو منصوب، وذكر جملة حالية من فاعل قال، فيقدر قد؛ مثل:{أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} [النساء: 90]؛ أي: قال أبو بكرة في حال كونه قد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.
(قعد على بعيره): معمول القول، وإنما قعد (1) لحاجته إلى إسماع الناس، والنهي عن اتخاذ ظهورها منابرَ محمولٌ على ما إذا لم تَدْعُ إليه حاجة (2).
(وأمسك إنسان بخِطامه): بكسر الخاء المعجمة.
(أو بزمامه): كلاهما بمعنىً، وإنما شك الراوي في اللفظِ المسموعِ منها.
وفي "الطبراني الأوسط": "عن أُمِّ الحُصَيْنِ، قالت: حججتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجةَ الوداع، فرأيت بلالًا وأسامةَ، و (3) بلالٌ يقود خِطام
(1) في "ج": "يقعد".
(2)
في "ج" و"ع": "الحاجة إليه".
(3)
"الواو" زيادة من "ن" و"ع".
راحلته، والآخرُ رافعًا ثوبَه يستُره (1) من الحر حتى رمى جمرةَ العقبة، ثم انصرفَ، فوقف على الناس، فقال قولًا كثيرًا" الحديث (2).
فيحتمل أن يفسر الإنسان المبهم في البخاري ببلال، وفي النسائي (3): حديث أم الحصين، وفيه التصريح بأن القائد بلال، فتأمله.
(بذي الحِجة): هو في "الصحاح"(4) -بكسر الحاء-، وأباه قوم (5).
وقال القزاز (6): الأشهر فيه الفتح.
(فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام): هذا من باب المقتضى، وذلك أن الذوات لا تحرم، فلا بد من تقدير شيء يصحح الكلام.
قال الزركشي: هو على حذف مضاف (7)؛ أي: سفكَ دمائكم، وأخذَ أموالكم، وثلبَ أعراضكم، فيقدر لكل ما يناسبه (8).
قلت: أولى من تقديره أن يقدر كلمة انتهاك مرة واحدة، والأصل: فإن انتهاك دمائكم وأموالكم وأعراضكم، ولا حاجة إلى تقديره مع كل واحد من هذه الأمور؛ لصحة انسحابه على الجميع (9)، وذلك لأن انتهاك الشيء: تناولُه بغير حق، نص عليه القاضي، مع أن في هذا التقدير
(1) في "ن" و"ع": "يستتر به".
(2)
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(1165)، وفي "المعجم الكبير"(25/ 157).
(3)
رواه النسائي (3060).
(4)
في "ن": "وفي الصحاح".
(5)
انظر: "الصحاح"(1/ 304)، (مادة: حجج).
(6)
في "ع": "الفراء".
(7)
في "ن" و"ج": "المضاف".
(8)
انظر: "التنقيح"(1/ 55).
(9)
في "ج": "الجمع".
غنيةً عما يحتاج إليه الأول، وذلك لأن سفكَ الدم وأخذَ المال وثلبَ العرض إنما يحرم إذا كان بغير حق، فلا بد من تقدير ذلك على الأول، وأما مع تقدير الانتهاك الذي هو (1) مفهومُه: تناولُ الشيء بغير حق، فلا يحتاج إليه.
(كحرمة يومكم هذا): استشكل؛ لأن حرمة الدماء أعظمُ من حرمة حشيش الحرم وقتل صيده، فكيف شبهت بما هو (2) دونها؟
وأجيب: بأن مناط التشبيه ظهورُه عند السامع، وتحريمُ اليوم كان أثبتَ في نفوسهم من حرمة الدماء؛ إذ هي عادةُ سلفهم، وتحريمُ الشرع طارئ، فإنما شبه الشيء بما هو فوقه باعتبار ظهوره عند السامع.
(فإن الشاهد عسى أن يبلغه (3) من هو أوعى له): أي: الحديث (4).
(منه): فيه أنه (5) قد يأتي مَنْ يكون له من الفهم في العلم ما ليس لمن تقدمه، إلا أن ذلك قليل؛ لأن ربَّ للتقليل، وعسى للطَّمَع، لا للتحقيق.
وفيه (6): الأخذ عن حامل العلم، وإن جهل معناه، وهو مأجور في تبليغه، قيل: ويعد من العلماء.
قال ابن المنير: وفيه: أن تفسير الراوي مقبول، وأنه أولى من اجتهاد المتأخر (7)؛ لأنه عليه السلام قلل كونَ المتأخر مرجَّحَ النظر على المتقدم.
(1)"هو" ليست في "ن" و"ع".
(2)
"هو" ليست في "ن".
(3)
في المطبوع من "البخاري": "يبلغ".
(4)
في "ن": "للحديث".
(5)
في "ج": "أن".
(6)
في "ج": "وقيل".
(7)
في "ج": "والمتأخر".