الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: كتابةِ العلم
98 -
(111) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبي جُحَيْفَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ: هَلْ عِنْدكمْ كتَابٌ؟ قَالَ: لَا، إلَّا كِتَابُ اللَّهِ، أَوْ فَهْمٌ أُعْطِيَهُ رَجُل مُسْلِمٌ، أَوْ مَا فِي هَذه الصَّحِيفَةِ. قَالَ: قُلْتُ: فَمَا فِي هَذه الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: الْعَقْلُ، وَفَكَاكُ الأَسِيرِ، وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ.
(أبي جُحيفة): بجيم وحاء مهملة وفاء، مصغّر.
(قلت (1) لعلي: هل عندكم كتاب؟ قال: لا، إلا كتابُ الله، أو فهمٌ أُعطيه رجل مسلم (2)، أو ما في هذه الصحيفة): قال ابن المنير: يعني بالفهم المذكور: التفقه (3)، والاستنباط، والتأويل، وانظر هل يقتضي لفظه أن الفقه كان مكتوبًا أم لا؟
والظاهر أنه كان مكتوبًا عندهم؛ لأن السائل قال له: هل عندكم كتاب؟
فقال: لا كتابَ عندنا إلا كتابُ الله، أو فهمٌ، أو هذه الصحيفة، وكانت فيها أحاديث، فاستثناؤه الفهمَ من الكتاب يدلُّ على أن الفهم الذي (4) هو الفقه كان حينئذٍ كتابًا، وإلا كان استثناء من غير الجنس، وهو (5) خلاف
(1) في "ع": "فقلت".
(2)
"مسلم" ليست في "ج".
(3)
في "ج": "والفقه".
(4)
في "ج": "التي".
(5)
في "ع": "وهذا".
الأصل، لا سيما وقوله: إلا كتابُ الله، أو هذه الصحيفة استثناء من الجنس قطعًا، فالمعطوف بينهما مثلهما، وأيضًا فهو مرفوع، والاستثناء من غير الجنس لا يكون إلا منصوبًا، فيكون ذلك أصلًا في كتابة (1) الفقه.
(قلت: وما في هذه الصحيفة؟): بالواو، وفي رواية: بالفاء.
(فِكاك): بكسر الفاء، وفتحها، وهو (2) أفصح، قاله القزاز (3).
* * *
99 -
(112) - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبي سَلَمَةَ، عَنْ أَبي هُرَيرَةَ: أَنَّ خُزَاعَةَ قتَلُوا رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ -عَامَ فَتْح مَكَّةَ- بِقَتِيلٍ مِنْهُمْ قَتَلُوهُ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَخَطَبَ، فَقَالَ:"إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْقَتْلَ، أَوِ الْفِيلَ -شَكَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ-، وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَالْمُؤْمِنِينَ، أَلَا وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، ولم تَحِل لأَحَدٍ بَعْدِي، أَلَا وَإِنَّهَا حَلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نهارٍ، أَلَا وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ حَرَامٌ، لَا يُخْتَلَى شَوْكهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ سَاقِطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ، فَمَنْ قُتِلَ، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُعْقَلَ، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ الْقَتيلِ". فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالَ: اكْتُبْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ:"اكْتبوا لأَبي فُلَانٍ". فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ: إلَّا الإذْخِرَ يَا رَسُولَ الله؛ فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي بُيُوتنَا وَقُبُورِناَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إلَّا الإذْخِرَ، إلَّا الإذْخِرَ".
(1) في "ع": "كتاب".
(2)
"وهو" ليست في "ن".
(3)
انظر: "التنقيح"(1/ 74).
قَالَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ: يُقَالُ: يُقَادُ بِالْقَافِ، فَقِيلَ لأَبِي عبد الله: أَيُّ شَيْءٍ كتَبَ لَهُ؟ قَالَ: كتَبَ لَهُ هَذِهِ الْخُطْبةَ.
(ابن دُكين): بدال مهملة وكاف، مصغَّر (1).
(أن خزاعة قتلوا رجلًا من بني ليث بقتيل منهم): في "السيرة": أن خراش بن أمية قتل ابن الأثوع (2) الهذلي بقتيل قتل في الجاهلية يقال له: أحمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"يا مَعْشَرَ خُزَاعَةَ! ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ عَنِ القَتْلِ (3)، فَمَنْ قُتِلَ بَعْدَ مَقَامِي هَذَا، فَأَهْلُهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ"(4).
(الفيل أو القتل): وغيره؛ أي: غير أبي نعيم، يقول:"الفيل" -بالفاء- من غير شك، وهذا تصريح من البخاري بأن الجمهور على رواية الفيل -بالفاء-، قيل: وهو الصواب، والمراد بحبس الفيل: حبسُ أهله، أو حبسُه (5) نفسه كما في قضيته المشهورة.
(خلاها)(6): حشيشها اليابس.
(1) في "ج": "مصغرًا".
(2)
في "ج": "الأقرع".
(3)
في "ج": "القتلى".
(4)
انظر: "سيرة ابن هشام"(5/ 76 - 77).
(5)
في "ج": "حبس".
(6)
"خلاها": ليست في نص البخارى هنا. وقد رواه البخاري في كتاب: الحج، في باب: لا ينفر صيد الحرم، رقم: 1833، بلفظ: حَدَّثَنَا مُحَمَدُ بْنُ الْمُثنَّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عباس رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الله حرَّمَ مَكَّةَ، فَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَا تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِي، وإِنَّمَا أُحلَّتْ لِي سَاعَةَ مِنْ نهارٍ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ =
(ساقطتها): لُقَطَتُها.
(إلا لمنشد): لمعرِّفٍ، نشدتُ الضالةَ: طلبتُها، وأَنْشَدْتُها: عَرَّفتها، وسيأتي الكلام في فقهه (1) إن شاء الله تعالى.
(فمن قتل): كذا رواه هنا، قالوا: وهو مختصر، والصواب ما رواه في الديات:"مَنْ (2) قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ"(3) بزيادة: له قتيل (4).
قلت: وهذا صواب بلا شك، كما أن الأول (5) صواب أيضًا، ولا يظهر كون الثانية هي (6) الصواب فقط، وكأنهم فهموا أن قوله:"فهو بخير النظرين" يقضي بخطأ هذه الرواية؛ إذ المقتول لا نظر له.
قلت: وليس بشيء؛ إذ يمكن جعلُ الضمير من قوله: "فهو" عائد إلى الولي المفهوم من السياق فاستقام الكلام، وصحت الروايتان جميعًا، فلله الحمد (7).
= صَيْدُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إلَّا لِمُعَرِّفٍ. وَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إلَّا الإْذخِرَ، لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا. فَقَالَ:"إلَّا الإِذْخِرَ". وَعَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا: لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا؟ هُوَ أَنْ يُنَحِّيَهُ مِنَ الظِّل يَنْزِلُ مَكَانهَ.
(1)
"في فقهه": غير واضح في "م"، وهو هكذا في "ن"، وفي "ع" و"ج":"الكلام فيه".
(2)
"ع": "فمن".
(3)
رواه البخاري (6880) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(4)
"قتيل" ليست في "ع".
(5)
في "ن" و"ع" و"ج": "الأولى".
(6)
في "م" و"ج": "هو".
(7)
في "ن": "والحمد لله".
(إما أن يُعقَل): -بضم أوله وفتح ثالثه-؛ أي: يُدفع عقلُه، وهو الدية.
(وإما أن يقاد): قال الزركشي: أي: يقتل (1).
قلت: لا ينتظم مع قوله: أهل القتيل؛ إذ يصير المعنى: وإما أن يقتل أهل القتيل، وهو باطل، ولعل معنى يقاد: يمكن من القود وهو القتل؛ أي: وإما أن يمكن أهل القتيل من القود (2)، فيستقيم المعنى.
قال السفاقسي: رويناه بالقاف، وهو الظاهر، ومن رواه:"يفادى" -بالفاء والألف-، فليس ببين؛ لأن الفداء والعقل واحد (3).
وفيه: حجة لمن يرى (4) أن ولي القتيل بالخيار، وسيأتي في محله.
(اكتبوا لأبي فلان): هو أبو شاه -بهاء- في الوصل والوقف (5).
(فقال رجل من قريش): هو العباس بن عبد المطلب.
وفي "مصنف ابن أبي شيبة": أن القائل: "إلا (6) الإذخر" اسمه شاه (7).
وفي "أسد الغابة": أن (8) اسمه "مينا" -بميم فمثناة من تحت فنون-،
(1) انظر: "التنقيح"(1/ 75).
(2)
في "ج": "يمكن من القود، وهو القتل؛ أي: وإما أن يمكن أهل القتيل من القول".
(3)
انظر: "التنقيح"(1/ 75).
(4)
في "ن": "لمن يروي".
(5)
"والوقف" ليست في "ن".
(6)
"إلا" ليست في "ن"، وفي "ج":"لا".
(7)
رواه ابن أبي شيبة (36921).
(8)
في "ج": "الغابة اسم كتاب في معرفة الصحابة لابن الأثير أن".
أخرجه أبو موسى، وقال: لعله تصحيف (1).
(إلا الإذْخر): -بكسر الهمزة والخاء المعجمة وسكون الذال معجمة-: حشيشة معروفة (2) طيبة الريح.
* * *
100 -
(113) - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: أَخْبَرَنِي وَهْبُ بْنُ مُنَبِهٍ، عَنْ أَخِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: مَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ أكثَرَ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّي، إلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلَا أكتُبُ.
تَابَعَهُ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحدٌ أكثرُ): الذي يظهر أن "ما" هذه مهملة غير عاملة عمل ليس، وأن "أحدٌ" مبتدأ، و"أكثرُ" صفته (3)، و"من أصحاب النبي (4) " خبره.
قال الزركشي: "أحدٌ" -بالرفع- اسم "ما"(5)، و"أكثر" صفته، ويروى (6) بنصب أكثر (7).
(1) انظر: "أسد الغابة"(5/ 302).
(2)
في "ج": "ومعروفة".
(3)
في "ج": "صفة".
(4)
في "ن" و"ج": زيادة: "صلى الله عليه وسلم".
(5)
في "ن" و"ع": "اسمها".
(6)
في "ن": "وروي".
(7)
انظر: "التنقيح"(1/ 75).
قلت: قوله: اسم ما يقتضي أنها عاملة، وأحدُ الشروط متخلِّف (1)، وهو تأخر (2) الخبر، واغتفارهم (3) لتقدم الظرف، وإنما (4) هو إذا كان معمولًا للخبر لا خبرًا (5)، وأما نصب أكثر، فيحتمل أن يكون حالًا من الضمير المستكن في الظرف المتقدم على بحث فيه، فتأمله.
(إلا ما كان من عبد الله بن عمرو): في إعرابه إشكال، وذلك لأن "ما" عبارة (6) عن المستثنى، وسواء جعلتها موصولة، أو موصوفة، لا يتأتى أن (7) يصير المعنى إلا الحديث الذي كان من ابن عمرو، أو إلا حديثًا كان منه، فإنه أكثر (8) حديثًا عنه مني، ولا يتصور إلا بتكلف (9)، ولو قيل: إلا عبد الله بن عمرو (10)، لم يكن فيه إشكال، فتأمله.
* * *
101 -
(114) - حَدَّثَنَا يحْيىَ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ
(1) في "ج": "مختلف".
(2)
في "ن" و "ع" و"ج": "تأخير".
(3)
في "ع" و"ج": "واعتقادهم".
(4)
في "ن": "إنما".
(5)
في "ن" و"ع": "ولا خبر".
(6)
في "ج": "هو عبارة".
(7)
في "ن" و"ع": "إذا".
(8)
في "ن" و "ع": "فإنه كان أكثر".
(9)
في "ع": "إلا بتكليف".
(10)
في "ع": "عبد الله بن عمر".
عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَجَعُهُ، قَالَ:"ائتوني بِكِتَابٍ أكتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَه". قَالَ عُمَرُ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غلَبَهُ الْوَجَعُ، وَعِنْدَناَ كتَابُ اللَّهِ حَسْبُنَا، فَاخْتَلَفُوا، وَكَثُرَ اللَّغَطُ، قَالَ:"قُومُوا عَنِّي، وَلَا يَنْبَغِي عِنْدِي التَّنَازُعُ". فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ الرَّزَّيةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ كتَابِهِ.
(أكتبْ لكم كتابًا): الفعل مجزوم في جواب الأمر. والكتابُ:
قال الخطابي: يحتمل أن يكون بتعيين الخليفة بعده، أو بما يرفع الخلاف في أحكام الدين (1).
ووجهُ ما فعله عمر: أنه لو نص على كل حكم بعينه؛ لطال، وبطل الاجتهاد، واستوى الناس.
وقيل: إنما كان ذلك اختبارًا للصحابة، فظهر (2) المراد لعمر (3)، وخفي على ابن عباس رضي الله عنه.
(الرزية): قيدها السفاقسي (4) -بالهمز-، ويجوز تركه (5).
(1)"الدين" غير واضحة في "ج"، وانظر:"أعلام الحديث" للخطابي (1/ 217)، و"التنقيح"(1/ 75).
(2)
في "ن": "وظهر".
(3)
في "ع" زيادة "رضي الله عنه".
(4)
في "ع" و"ج": "قيد هذا السفاقسي".
(5)
انظر: "التنقيح"(1/ 76).