الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السرقة، وأصلها: سرقة الإبل، وتطلق على كل خيانة.
* * *
باب: إثم مَنْ كذبَ على النبي صلى الله عليه وسلم
-
94 -
(106) - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: أخبَرَناَ شُعْبةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْصُورٌ، قَالَ: سَمِعْتُ رِبْعِيَّ بْنَ حِراشٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ، فَلْيَلِج النَّارَ".
(رِبعي): بكسر الراء.
(ابن حِراش): بحاء مهملة مكسورة وشين معجمة.
(فليلج النار): من الولوج، ولفظه أمر، ومعناه: الخبر؛ أي: يلج، وقيل: دعاء عليه ثم أخرج مخرج الذم.
* * *
95 -
(107) - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَليدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبةُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أبَيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ: إِنِّي لَا أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كمَا يُحَدِّثُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ؟ قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ، وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ:"مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ، فَلْيتبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".
(أما): هي هنا حرف استفتاح، ولذلك كسرت همزة إِن بعدها في قوله:"إني لم أفارقه".
وفي هذا الباب حديث من ثلاثيات البخاري، وهي أعلى ما عنده فيه.
* * *
96 -
(109) - حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ النبي صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ يَقُلْ عَلَيَّ مَا لَمْ أقَلْ، فَلْيتبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".
(يزيد): علم منقول من مضارع زاد.
(ابن أبي عُبيد): مصغر عبد.
* * *
97 -
(110) - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبي حَصِينٍ، عَنْ أبي صَالحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"تَسَمَّوْا بِاسْمِي، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي، وَمَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ، فَقَدْ رَآنِي؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ فِي صُورتي، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيتبوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".
(أبي حَصِين): بحاء وصاد مهملتين بفتح الأول وكسر الثاني، وهكذا كل كنية، وما كان اسمًا: فحاؤه مضمومة.
(ولا تَكَنَّوْا (1)): [أي: تتكنوا (2) فحذف إحدى التاءين، وقد مر مثله](3).
(بكنيتي): أي: أبي (4) القاسم، وفي المسألة خلاف، بالجواز
(1) كذا: في رواية أبي ذر الهروي والأصيلي وغيرهما، وفي اليونينية:"تكتنوا"، وهي المعتمدة في النص.
(2)
في "ع": "أي لا تتكنوا".
(3)
ما بين معكوفتين سقط من "ن".
(4)
في "ج": "أي إلى أبي".
فقيل (1): مطلقًا، وقيل: بالمنع مطلقًا (2)، وقيل: به في حياته (3).
قال [الباجي: وفقهاء الأمصار على جواز التسمية والتكنية بأبي القاسم، والنهيُ عنه منسوخٌ، ودخل](4) القاضي أبو القاسم بن زيتون على المستنصر بالله سلطان إفريقية، فقال له: لمَ تسمَّيْتَ بأبي القاسم مع صحة حديث: "تَسَمَّوا باسمي ولا تَكَنَّوا بكنيتي"؟
فأجابه بأن قال: إنما تسميت (5) بكنيته صلى الله عليه وسلم، ولم أتكنَّ بها، واستحسنه بعض الشيوخ.
(من كذب علي متعمدًا): المختار أن الكذب عدمُ مطابقة الخبر للواقع، ولا يُشترط في كونه كذبًا تعمُّدُه، والحديث يشهد له؛ لدلالته على انقسام الكذب إلى متعمَّدٍ، وغيره.
(فليتبوأ مقعده من النار): أي: فليتخذه مباءة، وأصله من مباءة الإبل، وهي أَعطانُها، وقد ذهب أبو محمدٍ الجوينيُّ إلى كفر من كذبَ متعمدًا عليه عليه الصلاة والسلام، وغلَّطَه في ذلك الناس، حتى ولدُه إمامُ الحرمين.
وانتصر له ابن المنير بأن خصوصية الوعيد توجب ذلك؛ إذ لو كان
(1) في "ن": "قيل".
(2)
في "ع": "وقيل مطلقًا بالمنع".
(3)
في "ع": "حياته صلى الله عليه وسلم".
(4)
ما بين معكوفتين سقط من "ج".
(5)
في "ج": "سميت".
بمطلق النار؛ لكان كل كاذب (1) كذلك (2) عليه وعلى غيره، فإنما الوعيد بالخلود، ولهذا قال:"فليتبوأ"؛ أي: فليتخذها مباءة ومسكنًا، وذلك هو الخلود.
قلت: لا نسلِّم دلالةَ التبوُّء على الخلود، ولو سلِّم، فلا نسلِّم أن الوعيد بالخلود مقتضٍ (3) للكفر بدليل متعمد القتل الحرام.
قال: وأيضًا: فإن الكاذب عليه في تحليل حرام مثلًا قد (4) استحلَّ ذلك الحرام، وحمل على استحلاله على قطع منه، واستحلال الحرام مطلقًا كفر.
قلت: لا نسلم أن الكذب عليه ملازم لاستحلاله، ولا لاستحلال متعلقه، فقد يكذب عليه في تحليل حرام مثلًا، مع قطعه بأن الكذب عليه حرام، وأن ذلك الحرام ليس بمستحل؛ كما يقدم العصاة (5) من المؤمنين على ارتكاب (6) الكبائرِ مع اعتقادهم لحرمتها (7).
* * *
(1) في "ن": "إذ لو كان بمطلق النار لكل كاذب عليه".
(2)
في "م" و "ن": "لذلك".
(3)
في "ج": "مقتضى".
(4)
في "ع": "فقد".
(5)
في "ع": "تقدم للعصاة".
(6)
في جميع النسخ عدا "ن": "ارتكابهم".
(7)
في "ج": "تحرمها".