الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقه الحياة أو الأحكام:
يستنبط من الآية ما يأتي:
1 -
مشروعيّة الأمان، أي جواز تأمين الحربي إذا طلبه من المسلمين، ليسمع ما يدلّ على صحّة الإسلام، وفي هذا سماحة وتكريم في معاملة الكفار، ودليل على إيثار السّلم.
2 -
يجب علينا تعليم كلّ من التمس منّا تعلّم شيء من أحكام الدّين.
3 -
يجب على الإمام حماية الحربي المستجير، وصون دمه وماله ونفسه من الأذى، ومنع التّعرّض له بأي شيء من ألوان الإيذاء.
4 -
يجب على الإمام تبليغه مأمنه، أي وطنه وبلاده بعد قضاء حاجته، فلا يجوز تمكينه من الإقامة في دار الإسلام إلا بمقدار قضاء حاجته، عملا بالآية:
{فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ}
(1)
، قال العلماء: لا يجوز أن يمكّن من الإقامة في دار الإسلام سنة، ويجوز أن يمكّن من إقامة أربعة أشهر
(2)
.
ونصّ الحنفيّة على أنه يجب على الإمام أن يأمره بالخروج متى انتهت حاجته، وأن يعلمه بأنه إن أقام بعد الأمر بالخروج سنة في دار الإسلام، صار ذميّا مواطنا، وتفرض عليه الجزية
(3)
.
5 -
دلّ قوله تعالى: {ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ} على أن التّقليد في الدّين غير مقبول، وأنه لا بدّ من تكوين الاعتقاد والإيمان بالنّظر والاستدلال، بدليل إمهال الكفار وتأمينه وتبليغه مأمنه لسماع أدلّة الإيمان، فلا بدّ من الحجّة والبرهان.
(1)
أحكام القرآن للجصاص: 84/ 3
(2)
تفسير ابن كثير: 337/ 2
(3)
الجصاص، المرجع السابق.
6 -
قوله تعالى: {حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ} دليل على أن كلام الله عز وجل مسموع عند قراءة القارئ لكلامه. ويدلّ عليه إجماع المسلمين على أنّ القارئ إذا قرأ فاتحة الكتاب أو سورة قالوا: سمعنا كلام الله. لكن ذلك كما قال ابن العربي بواسطة اللغات، وبدلالة الحروف والأصوات، أما القدوس فلا مثل له ولا لكلامه.
واستدلّ المعتزلة بهذه الآية على أنّ كلام الله الذي يسمعه كلّ الناس ليس إلا هذه الحروف والأصوات، وهذه ليست قديمة، فدلّ هذا على أنّ كلام الله محدث مخلوق غير قديم.
وأجابهم الرّازي بأن الذي نسمعه ليس عين كلام الله على مذهبكم، وإنما نسمع حروفا وأصواتا فعلها الإنسان. وهذا لا شكّ حادث، وأما الكلام الأصلي الصادر عن الله فهو قديم قدم الله تعالى.
وهل كلّ أمان من المسلم للحربي نافذ؟ لا شكّ أن أمان السّلطان جائز؛ لأنه قائم للنّظر في مصالح الأمة وأحوالها، نائب عن الجميع في جلب المنافع والمضارّ. وأما أمان غير الخليفة فمختلف في بعض حالاته، فقال الجمهور: يجوز أمان الحرّ والعبد، والكبير والصّبي، والرّجل والمرأة؛
لقوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه أحمد والنسائي وأبو داود عن علي: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم» .
وقال أبو حنيفة: لا أمان للعبد والمرأة والصّبي؛ لأنه لا يسهم لهم في الغنيمة.