الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الإخلال بحرمة المساجد، فقال فيما رواه الطبراني في الكبير عن ابن مسعود وهو ضعيف:«يأتي في آخر الزمان ناس من أمتي، يأتون المساجد، فيقعدون فيها حلقا، ذكرهم الدنيا، وحب الدنيا، لا تجالسوهم، فليس لله بهم حاجة» .
وفي حديث آخر: «الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش»
(1)
.
فقه الحياة أو الأحكام:
استنبط من الآيات ما يأتي:
1 -
لا ثواب للمشركين في الآخرة على أعمال البر التي تصدر عنهم في الدنيا.
2 -
المتصفون بالإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر، والمقيمون الصلاة، والمؤتون الزكاة، والذين لا يخشون أحدا سوى الله، هم الجديرون بعمارة المساجد، وأصحاب هذه الصفات الأربعة هم الذين يعمرون المساجد، وهم أهل الاهتداء إلى الخير والصراط المستقيم.
3 -
دل قوله: {وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ} على أنه ينبغي لمن بنى مسجدا أن يخلص لله في بنائه، وألا يقصد الرياء والسمعة.
والأصح أنه يجوز استخدام الكافر في بناء المساجد، والقيام بأعمال لا ولاية له فيها، كنحت الحجارة والبناء والنجارة، فهذا لا يدخل في المنع المذكور في الآية، إنما المنع موجه إلى الولاية على المساجد والاستقلال بالقيام بمصالحها، مثل تعيينه ناظر المسجد أو ناظر أوقافه. وقيل: إن الكفار ممنوعون من عمارة مساجد المسلمين مطلقا.
ولا مانع أيضا من قيام الكافر ببناء مسجد أو المساهمة في نفقاته، بشرط ألا
(1)
هكذا ذكره الكشاف، والمشهور على الألسنة «الكلام المباح في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب» (كشف الخفا 354/ 1).
يتخذ أداة للضرر، وإلا كان حينئذ كمسجد الضرار. ولكن ليس للكافر ترميم المساجد، حفاظا على تعظيمها، ولأن تطهير المساجد واجب لقوله تعالى:{أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ} والكافر نجس الاعتقاد، لقوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة 28/ 9] ولأنه لا يحترز من النجاسات، فدخوله في المسجد ربما يؤدي إلى تلويثه، فتفسد عبادة المسلمين.
4 -
الترغيب بعمارة المساجد الحسية والمعنوية، كما دلت الآية والأحاديث.
5 -
قال الواحدي: يمنع الكافر من دخول المساجد، وإن دخل بغير إذن مسلم، استحق التعزير، وإن دخل بإذن لم يعزر، والأولى تعظيم المساجد، ومنعهم منها، وقد أنزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفد ثقيف في المسجد، وهم كفار، وشد ثمامة بن أثال الحنفي في سارية من سواري المسجد الحرام، وهو كافر.
6 -
دل قوله: {وَفِي النّارِ هُمْ خالِدُونَ} على أن الكفار مخلدون في النار.
7 -
قوله تعالى في بدء الآية: {إِنَّما يَعْمُرُ} وتعبيره بكلمة {إِنَّما} التي تفيد الحصر، دليل على أن المسجد يجب صونه عن غير العبادة، من فضول الحديث، وإصلاح مهمات الدنيا، وكما أوضحت الأحاديث المتقدمة.
8 -
قال الجصاص: اقتضت الآية منع الكفار من دخول المساجد، ومن بنائها، وتولي مصالحها والقيام بها؛ لانتظام اللفظ -أي العمارة-للأمرين، وهما الدخول والبناء. فإن عمارة المسجد تكون بمعنيين: أحدهما-زيارته والكون فيه، والآخر-ببنائه وتجديد ما استرم منه
(1)
.
9 -
دلت الآية على أن عمارة المسجد لا تكون بالكفر، وإنما تكون بالإيمان والعبادة وأداء الطاعة.
(1)
أحكام القرآن: 87/ 2