الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آجلة، فقال:{فَتَرَبَّصُوا..} . أي فانتظروا العقاب الآتي عاجلا أو آجلا. قال الزمخشري: وهذه آية شديدة، لا ترى أشد منها، كأنها تنعى على الناس ما هم عليه من رخاوة عقد الدين، واضطراب حبل اليقين
(1)
. وقال البيضاوي: وفي الآية تشديد عظيم وقل من يتخلص منه.
ثم قال تعالى: {وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ} أي لا يرشد العصاة الخارجين عن حدود الدين ومقتضى العقل والحكمة أو عن طاعة الله إلى معصيته.
ونظير هذه الآية قوله تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ، أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ، وَيُدْخِلُهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ..} . [المجادلة 22/ 58].
فقه الحياة أو الأحكام:
ظاهر آية: {لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ..} . أنها خطاب لجميع المؤمنين، وهي باقية الحكم إلى يوم القيامة في قطع الولاية بين المؤمنين والكافرين.
وخص الله سبحانه الآباء والإخوة؛ إذ لا قرابة أقرب منها، فنفى الموالاة بينهم كما نفاها بين الناس بقوله تعالى:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ} [المائدة 51/ 5] ليبين أن القرب قرب الأديان، لا قرب الأبدان.
ولم يذكر الأبناء في هذه الآية؛ إذ الأغلب من البشر أن الأبناء هم التبع للآباء.
والإحسان وهبة الأشياء مستثناة من الولاية، بدليل
ما أخرجه البخاري:
(1)
الكشاف: 33/ 2
قالت أسماء: يا رسول الله، إن أمي قدمت علي راغبة، وهي مشركة، أفأصلها؟ قال: صلي أمك».
وقوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ} تفسير لقوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} إما بالمآل وسوء العاقبة، وإما بالأحكام في الدنيا العاجلة، وذلك ظلم، أي وضع الشيء في غير موضعه.
وفي آية: {قُلْ: إِنْ كانَ آباؤُكُمْ..} . دليل على وجوب حب الله ورسوله، ولا خلاف في ذلك بين الأمة، وأن ذلك مقدم على كل محبوب.
ومعنى محبة الله تعالى ومحبة رسوله كما قال الأزهري: طاعته لهما واتباعه أمرهما، قال الله تعالى:{قُلْ: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ، فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} [آل عمران 31/ 3]
(1)
.
ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يطعم أحدكم طعم الإيمان حتى يحب في الله، ويبغض في الله، حتى يحب في الله أبعد الناس، ويبغض في الله أقرب الناس إليه» .
وهذه الآية دليل على فضل الجهاد، وإيثاره على راحة النفس وعلائقها بالأهل والمال. وقال المفسرون: هذه الآية في بيان حال من ترك الهجرة، وآثر البقاء مع الأهل والمال.
(1)
تفسير القرطبي: 60/ 4