الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا وقد شركوكم في الأجر» ثم قرأ: {وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ:}
{لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} الآية.
وأصل الحديث في الصحيحين من حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
وفي رواية أحمد: «حبسهم المرض» .
فقه الحياة أو الأحكام:
أوضحت الآيات إسقاط فرضية الجهاد بسبب العذر عن أصناف ثلاثة من ذوي الأعذار وهم الضعفاء والمرضى والفقراء، وأنه لا حرج ولا إثم على المعذورين بسبب القعود عن الجهاد، وهم قوم عرف عذرهم، كأرباب الزمانة والهرم والعمى والعرج، وأقوام لم يجدوا ما ينفقون.
والجمهور من العلماء على أن من لا يجد ما ينفقه في غزوة: لا يجب عليه الجهاد. وقال المالكية: إذا كانت عادته المسألة، لزمه كالحج، وخرج على العادة؛ لأن حاله إذا لم تتغير، يتوجه الفرض عليه كتوجهه على الواجد المليء.
ودلت الآيات على أصلين عظيمين من أصول الشريعة وهما:
الأصل الأول-سقوط التكليف عن العاجز، لقوله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ} فكل من عجز عن شيء سقط عنه، فتارة إلى بدل هو فعل، وتارة إلى بدل هو غرم، ولا فرق بين العجز من جهة القوة البدنية، أو العجز من جهة المال. ونظير هذه الآية قوله تعالى:{لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها} [البقرة 286/ 2] وقوله: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ، وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ، وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [النور 61/ 24].
الأصل الثاني-الأصل في الإنسان براءة الذمة، أو براءة المتهم حتى تثبت
إدانته، ويعبر عنه بعبارة: الأصل براءة الذمة، وهذا مبدأ البراءة الأصلية.
وذلك لقوله تعالى: {ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} فالأصل في النفس حرمة القتل، والأصل في المال حرمة الأخذ، إلا لدليل ثابت أو لدليل منفصل مستقل.
ولا تكرار بين هؤلاء وبين قوله تعالى سابقا: {وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ} لأن الذين لا يجدون ما ينفقون: هم الفقراء الذين ليس معهم نفقة، وهؤلاء في الآية الأخيرة هم الذين ملكوا قدر النفقة، إلا أنهم لا يجدون المركوب.