المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

المسلمين: عشرة آلاف من أصحابه في المدينة، من المهاجرين والأنصار، - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ١٠

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌كيفية قسمة الغنائم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تكثير المؤمنين ببدر في أعين المشركينوتقليل المشركين في أعين المؤمنين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌ذكر الله والثبات أمام العدو والطاعة وعدم التنازع

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌وأول هذه الآداب والقواعد:

- ‌والأدب الثاني:

- ‌والأدب الثالث:

- ‌والأدب الرابع:

- ‌والأدب الخامس:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تبرؤ الشيطان من الكفار وقت أزمة بدر وحين تهكم المنافقينبالمؤمنين

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (48):

- ‌نزول الآية (49):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إهلاك الكفار المشركين لسوء أعمالهمكإهلاك آل فرعون

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌معاملة من نقض العهد ومن ظهرت منه بوادر النقض

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (55):

- ‌نزول الآية (59):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الإعداد الحربي لقتال الأعداء بحسب الطاقة والاستطاعة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌ المناسبة

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إيثار السّلام وتوحيد الأمة وتحريضها على القتال

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (64):

- ‌نزول الآية (65):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌شرط اتخاذ الأسرى وقبول الفداء منهم وإباحة الانتفاع به

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (67):

- ‌نزول الآية (70):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أصناف المؤمنين في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمقتضى الإيمان والهجرة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (73):

- ‌نزول الآية (75):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌أما المصنف الأول

- ‌وأما الصنف الثاني

- ‌وأما الصنف الثالث

- ‌وأما الصنف الرابع

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة التوبة

- ‌تسميتها:

- ‌السبب في إسقاط التسمية من أولها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌تاريخ نزولها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌أضواء من التاريخ على صلح الحديبية:

- ‌نقض عهود المشركين وإعلان الحرب عليهم والبراءة منهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌فرضية قتال مشركي العرب في أي مكان وجدوا

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مشروعيّة الأمان

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التّفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أسباب البراءة من عهود المشركين وقتالهم

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مصير المشركين إما التوبة وإما القتال

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التحريض على قتال المشركين الناكثين أيمانهم وعهودهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌اختبار المسلمين واتخاذ البطانة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عمارة المساجد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌فضل الإيمان بالله واليوم الآخر والجهاد في سبيل الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌ولاية الآباء والإخوان الكافرين وتفضيل الإيمان والجهاد علىثمانية أشياء

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌سبب نزول الآية: (23)

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌نصر المؤمنين في مواطن كثيرة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌أضواء من التاريخ على وقعة حنين:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تحريم دخول المسجد الحرام على المشركين

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قتال أهل الكتاب

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عقيدة أهل الكتاب (اليهود والنّصارى)

- ‌الإعراب:

- ‌لبلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سيرة الأحبار والرهبان في معاملاتهم مع الناس

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (34):

- ‌نزول الآية: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عدد الشهور في حكم الله وقتال المشركين كافة وتحريم النسيء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التحريض على الجهاد والتحذير من تركهومعجزة الغار في الهجرة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (38):

- ‌نزول الآية (39)

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌النفر للجهاد في سبيل الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تخلف المنافقين عن غزوة تبوك وقضية الإذن لهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الدليل على تخلف المنافقين بغير عذر وخطر خروجهم للقتال

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌انتحال المنافقين أعذارا أخرى للتخلف عن غزوة تبوكوفرحهم عند السيئة التي تصيب المؤمنين وترحهم عند الحسنة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (49):

- ‌نزول الآية (50):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إحباط ثواب المنافقين على نفقاتهم وصلواتهموتعذيبهم في الدنيا والآخرة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حلف المنافقين الأيمان الكاذبة وانتهازهم الفرصة للطعن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مصارف الزكاة الثمانية

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌حدّ الفقر الذي يجوز معه الأخذ:

- ‌هل تعطى الزكاة للكفار وآل البيت

- ‌مقدار ما يعطى للفقير والمسكين:

- ‌نقل الزكاة لفقراء بلد آخر:

- ‌وهل بقي سهم المؤلفة قلوبهم أو نسخ؟ رأيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حكمة الزكاة:

- ‌إيذاء المنافقين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتصحيح مفاهيمهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌بيان أحوال المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوكالإقدام على اليمين الكاذبة، وتخوفهم من نزول القرآن فاضحا لهم،واستهزاؤهم بآيات الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (62):

- ‌نزول الآية (65):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أوصاف المنافقين وجزاؤهم الأخروي

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أوصاف المؤمنين وجزاؤهم الأخروي

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جهاد الكفار والمنافقين وأسبابه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية {يَحْلِفُونَ بِاللهِ}:

- ‌نزول: {وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا}:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌كذب المنافقين وإخلافهم العهد والوعدقصة ثعلبة بن حاطب المزعومة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌وذكر عن ابن عباس في سبب نزول الآية أن ثعلبة بن أبي حاطب أبطأ عنه

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌طعن المنافقين بالمؤمنين وعدم المغفرة لهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌فرح المنافقين المتخلفين عن الجهاد في غزوة تبوك

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌منع المنافقين من الجهاد والمنع من الصلاة على موتاهموالتحذير من الاغترار بأموالهم وأولادهم

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصة حديث الصلاة على عبد الله بن أبي:

- ‌استئذان زعماء المنافقين للتخلف عن الجهادوإقدام المؤمنين عليه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌نفاق الأعراب واستئذانهم للتخلف عن الجهاد

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أصحاب الأعذار المقبولة لعدم الجهاد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الفصل: المسلمين: عشرة آلاف من أصحابه في المدينة، من المهاجرين والأنصار،

المسلمين: عشرة آلاف من أصحابه في المدينة، من المهاجرين والأنصار، وألفان من أهل مكة مسلمة الفتح، وهم الطلقاء.

واستعار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من صفوان بن أمية أدراعا وسلاحا.

ولما رأى المسلمون كثرتهم، وبلوغ عددهم ما لم يبلغه عدد في غزوة سابقة، اغتروا وقال بعضهم: لن نغلب اليوم من قلة.

روى أحمد وأبو داود والترمذي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «خير الصحابة أربعة، وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن تغلب اثنا عشر ألفا من قلة» قيل:

إن القائل: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقيل: أبو بكر رضي الله عنه.

واتكل المسلمون على قوتهم في مبدأ الأمر فانهزموا، ثم لما عدلوا عن غرورهم، وتضرعوا إلى ربهم، كان النصر حليفهم.

‌التفسير والبيان:

لقد نصركم الله أيها المؤمنون في مواقع حربية كثيرة، كبدر والحديبية ومكة وقريظة والنضير، وأنتم قلة وهم كثرة:{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} [آل عمران 123/ 3] حيث كنتم متوكلين على الله، معتمدين على أن النصر من عند الله. والمواطن الكثيرة: غزوات رسول الله، ويقال: إنها ثمانون موطنا، فأعلمهم الله تعالى بأنه هو الذي نصر المؤمنين، إما نصرا كاملا وهو الأكثر، وإما نصرا جزئيا للتربية والتعليم، كما حدث في أحد، حينما خالف جماعة من الصحابة أوامر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فتركوا جبل الرماة، وكما حدث في حنين حينما اعتمدوا على الكثرة العددية، وغاب عنهم أن الله هو الناصر، لا كثرة الجنود، فانهزموا.

وذكر بعضهم أن المواطن أقل من ثمانين، روى أبو يعلى عن جابر أن عدد غزواته صلى الله عليه وآله وسلم إحدى وعشرون، قاتل بنفسه في ثمان: بدر وأحد والأحزاب والمصطلق وخيبر ومكة وحنين والطائف. وبعوثه وسراياه ست وثلاثون.

ص: 158

ثم قال تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ..} . أي ونصركم أيضا في يوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فيه، إذ بلغتم اثني عشر ألفا، وكان الكافرون أربعة آلاف فقط، وقيل: ثمانية آلاف في قول الحسن ومجاهد، فكانت الهزيمة عليكم، لاعتمادكم على أنفسكم، وغروركم بقوتكم، وتركتم اللجوء إلى ربكم واهب النصر، فلم تغن كثرتكم عنكم شيئا من قضاء الله، وضاقت عليكم الأرض بما اتسعت من الخوف، ثم وليتم مدبرين منهزمين.

وذلك أنهم اقتتلوا اقتتالا شديدا، فانهزموا أمام ثقيف وهوازن، إذ كمنت هوازن في وادي حنين، ثم بادروا المسلمين بالقتال، وحملوا حملة رجل واحد، كما أمرهم سيدهم، فولى المسلمون مدبرين،

وثبت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو راكب يومئذ بغلته الشهباء يسوقها إلى نحر العدو، والعباس عمه آخذ بلجامها وبركابها الأيمن، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب آخذ بركابها الأيسر، يثقلانها لئلا تسرع في السير.

وهذا دليل على تناهي شجاعته ورباطة جأشه صلى الله عليه وآله وسلم، وما هي إلا من آيات النبوة، ثم قال:«يا رب ائتني بما وعدتني» .

ثم قال للعباس وكان صيتا: صح بالناس، فنادى الأنصار ثم نادى:

يا أصحاب الشجرة

(1)

، يا أصحاب السمرة، فأجابوه: لبيك لبيك.

ويدعو الرسول المسلمين إلى الرجعة قائلا: «إلى عباد الله، إلي أنا رسول الله» ويقول في تلك الحال:

أنا النبي لا كذب

أنا ابن عبد المطلب

(1)

يعني شجرة بيعة الرضوان التي بايعه المسلمون من المهاجرين والأنصار تحتها، على ألا يفروا عنه.

ص: 159

فتراجع الناس، وثبت معه من أصحابه قريب من مائة، وقيل: ثمانون، ونزلت الملائكة عليهم البياض على خيول بلق، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى قتال المسلمين، فقال:«الآن حمي الوطيس»

(1)

ثم أخذ كفا من تراب، فرماهم به، ثم قال:«اللهم أنجز لي ما وعدتني، انهزموا ورب الكعبة» فانهزموا، قال العباس:

«فما زلت أرى حدهم كليلا، وأمرهم مدبرا» «لكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يركض خلفهم على بغلته» . وتمت هزيمة هوازن، وكانت هذه آخر غزوة ضد المسلمين، انتصر فيها المسلمون، وانهزم فيها العرب.

ولهذا قال تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ..} . أي أفرغ الله طمأنينته وثباته على رسوله، وعلى المؤمنين الذين كانوا معه، وأنزل جنودا لم تروها، وهم الملائكة، كما روي مسلم في صحيحة، لتقوية روح المؤمنين وتثبيتهم، وإضعاف الكافرين بما يقذفون في قلوبهم من الخوف والجبن من حيث لا يرونهم.

إلا أن الملائكة لم تقاتل إلا يوم بدر، روي عن بعض من أسلم بعد حنين أنه قال: أين الخيل البلق، والرجال الذين كانوا عليهم، بيض، ما كان قتلنا إلا بأيديهم؟! وعذب الذين كفروا بسيوفكم بالقتل والسبي والأسر، وذلك هو جزاء الكافرين في الدنيا، ونظير الآية:{قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ} [التوبة 14/ 9].

وكان السبي ستة آلاف رأس، والإبل أربعة وعشرين ألفا، والغنم أكثر من أربعين ألف شاة، وأربعة آلاف أوقية فضة، وكانت تلك أكبر غنيمة غنمها المسلمون.

(1)

يعني: استعرت الحرب، وهي من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي لم يسبق إليه.

ص: 160

وجريا على عادة القرآن في فتح باب الأمل والتوبة أمام الكفار والعصاة، قال تعالى:{ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ، وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي ثم يتوب الله بعد هذا التعذيب الذي حدث في الحرب على من يشاء من الكفار، يعني: ومع كل ما جرى عليهم من الخذلان، فإن الله تعالى قد يتوب على بعضهم، بأن يزيل عن قلبه الكفر، ويخلق فيه الإسلام، كما قال أهل السنة، أو بأن يسلموا ويتوبوا فيقبل الله توبتهم، كما قال المعتزلة.

والله غفور لمن تاب، رحيم بمن آمن وعمل صالحا. وقد تاب الله على بقية هوازن، فأسلموا، وقدموا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مسلمين، ولحقوه وقد قارب مكة عند الجعرانة

(1)

، بعد الوقعة بقريب من عشرين يوما، فعند ذلك خيرهم بين سبيهم وبين أموالهم، فاختاروا سبيهم، وكانوا ستة آلاف أسير، ما بين صبي وامرأة، فرده عليهم، وقسم الأموال بين الغانمين، ونفل أناسا من الطلقاء (أهل مكة) لكي يتألف قلوبهم على الإسلام، فأعطاهم مائة مائة من الإبل، وكان من جملة من أعطى مائة: مالك بن عوف النصري، واستعمله على قومه: هوازن، كما كان.

روى البخاري عن المسور بن مخرمة: «أن ناسا منهم جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبايعوه على الإسلام، وقالوا: يا رسول الله، أنت خير الناس، وأبر الناس، وقد سبي أهلونا، وأولادنا، وأخذت أموالنا، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إن عندي من ترون، إن خير القول أصدقه، اختاروا إما ذراريكم ونساءكم، وإما أموالكم» قالوا: ما كنا نعدل بالأحساب شيئا، فقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال:«هؤلاء جاءونا مسلمين، وإنا خيرناهم بين الذراري والأموال، فلم يعدلوا بالأحساب شيئا، فمن كان بيده شيء، وطابت به نفسه أن يرده فشأنه، ومن لا فليعطنا، وليكن قرضا علينا حتى نصيب شيئا فنعطيه مكانه» قالوا: رضينا وسلمنا.

(1)

الجعرانة: موضع على سبعة أميال من مكة إلى الطائف.

ص: 161