الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إنا لا ندري لعل فيكم من لا يرضى، فمروا عرفاءكم، فليرفعوا ذلك إلينا» فرفعت إليه العرفاء أنهم قد رضوا.
فقه الحياة أو الأحكام:
1 -
الآيات تذكر المؤمنين بنعم الله عليهم، إذ نصرهم في معارك حربية كثيرة، وأن النصر من عند الله، فقد تخطئ الحسابات والاحتمالات، وكثيرا ما تنهزم الكثرة الكاثرة، وتنتصر القلة القليلة، والمعول عليه إنما هو عناية الله بعباده المؤمنين وتأييده لهم، فذلك أقوى تأثيرا من كل القوى العسكرية أو المادية.
2 -
ذكر العلماء أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في هذه الغزوة فيما رواه الشيخان وأبو داود والترمذي عن أبي قتادة وغيره: «من قتل قتيلا له عليه بينة، فله سلبه» وهذا في رأي الشافعية والحنابلة صادر عنه بطريق التبليغ والوحي، فهو حكم دائم لا يحتاج إلى إذن الإمام، وفي رأي الحنفية والمالكية: هذا الحكم صادر عنه صلى الله عليه وآله وسلم بطريق الإمامة والسياسة، فلا يستحق في كل معركة إلا بإذن الإمام، ولا يكون ذلك من الإمام إلا على وجه الاجتهاد. ولم ينقل أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ذلك إلا يوم حنين، وليس في مغازيه كلها.
3 -
في قصة هذه الغزوة استعار النبي صلى الله عليه وآله وسلم من صفوان بن أمية وهو مشرك أدراعا وأسلحة. وهذا يدل على جواز استعارة السلاح، وجواز الاستمتاع بما أستعير إذا كان على المعهود مما يستعار مثله، وجواز استلاف الإمام المال عند الحاجة إلى ذلك ورده إلى صاحبه.
وفي هذه الغزوة أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه أبو داود وصححه الحاكم عن أبي سعيد الخدري «ألا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة» وهو يدل على أن السبي يقطع العصمة.
وفيها أيضا أنه صلى الله عليه وآله وسلم استعان بصفوان في الحرب، وقد قال أبو حنيفة والشافعي: لا بأس بالاستعانة بالمشركين على المشركين، إذا كان حكم الإسلام هو الغالب، وإنما تكره الاستعانة بهم إذا كان حكم الشرك هو الظاهر.
وقال مالك: لم يكن خروج صفوان إلى حنين والطائف بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا أرى أن يستعان بالمشركين على المشركين، إلا أن يكونوا خدما أو نواتية (بحارة).
4 -
أبان الله عز وجل في هذه الآية أن الغلبة إنما تكون بنصر الله لا بالكثرة، فلا يغلبون بكثرتهم، وقد قال:{وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ، فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} [آل عمران 160/ 3]. والنصر عند اشتداد المحنة من أعظم النعم الإلهية، والمحنة هي ما طرأ عليهم من الخوف، حتى لكأنهم لا يجدون في الأرض موضعا يصلح لفرارهم من عدوهم.
5 -
أنزل الله في هذه المعركة ما يسكن قلوب المؤمنين ويذهب خوفهم، حتى اجترؤوا على قتال المشركين بعد أن ولوا، وأنزل ملائكة يقوون المؤمنين بما يلقون في قلوبهم من الخواطر والتثبيت، ويضعضعون الكافرين بالتجبين لهم من حيث لا يرونهم ومن غير قتال؛ لأن الملائكة لم تقاتل إلا يوم بدر.
وروي -كما تقدم-أن رجلا من بني نصر قال للمؤمنين بعد القتال: أين الخيل البلق، والرجال الذين كانوا عليها بيض، ما كنا فيهم إلا كهيئة الشامة، وما كان قتلنا إلا بأيديهم؟! فأخبروا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك، فقال:«تلك الملائكة» .
6 -
عذب الله الكافرين في هذه المعركة بالقتل بأسياف المسلمين، وهو جزاؤهم المستحق في دار الدنيا، ثم تاب الله على من انهزم، فهداه إلى الإسلام، كمالك بن عوف النصري رئيس حنين، ومن أسلم معه من قومه.
والخلاصة: حدثت أمور ثلاثة يوم حنين: إنزال الله السكينة على رسوله