الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرّسل، ومخالفتهم الحقّ، فالظّلم كان من أنفسهم لا من الله تعالى، فاستحقّوا ذلك العذاب.
والهدف من التذكير بهؤلاء الأقوام أن يعرف المنافقون والكفار أنّ سنّة الله في عباده واحدة لا تتغير ولا تتبدل، فإذا ما أصرّوا على كفرهم، فإن العذاب سينزل بهم، لأن ما جرى على النّظير يجري على نظيره، قال تعالى:{أَكُفّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ، أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ} [القمر 43/ 54].
فقه الحياة أو الأحكام:
دلّت الآيات على ما يأتي:
1 -
النّفاق: مرض عضال متأصّل في البشر، وأصحاب ذلك المرض متشابهون في كل عصر وزمان في الأمر بالمنكر والنّهي عن المعروف، وقبض أيديهم وإمساكهم عن الإنفاق في سبيل الله للجهاد، وفيما يجب عليهم من حق.
2 -
للمنافقين عذابان: عذاب في نار جهنم، ونوع آخر من العذاب المقيم الدائم، غير العذاب بالنار والخلود فيها.
3 -
الجزاء من جنس العمل، فقوله تعالى:{نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ} معناه أنهم تركوا أمره وطاعته حتى صار ذلك بمنزلة المنسي، فتركهم من رحمته، وسمّاه باسم الذّنب لمقابلته، لأنه جزاء وعقوبة على الفعل، وهو مجاز كقولهم: الجزاء بالجزاء، وقوله تعالى:{وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها} [الشورى 40/ 42] ونحو ذلك.
4 -
سبب العذاب للكفار والمنافقين واحد في كل العصور: وهو إيثار الدّنيا على الآخرة والاستمتاع بها، وتكذيب الأنبياء والمكر والخديعة والغدر بهم. وقد وعد الله الكفار نار جهنم وعدا كما وعد الذين من قبلهم، لفعلهم أفعال الذين من
قبلهم كالأمر بالمنكر والنّهي عن المعروف. جاء
في الصّحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لتتّبعنّ سنن من قبلكم، شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله، اليهود والنّصارى؟ قال: فمن؟» .
وقال ابن عباس ونحوه عن ابن مسعود: ما أشبه الليلة بالبارحة، هؤلاء بنو إسرائيل، شبّهنا بهم.
5 -
آية {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} دلّت على مشروعية القياس، وإلحاق النظائر والأشباه ببعضها، ويؤيّدها قوله تعالى:{فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ} [الحشر 2/ 59].
6 -
لا ثواب على أعمال الكفار في الآخرة: {أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ} أي بطلت حسناتهم {وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ} فلم يحصلوا على الثواب.
7 -
إن إهلاك الأمم والأقوام الغابرة بسبب كفرهم وتكذيبهم الأنبياء فيه عظة وعبرة للمعتبر من العقلاء.
8 -
لا عقوبة إلا بذنب: {فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ} أي ليهلكهم حتى يبعث إليهم الأنبياء، ويصدر منهم ما يستحقون به العذاب {وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} أي ولكن ظلموا أنفسهم بعد قيام الحجة عليهم.