الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَآخَرِينَ} منصوب بالعطف على {عَدُوَّ اللهِ} أي ترهبون آخرين من دونهم.
البلاغة:
{مِنْ قُوَّةٍ} نكرة تفيد العموم، فتشمل الإعداد المادي بمختلف الأسلحة
المناسبة
للعصر، المتطورة حسبما يوجد لدى العدو، المصنّعة في داخل البلاد الإسلامية، وتشمل أيضا الإعداد المعنوي والروحي من حفز المواهب والقوى وإعداد الجيل إعدادا حربيا، وتسليحه بالعقيدة الإسلامية الحقة، وبالأخلاق الدينية الصالحة، وبغير ذلك لا نصر على العدو.
المفردات اللغوية:
{وَأَعِدُّوا} الإعداد: التهيئة للمستقبل. {لَهُمْ} لقتالهم. {مِنْ قُوَّةٍ}
قال صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثا فيما رواه مسلم: «ألا إن القوة: الرمي» وهي الآن: كل ما يتقوى به في الحرب. {وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ} رباط الخيل: اسم للخيل التي تربط في سبيل الله، فالمراد من رباط الخيل: حبسها واقتناؤها في سبيل الله وإعدادها للجهاد باعتبار أنها كانت في الماضي أداة الحرب المهمة. {تُرْهِبُونَ بِهِ} تخوفون من الإرهاب والترهيب: وهو الإيقاع في الرهبة: وهي الخوف المقترن بالاضطراب.
{عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ} هم في الماضي كفار مكة، والآن: كل من يعادي الإسلام ويتآمر عليه وعلى المسلمين. {وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ} أي غيرهم وهم المنافقون أو اليهود. {يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} جزاؤه إليكم. {وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} لا تنقصون منه شيئا.
المناسبة:
بعد أن أمر الله رسوله بتشريد ناقضي العهد، ونبذ العهد إلى من خاف منه النقض، أمره في هذه الآية بالإعداد لهؤلاء الكفار، وهذا أمر طبيعي يستتبع نقض العهد وقيام حالة الحرب.
التفسير والبيان:
يأمر الله تعالى المؤمنين بإعداد آلات الحرب المناسبة لكل عصر، وإعداد الجيش المقاتل على أرفع المستويات؛ لأن الجيش درع الأمة وحصنها المنيع، وذلك بحسب الطاقة والإمكان والاستطاعة.
فقال: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ..} . أي هيئوا لقتال الأعداء ما أمكنكم من
أنواع القوى المادية والمعنوية المناسبة لكل زمان ومكان، ومن مرابطة الخيول في الثغور والحدود؛ لأنها منفذ الأعداء ومواطن الهجوم على البلاد، وقد كانت الخيول أداة الحرب البرية الرهيبة في الماضي، وما تزال لها أهميتها أحيانا في بعض ظروف الحرب الحاضرة، مثل حال استعمال السلاح الأبيض والتجسس ونقل بعض المؤن والذخيرة في الطرق الجبلية، وإن كان الدور الحاسم اليوم هو لسلاح الطيران، والمدافع، والدبابات، والغواصات البحرية، فصار ذلك هو المتعين إعداده بدلا من الخيول؛ لأن المهم تحقيق الأهداف، وأما الوسائل والآلات فهي التي يجب إعدادها بحسب متطلبات العصر، ويكون المقصود هو إعداد جيش دائم مستعد للدفاع عن البلاد، ويتم ذلك بالمال المخصص لهذه المهمة، ودعمه بالسلاح الذي ينفق عليه من المسلمين بحسب الطاقة. وقد خص الله الخيل بالذكر، وإن كانت داخلة في القوة، تشريفا لها، وتكريما، واعتدادا بأهميتها.
ثم ذكرت الآية سبب الإعداد وهدفه وهو إرهاب عدو الله وعدو المسلمين من الكفار الذين ظهرت عداوتهم كمشركي مكة في الماضي، وإرهاب العدو الخفي الموالي لهؤلاء الأعداء، سواء أكان معلوما لنا أم غير معلوم، بل الله يعلمهم؛ لأنه علام الغيوب. وهذا يشمل اليهود، والمنافقين في الماضي، ومن تظهر عداوته بعدئذ مثل فارس والروم، وسلالاتهم في دول العالم المعاصر.
وبغير الإعداد الملائم للحرب في كل عصر لا يصان السّلام، وصون السّلام عرفا وعادة وعقلا لا يكون إلا بآلات الحرب الحديثة.
وبما أن الإعداد للجهاد لا يتوافر بغير المال، حثّ القرآن على الإنفاق في سبيله، فقال تعالى:{وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ..} . أي أن كل شيء قليل أو كثير تنفقونه في الجهاد في سبيل الله، فإنه يوفى لصاحبه، ويجازى عليه على أتم وجه وأكمله، ولا ينقص منه شيء. جاء
في الحديث الذي رواه أبو داود: أن الدرهم