الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصورة الأولى
فى ذكر الأحوال الجغرافية للمدينة الميمونة
والبلدة الطاهرة وأوضاع أسوارها الجديدة والقديمة: طرزها وهيئاتها ومتانتها.
المدينة المنورة على صاحبها الصلاة والتحية من الممالك المعمورة والبلاد المنتظمة، الثانية فى البلاد الحجازية، ولا يوجد بلد يشبهها من حيث المياه الجارية والرياض المتعددة والأبنية المنتظمة المزينة.
لم يهتم بها فى الزمن الجاهلى، كما ظلت فى صدر الإسلام لفترة طويلة فى حالة خراب، ولكن كلما تقدمت العصور الإسلامية وتجددت وترفت، أنفق السلاطين العظام أموالا زاخرة وبذلوا المساعى الجمة حتى أصبحت مدينة جديرة بمهجر سيد الأنبياء-عليه وعليهم التحايا-وذاع صيتها بذلك.
إن المدينة المذكورة والبلدة الطيبة المباركة تقع فوق واد مسطح مرتفع بين درجة 20،25 دقيقة فى الشمال عرضا وبين درجة 3،37 دقائق فى الشرق طولا، ويحدها من الشمال جبل أحد ومن الشرق جبل الطبرى.
يروى أن عدد سكان المدينة المنورة وضواحيها يبلغ ثلاثين ألف نسمة إلا أنه لم يبق من ذرية الصحابة الكرام اليوم على أصح الروايات إلا رجل وبضع إناث، أما الباقون فقد أتى أجدادهم مجاورين واستوطنوا فى المدينة. لأن حجاج المسلمين يريدون أن ينالوا الأسرار الجليلة التى صدرت فى شفاعة النبى صلى الله عليه وسلم فى حديثه:«ما بين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة»
(1)
(حديث شريف) ويقبلون على زيارة «الروضة المطهرة» قبلة العاشقين والمتضرعين والمتوسلين بغية
(1)
ذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد، باب فيما بين القبر والمنبر:8/ 4 - 9.عن أبى هريرة وأبى سعيد الخدرى، وعزاهما لأحمد بإسناد صحيح. إلا أنه قال: ما بين بيتى ومنبرى .. »،وعزاه لأحمد وأبو يعلى والبزار عن جابر بن عبد الله، وعزاه أيضا للطبرانى عن ابن عمر، ورحاله ثقات.
نيل الشفاعة الموعودة ويدخلون فى «الحجرة المعطرة» حيث يحلو لبعضهم أن يظلوا مجاورين لهذه الأماكن المباركة. وقد بلغ عدد هؤلاء أو الذين تركوا ديارهم مع أولادهم وعيالهم محتاجين الإقامة مجاورين الرسول محبة فيه، بلغ عدد هؤلاء اليوم ألفين أو ثلاثة آلاف شخص
(1)
.وأولاد المجاورين الذين ولدوا وعاشوا فى المدينة الطاهرة، يعدون من أهل البلدة الطيبة، وبهذا يكون أغلب سكان المدينة من ذرية أسلاف المجاورين الذين تكاثروا جيلا بعد جيل وكونوا جماعة كبيرة واشتهر بعضهم بأولاد «برى» كما اشتهر بعضهم بأولاد السمهودى كما اشتهر الآخرون بأسماء أخرى.
إن الذوات الذين عرفوا باسم أولاد «برى» أصلهم من الغرب، وأبناء السمهودى من البلاد المصرية المجاورة، والآخرون ينتمى كل واحد منهم إلى بلد ما. تقع هذه البلدة السعيدة فى الجهة الشمالية الغربية من مكة المكرمة وعلى بعد أربعمائة كيلومتر منها، وعلى بعد مائة كيلومتر من الجانب الشرقى من البحر الأحمر وفى نهاية صحراء عظيمة، وطريقها البرى الواصل إلى مكة المعظمة عبارة عن صحراء رملية وجبال صخرية ووديان قابلة للزراعة.
وهى محاطة بسور على شكل قطع ناقصة وجميلة من جهاتها الأربعة، والجهات الأربعة لهذا السور محاطة بجبال متسلسلة ومحددة، وفى جهتها التى تهب منها رياح السموم قطعة واحدة من صخرة نصبت حولها قلعة قديمة ولكنها متينة تعرف بقلعة «أروج حصار» .
وطول هذا السور «14000 ذراع» تخمينا وارتفاعه عشرون ذراعا وسمكه عشرة أذرع، وأحجاره فى غاية الصلابة والمتانة، وله خمسة أبواب اشتهرت بأسماء: درب المصلى، درب الصغير، درب الشامى، درب السوارقية، درب البقيع.
درب المصلى: ويطلق عليه درب السويقة وباب السوق وباب المصر، وقد كتب
(1)
فى زمن المؤلف.