الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأشياء عندى على طريق الأمانة ولم يبق شيئا سواء أكان فى الحجرة المقدسة أو الخزانة النبوية، وسيق عزيز بن هبازع تحت الحراسة إلى مصر بناء على إخبار بعض الذوات من السادات، وفى أثناء الاستجواب والتعذيب لم يؤخذ منه شئ. مع أنه قد ثبت بأدلة قاطعة أنه استولى على تلك الأشياء الثمينة وبناء على ذلك ظل مسجونا إلى أن توفى.
ومن سنة 824 هـ إلى سنة 860 هـ لم يمد أحد يد الإساءة والعدوان إلى ما أهدى إلى حجرة السعادة من قناديل ذهبية أو فضية، وفى خلال 860 هـ مضى إلى المدينة المنورة شخصان بقصد زيارة المرقد الجليل وهما دبوس بن سعد الحسينى الطفيلى وبرغوث بن ثبير بن جريس الحسينى، إن هذين الخبيثين قد مدا نظرهما بالطمع إلى القناديل المعلقة فى حجرة السعادة، وفى الليلة السابعة والعشرين من ذى الحجة من سنة 860 هـ دخلا فى الدار التى يطلق عليها «دار شباك»
(1)
وعرجا من هناك إلى جدار مسجد السعادة ودخلا من تحت الطنف داخل المسجد الشريف طمعا فى سرقة قناديل قيمة وذلك بأخذ قنديل من بين كل قنديلين، وبما أن القناديل كانت كثيرة ومعلقة ملاصقة بعضها لبعض لم يحس أحد لمدة طويلة أن القناديل سرقت من مسجد السعادة وأخيرا فهم الأمر وقبض على الرجلين وأخذ ما فى أيديهم من قناديل وقتلوهما جزاء وفاقا.
غريبة
عندما سرق برغوث المنحوس قناديل مسجد السعادة هرب إلى ينبع ولما عرف ذلك كتب إلى مديرية ينبع البحر وألقى القبض عليه وألقى فى السجن إن هذا الشخص أليف الشقاوة هرب من سجن ينبع البحر وعاد إلى المدينة وحرص على أن يختفى فى مكان خفى.
إلا أن محل اختفائه أبلغ إلى الحكومة فقبض عليه وأخذت القناديل التى تحت
(1)
إن ساحة سبيل المدرسة الشرقية الملاصقة لباب الرحمة كانت فى ذلك الوقت مكان «دار شباك» وكان هذا المنزل فى اتصال سقف مسجد السعادة وكانت دارا غير مسكونة.
يده ثم أرسل إلى دار البوار، وعندما ألقى السارق المذكور إلى السجن فى المدينة المنورة لاستجوابه سأله أحد المسجونين يا برغوث! بينما نجوت هاربا من سجن ينبع البحر ما سبب مجيئك إلى المدينة؟
فأجابه قائلا فى الواقع هذا سؤال وجيه مع أننى حينما هربت من سجن ينبع البحر وأردت أن ألجأ إلى الجبال كلما اتجهت إلى جهة ما قوبلت بسد حديدى سديد أمامى، كأن هناك من يدفعنى ناحية المدينة المنورة ويشوقنى للذهاب إليها وكلما توجهت ناحية المدينة أحسست فى قلبى انشراحا عجيبا، إننى لم آت هنا طلبا للمدينة ولم أتوجه أبدا ناحية طريق المدينة وللأسف الشديد وجدت نفسى وأنا أجول هنا وهناك، فى داخل حصن المدينة فاضطررت لأن أختفى فى جهة ما وأنا نفسى متحير فى الموضوع. انتهى.
وقد رأى شمس الدين زين الذى أرسل إلى المدينة المنورة من مصر مسندا إليه مهمة إمارة البناء قبل الحريق الثانى أن القناديل الذهبية والفضية قد كثرت فى مسجد السعادة وأن اللصوص يسرقونها كلما وجدوا فرصة سانحة أن يرسل القناديل التى تفيض عن الحاجة إلى مصر القاهرة لتذاب هناك وتضرب سككا لإنفاقها فى تجديد وتعمير مبانى مسجد السعادة وعرض ذلك على السلطان قايتباى المصرى وأعلمه وقد حازت تلك الفكرة من القبول لدى الحكومة المصرية وكتبت إلى والى ولاية المدينة بعمل ما يقتضى إجراؤه ومنها جمع كل ما أهدى إلى حجرة السعادة من الأشياء الثمينة ما عدا الستائر المهداة من قبل الملوك العلية واللوحة المرصعة والمزينة بالجواهر المعلقة على جدار ضريح السعادة وإرسالها إلى خزانة مصر فى سنة (884) هـ.
وأنفق ما ضرب من المسكوكات فى تعمير الأبنية السعيدة، إلا أنهم-فى رأى خالفوا أحكام الشريعة الإسلامية الغراء لأن الإمام السبكى يقول فى كتابه «تنزيل السكينة على قناديل المدينة»:«يجوز إهداء القناديل القيمة إلى حجرة السعادة وتعليقها إلا أن استيلاء الحكومة عليها لصرف قيمتها إلى مسجد السعادة غير جائز» .
يدعى بعض المؤرخين بناء على ما تلقوه من المنابع الموثوقة من الأدلة المروية أنه عندما أخرجت تلك القناديل من خزانة حجرة السعادة قد احتفظ أحد المشايخ من مشايخ الحرم النبوى المرعى الخاطر ببعض تلك المعاليق وأنفقها فى وجوه البر والخير. وبعد عهد شمس بن زمن اتخذ ملوك الزمان مرة عادة إهداء الهدايا إلى حجرة السعادة ومن هذا القبيل ما أرسله إلى المدينة المنورة ناصر بن محمد بن قلاوون المصرى فى زمن سلطنته قنديلا فى غاية الجمال فى الصنع وفى الزينة ليعلق فى وسط قبة حجرة السعادة.
وفعلا علق ذلك القنديل وفق رأى ذلك الملك وتصويبه فى قبة الحجرة المسعودة ثم علق فى مكان مقابل محراب النبى بناء على استئذان شيخ الحرم شاهين جمالى بعد فترة.
كان ذلك القنديل الذى لا مثيل له قد صنع من صلب مذهب مزينا فى غاية الزينة وكتب على أطرافه دائرا ما دار قد جاء بهذا القنديل محمد بن قلاوون وعلقه وكلما أوقد كان يصدر من صقل صنعه نور مشع كأنه مصباح مصنوع من الجوهر وكان يغشى داخل حرم السعادة بأمواج الأنوار.
وإن كانت القناديل التى قدمت بعد ناصر بن قلاوون لا يعرف من أهداها ولا تاريخ إهدائها إلا أنه فى عصر الإمام السمهودى كان فى الحجرة المعطرة ثلاثون قنديلا من ذهب والباقى من الفضة ويبلغ عدد القناديل الكلية إلى ثلاثمائة خمسة وسبعين قنديلا وكان ثقل القناديل الفضية ستة وأربعين ألفا وأربعمائة ألف درهم، وورد فوق هذا فى سنة (867) هـ ذهبا فى ثقل (1155) درهم ذهبا فى ثقل (885) درهم فضة، ومن سنة (862) إلى سنة (869) ذهب فى ثقل (225) درهم وقناديل فضية فى ثقل (1275) درهما كما ورد فى سنة ثمانمائة إحدى وثلاثين (42) درهما ذهبا و (950) درهما من الفضة وبعده بسنة (1155) درهما فضة وفى ثمانمائة ثلاثة وثمانين ورد (20) درهما ذهبا و (1113) درهما
من الفضة وفى سنة ثمانمائة أربع وثمانين أيضا (745) درهما من قنديل فضى وفى ظرف هذه المدة أرسلت (13000) قطعة عملة ذهبية وظل مهدى هذه المبالغ مجهولا فى نظر التاريخ ويا للأسف!! أن أمير المدينة حسن بن الزبير بن المنصور قام فى سنة (901) هـ ضد شريف مكة محمد بن بركات وأعد بعض المجرمين المسلحين فى السادس من ربيع الأول من نفس السنة وفى وقت الظهر دخل الحرم الشريف وقد أعد أدوات الحفر مثل الفأس والمجرفة وكسر باب خزانة حجرة السعادة ونهب جميع تلك الأشياء الثمينة كما أخذ مبلغ (13000) المحفوظ فى الخزانة لصرفه على لوازم مسجد السعادة وانسحب إلى قلعته التى تسمى حصن الأمير ومعه تلك الأموال وأحضر الصياغ من السوق وأذاب جميع القناديل المصنوعة من الذهب والفضة.
وأدخل حسن بن الزبير كثيرا من أراذل الناس فى الحرم الشريف لينهبوا الخزانة النبوية وحملهم ما اغتصبه من القناديل كما حمل حصانين وبغلا بما اغتصبه ولما كان قد بقى تسعة أجولة من الفضة جاء بالحمالين من السوق وحملهم بها، هذا ما يروون.
قد جمع بعد هذا الحادث الحزين كثيرا من الأشياء النفيسة تزيد على العد والإحصاء فى حجرة السعادة وقد ذهب أكثر هذه الأشياء فى فتنة (1099) وذلك بسبب إساءة محافظ جدة فى ذلك الوقت محمد بك أبو الشوارب.
لأن الشريف أحمد بن زيد الذى نال منصب الإمارة الجليلة فى عصر السلطان أحمد خان الثانى ابن السلطان إبراهيم مرض فى سنة (1099) هـ واستدعى أشراف مكة قبل وفاته ووصاهم بأن ينصبوا نائبا له باتفاقهم قبل أن يرد الأمر من السلطان بذلك وأن يبذلوا جهودهم لحفظ حوالى الحجاز وحراسته بهذه الطريقة، ونصب محافظ جدة أبو الشوارب نائبا قبل أن ترد الإرادة السنية من باب السعادة وذلك باتفاق الأشراف ووصية الشريف أحمد بن زيد.
وأخذ-ليس من الشريف الذى بعث الأهالى طلبا إلى باب السعادة يرشحونه
لمنصب الإمارة متحدثين عن صلاحيته واستحقاقه للإمارة وتنصيبه شريفا، بل من خصمه الذى يناصبه العداء وهو الشريف أحمد بن غالب كثيرا من الأموال وقدم بعض ما أخذه من النقود الذهبية لأعيان مصر راجيا منهم أن يعملوا على إرسال الأمر العالى بإمارة الحجاز باسم أحمد بن غالب، وحتى لا يطلع الأشراف على هذا الأمر وكيفية سير الأمور أبرز أمر سلطانى مزيف وهرب الشريف القائم مقام (النائب) إلى اليمن وهكذا قد حصل الشريف أحمد بن غالب على منصب الإمارة قبل أن يرد الأمر السلطانى بذلك وأخذ يمد يده إلى أموال الأهالى بحرص شديد وتكتم فاستولى على جميع أموال التجار من سكان مكة المكرمة المجاورين وقتل كثيرين منهم فأخافهم، أرسل رسله إلى المدينة المنورة واغتصب كثيرا من النقود والمجوهرات عن طريق القرض، ثم هرب إلى البلاد العثمانية حتى ينجو من سطوة السلطان القاهرة.
أخذ الشريف أحمد بن غالب فى هذه الواقعة واغتصب كل ما جمع فى الخزانة النبوية من أشياء غالية نفيسة والمعاليق كلها، إلا أنه لم يستطع أن يمد يده للوحة الكوكب الدرى التى كان قدمها السلطان أحمد خان الثالث ابن السلطان محمد خان الرابع بعد أن نظمها.
إن الجوهر الذى يلمع ليلا والذى يشتهر بالكوكب الدرى ظل ماكثا من سنين طويلة فى الناحية التى تواجه الوجه النبوى الكريم من جدار ضريح السعادة لامع الأنوار فجلبه السلطان المشار إليه إلى خزانته على وجه التبرك وأرسل مكانه لوحة ذات جوهر منير.
كان السلطان أحمد خان الثالث أضاف إلى اللوحة المرصعة قطعة كبيرة من الماس، وكانت هذه القطعة من الماس بشدة لمعانها تملأ الجدار بالنور والضياء ومن هنا أطلق عليها (شب جراغ) أى منير الليل وكانت قد اشتريت فى عصر والد السلطان محمد خان الثالث بخمسين ألف دينار خالص العيار وقد أهداها بعد أن وضعها فوق لوحة ذهبية وزين أطرافها (227) قطعة ذى قيمة من قطع ما سبق
لتعليقها مكان الكوكب الدرى وهو يقول بدلا ما تكون زينة الدنيا الزائلة أى بدلا ما يصنع منها فصا لخاتم يلبسه على إصبع أخرى أن تكون زادا للآخرة وذخيرة عافية وكان قد أرسلها مع حسن باشا الذى كلفه توصيل ميزاب الرحمة وأشياء أخرى لبيت الله.
وأكمل حسن باشا مهمته الخاصة بمكة المعظمة أوصل تلك اللوحة المرصعة نادرة المثال إلى دار الهجرة النبوية ووضعها على جدار المرقد النبوى ساطع الأنوار وقلع الجوهر والكوكب الدرى، الذى اكتسب قيمته بوجوده فى ذلك المحل ذو المكانة العالية واكتسب شرفا بقطع النظر عن قيمته المادية التى لا تدانى اللوحة المشار إليها وحمله إلى باب السعادة وأتى به.
وقد نقل مؤرخو الإسلام كل واحد منهم طريقا خاصا به ولكن أصح الروايات فيما بينهم رواية مؤلف «نزهة الناظرين» إذ قال والكوكب الدرى، قطعة من الماس الفاخرة وأصغر قليلا من بيض الحمام، وتحتها قطعة من الماس الأخرى وإن هذه الأخرى أكبر من الجوهرة التى فوقها، ويقدرون قيمة الكبيرة منها بثمانين ألف قطعة ذهبية.
والآن إذا وقف أمام المصراع الأيمن لباب الشبكة الذى يسمى باب التوبة، نكون قد وجدنا فى مكان يحاذى وجه السعادة.
وكان السلطان مراد بن السلطان أحمد خان بعث مع السلحدار مصطفى باشا فى سنة ألف وأربعين لوحة مزينة، وبما أن هذه اللوحة كانت مزينة بجواهر متنوعة علقت تحت الكوكب الدرى أى على جدار ضريح السعادة، وفى سنة 1154 جاء إلى المدينة مشير جيش بلغراد على بن عبدى باشا وهو أمير حاج لمحمل الشام، وقدم المذكور عدة قطع جواهر مرصعة من جملة غنائم بلغراد إلى حجرة السعادة وعلقوا تلك الجواهر تحت اللوحة التى وردت فى تاريخ 1040.
وكان قد كتب على هذه اللوحة التى وضعت عليها تلك الجواهر أسماء النبى صلى الله عليه وسلم وكريمته فاطمة الزهراء-رضى الله عنها-وأسماء أصحابه الأربع المختارين الشريفة-رضى الله عنهم-.
وإنه مما لا شك فيه أن حجرة سيد الأنبياء-عليه ألمع التحايا-المعطرة من أسباب الاحتشامات الإضافية أى أن المرقد النبوى السعيد ذا نور باهر لا يحتاج إلى تزينه بالذهب والنقود إلا أن غرض المرحوم السلطان الذى اعتاد على الإخلاص أن يوقف إلى الحجرة المعطرة أثرا يكفى ثمنه لتعمير وتجديد مبانى الحرمين الشريفين فلا أحوجنا الله لذلك. انتهى.
وعرض على حجرة السعادة بعد واقعة الشريف أحمد بن غالب من قبل الملوك العثمانيين أيضا هدايا كثيرة وقدمت حتى إن السلطان محمود خان الأول ابن السلطان مصطفى خان الثانى أهدى فى سنة 1162 هـ مائدتين مزينتين بالذهب وعدد من الشمعدانات الذهبية وثريا ذكر شكلها وهيئتها فى الوجهة الحادية عشر والصورة الثالثة منها ثريا لا مثيل لها.
وقد قدم فيما بعد من قبل السلاطين الآخرين كثير من التحف النفيسة النادرة وكثير من ثريات مرصعة ذات سلاسل ذهبية وشمعدانات ذات جواهر وكثير من سلاسل مرصعة لتعليق الثريات فزينت سواء أكان ضريح السعادة أو خزانة حرم
الرسالة حتى صارت فى غاية الروعة وبهذا قد تراكمت فى الحجرة المنورة ذات الفيوضات الباهرة أشياء نفيسة وثمنية أكثر من العصور السابقة.
وكان فى خدمة الحجرة الطاهرة ضابط يسمى «مستلم» مكلف بإنقاذ ما يمكن إنقاذه من النفائس التى سرقت من دار السكينة وقام ذلك الشخص بمهمته وأنقذ بعض ما يمكن إنقاذه، وبعث السلطان محمود رسولا خاصا لجلب ما أضير من قطعتين من الثريا المرصعتين بالزمرد والجوهر إلى إستانبول وبعد تعميرهما أعادهما إلى موقعهما المحترمين كما أرسل معهما ثلاث قطع من الثريا نفيسة من عنده دليلا على مناقبه العالية.
وكانت إحدى الثريتين اللتين بعثهما السلطان محمود بعد صنعها مرصعة بماسة عريضة على مينا زرقاء وبنية ومزينة بالطغراء ذات سلسلة ذهبية وطرة على شكل بيض النعامة والأخرى قد رصعت من قطع الماس فوق الذهب وذات قطع ثلاث من الزمرد وذات طرة لؤلئى وسلسلة ذهبية.
ولها أرضية مصنوعة من قطعة واحدة من زمرد حتى يعلق عليها وأعلاها مرصع بالماس والياقوت على شكل غطاء علبة وذات تعليقه على شكل تاج، وكانت الثالثة على أرضية من مينا بنفسجى وعليها قطع مصنوعة من ماس «روزة» ذات سلسلة ذهبية وطرة لؤلؤية وعلى شكل بيض النعامة.
ولما كانت تلك الثريات غاية فى النفاسة والقيمة استقبلت فى حين وصولها إلى مدينة الرسول بتعظيم كامل وتفخيم وتبجيل وعلقت فى الأماكن المناسبة، كما أهدى فيما بعد السلطان عبد المجيد خان زوجا من شمعدان مرصعتين بالذهب وذات سمات ملكية تليق بالخليفة.
وهذه الأشياء سواء أكانت القناديل والثريات أو ما أرسل من طرف السلطان مراد الرابع والسلطان أحمد خان-عليهم الرحمة والغفران-من القناديل الذهبية والشمعدانات أو ما أرسله السلطان عبد المجيد خان والسلطان الحالى صاحب المفاخر من شمعدانات مرصعة من الذهب والفضة وأشياء أخرى ذات قيمة
موجودة كلها فى الخزانة النبوية، وتوقد بالمناوبة فى الحجرة المعطرة بصاحب الرسالة. وعلى كل حال فقد كتب عن مقدار هذه الأشياء وكميتها، وأنواعها وأجناسها فى صور الوجهة التاسعة كل واحد على حدة.
وإن كان مؤلف «نزهة الناظر» يذكر أن الكوكب الدرى الذى أخذ أهدى إلى شاه إيران وأرسله هذا بدوره بعد مدة إلى حجرة السعادة وفى زماننا تحت قباب مسجد السعادة ستمائة وعشرون قنديلا غير قناديل الحجرة المعطرة، وسلاسل المعلقة منها فى الجهة القبلية من الجدار من فضة خالصة، وما علق منها فى الجهات الأخرى سلاسلها من النحاس الأصفر وبين أعمدة شبكة حجرة السعادة مائة قنديل وستة والقناديل التى فى مواجهة القبر عددها واحد وثلاثون ومرصعة وقد علقت بسلاسل بعضها ذهب خالص والبقية بسلاسل فضية.
وما علق على يمين ويسار السيدة فاطمة-رضى الله عنها-من قناديل ذات سلاسل فضية تدخل هذا الصف.
والشمعدانات الذهبية التى أهديت من قبل والد الخليفة كثير المحامد فى سنة (1274) هـ تدخل كل ليلة قبل صلاة المغرب إلى حجرة السعادة وتوقد مناوبة من قبل شيخ الحرم ونائبه ومدير الخزانة، وينحصر إيقادها فى ليالى الجمع لقضاة المدينة، وتظل تلك الشمعدانات موقدة حتى الصباح فى الوجهة الشريفة وفى وقت السحر تخرج بواسطة الخدم وتوضع فى المخزن الذى يتصل بحجرة الأغوات وغير هذه القناديل كثير من الثريات وسواء أكانت هذه أو بعض القناديل المزينة معلقة فى حرم السعادة وبعضها محفوظة فى المخازن.
وتطلق على الثريات والقناديل المزينة المعلقة فى اصطلاح أهل المدينة (زينة الحرم)،ومن جملة ذلك ما علق فى وسط القباب التى من باب السلام إلى مواجهة السعادة من ثريات، يوقد كل ليلة فى كل ثريا خمس شموع أو قنديل هذه قاعدة متبعة. وقد زين مسجد السعادة فى صورة كاملة وذلك بتعليق ثريا ذات أربعين شمعة فى قبة المحراب العثمانى وفى أسفل منها ثريا ذات ثلاثين
شمعة وفى محاذاة المواجهة الشريفة وفى جهة قدم السعادة ثريات متعددة من الفضة والفوانيس، وفى الساحة الخالية بين باب فاطمة وحجرة الأغوات وفى الروضة المطهرة ولا سيما جهة محراب النبى ومن باب السلام إلى باب الرحمة قد علقت كثير من الثريات البلورية والفوانيس، وكل هذه الثريات ذات شموع وإن كان بعضها أكبر من الأخرى إلا أن الثريا التى وضعت فى نقطة قريبة من قبر فاطمة-رضى الله عنها-لامع الأنوار أكبر الثريات جميعا لها أمكنة لوضع سبعين شمعة، وإن كان هناك شمعدانان من ثريا مذهبين إلا أن إيقادهما وتسريجهما كان يقتصر على ليالى المواسم والأعياد.
ومن باب السلام إلى المئذنة الرئيسية ومنها إلى مئذنتى المجيدية والعزيزية ومن هذه المآذن إلى القباب الموجودة إلى باب السلام قناديل معلقة بسلاسل فضية وتحت العقود التى تتصل دائرا ما دار بالساحة الرملية قناديل ذات سلاسل من النحاس الأصفر التى كانت قبل ذلك من الفضة ولكن بعضها سرقت من مؤخر حرم السعادة فنقلت البقية من السلاسل الفضية المعلقة إلى الخزانة النبوية وعلقت مكانها سلاسل من النحاس الأصفر.
ويبلغ عدد القناديل التى توقد سواء أكان فى الأماكن التى ذكرت أو فى داخل الأبواب وخارجها إلى ستمائة وأربعين قنديلا وتوقد فى ثلاثمائة منها الشموع وتسرج بقيتها بزيت زيتون، أما الفوانيس التى ركزت على السور الخشبى الذى بين حدود الحرم الشريف وشموع المحاريب الشريفة والشموع الخاصة بقراءة أجزاء القرآن فى الروضة المطهرة وقناديل الحجرة المعطرة والقناديل التى توقد فى ليالى رمضان والمواسم وفى الليالى التى تصل المحامل فيها إلى المدينة والقناديل التى توقد حتى الصباح فوق المآذن يصل عددها إلى ثمانمائة قنديل وهو خارج هذا الحساب.