المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الصورة الثامنةفى ذكر وبيان المقام واجب الاحترام الذى يطلق عليه «الصفة» - موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - جـ ٣

[أيوب صبري باشا]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌الصورة الأولىفى ذكر الأحوال الجغرافية للمدينة الميمونة

- ‌إخطار

- ‌الصورة الثانيةوجوب مراعاة حق جيران رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الصورة الثالثةفى ذكر وبيان كيفية دفن من أدركه الأجل فى المدينة الطاهرة

- ‌منظومة

- ‌الصورة الرابعةتوضح وتبين كيف يستقبل شهر رمضان الشريف-مظهر الغفران-من قبلأطفال المدينة وكيف يكون رمضان فى مدينة طيبة

- ‌مطالعة

- ‌صورة أداء صلاة التراويح:

- ‌سبب إقامة موكب الشموع:

- ‌الصورة الخامسةفى بيان ترتيب وتشكيل موكب الشموع الذى اعتيد إجراؤه فى مسجد السعادةبعد صلاة التراويح

- ‌الصورة السادسةفى تعريف طريقة أداء صلاة الفجر وصلاة العيد فى شهر رمضان

- ‌صورة أداء صلاة الفجر:

- ‌صورة أداء صلاة العيد:

- ‌الصورة السابعةفى تعريف الهيئة الكاملة لمسجد السعادة فى الوقت الحالى

- ‌الصورة الثامنةفى بيان وذكر أبواب حجرة السعادة المعطرة أبوابها وقناديلها وشمعداناتها

- ‌سبب وتاريخ استخدام الأغوات فى الحجرة المنيفة

- ‌تعريف مقدار خدمة الفراشة الشريفة الجليلة:

- ‌مقام أبى بكر وعمر رضى الله عنهما:

- ‌صورة غسل حجرة السعادة

- ‌الخدمة الدائمة للخدم:

- ‌تأديب الأغوات المتهمين:

- ‌إخطار

- ‌صورة تسكين الأغوات:

- ‌خدمات خدم مسجد السعادة الدائمة والمؤقتة:

- ‌الخطباء والأئمة فى الحرم النبوى الشريف

- ‌مكبرو الحرم الشريف

- ‌سقاء والحرم الشريف

- ‌استطراد

- ‌الوجهة الثانيةوتعرف حكم شد الرحال إلى المدينة بغرض زيارة مسجد الرسولصلى الله عليه وسلم

- ‌الصورة الأولىذكر الأحاديث الشريفة التى وردت بخصوص شد الرحال لزيارة مسجدالرسول صلى الله عليه وسلم وآراء الفقهاء العظام

- ‌إخطار

- ‌نصيحة

- ‌الصورة الثانيةفى ذكر وبيان فضائل المسجد النبوى الشريف والمنبر اللطيف والروضة النبويةالمنيفة

- ‌رواية

- ‌إخطار مهم

- ‌إخطار

- ‌بيان المصلى النبوى وبيان حدوده

- ‌الوجهة الثالثةتحتوى على ثلاث صور فى تعريف أسماء المدينة الطاهرة وفضائلها

- ‌الصورة الأولىفى بيان أسماء المدينة المنورة الجميلة وألقابها الجليلة

- ‌حرف الهمزة:

- ‌1 - أثرب:

- ‌2 و 3 - أرض الله، أرض الهجرة:

- ‌4 و 5 - أكالة البلدان [ز]،أكالة القرى [ز]:

- ‌6 - الإيمان [ز]

- ‌حرف الباء:

- ‌7 و 8 - البارة [ز]

- ‌9 و 10 و 11 - ومن أسمائها الشريفة بحره، بُحيرة، بَحيرة

- ‌12 - بلاط [ز]:

- ‌13 - بلد [ز]:

- ‌14 - بيت الرسول، صلى الله عليه وسلم [ز]:

- ‌حرف التاء:

- ‌16،15 - تندر [ز] تيدر [ز]:

- ‌حرف الجيم:

- ‌20،19،18،17 - جابرة [ز] جبار، جبابرة [ز] جبّارة:

- ‌21 - جزيرة العرب [ز]:

- ‌حرف الحاء:

- ‌23 - الحبيبة:

- ‌24 - حرم:

- ‌26،25 - حرم رسول الله [ز]،حسنة:

- ‌حرف الخاء:

- ‌28،27 - خيره، خيره:

- ‌حرف الدال:

- ‌37،36،35،34،33،32،31،30،29 - الدار [ز] دار الأبرار، دارالأخيار [ز] دار الإيمان [ز] دار السلام [ز] دار السنة [ز] دار السلامة [ز] دارالفتح [ز] دار الهجرة:

- ‌38 - درع، الحصينة [ز]:

- ‌حرف الذال:

- ‌39 - ذات الحجر [ز]:

- ‌40 - ذات الحرار [ز]:

- ‌41 - ذات النخل [ز]:

- ‌حرف السين:

- ‌42 - سلق:

- ‌43 - و 44 سلق وسلق

- ‌45 - سيدة البلاد [ز]:

- ‌46 - شافية [ز]:

- ‌حرف الطاء:

- ‌50،49،48،47 - طابه، طيبه، طيبة، طائب [ز]:

- ‌كما أن مطيبه (51) وطبابا (52) من أسماء المدينة

- ‌حرف الظاء:

- ‌54،53 - ظيابا [ز] ظبابا:

- ‌حرف العين:

- ‌55 - عاصمة:

- ‌56 - عذراء:

- ‌57 - عراء [ز]:

- ‌حرف الغين:

- ‌60،59 - غراء [ز]:غالبه [ز]:

- ‌حرف الفاء:

- ‌61 - فاضحة [ز]

- ‌حرف القاف:

- ‌62 - قاصمة [ز]:

- ‌67،66،65.64،63 - قرية [ز] قرية الأنصار [ز] قبة الإسلام، قريةالرسول، قلب الإيمان [ز]

- ‌حرف الميم:

- ‌68 - مؤمنة [ز]:

- ‌69 - 103 مباركة [ز]

- ‌حرف النون:

- ‌106،105،104 - ناجية [ز] نبلاء [ز] نجر [ز]

- ‌حرف الهاء:

- ‌108،107 - هرزاء [ز] هز:

- ‌حرف الياء:

- ‌111،110،109 - يثرب، يندد [ز]:

- ‌الصورة الثانيةفى ذكر الروايات التى نقلت من الآثار الموثوقة والأخبار الصحيحة فى فضلورجحان المدينة المنورة على سائر الممالك

- ‌الصورة الثالثةفى ذكر الأحاديث الشريفة التى وردت فى حق الذين اختاروا الإقامة فىالمدينة الطاهرة والذين أحدثوا البدعة والمبدعين والذين يعاونونهم

- ‌الوجهة الرابعةتشمل خمس صور تفصل أوائل حال المدينة المنورة وسكانها القدماء

- ‌الصورة الأولىفى ذكر أحوال المدينة الأولى وأطوار سكانها القدماء وأحوالهم

- ‌الصورة الثانيةفى ذكر القبائل التى كانت فى أرض يثرب وقت أن هاجر إليها الأوسوالخزرج بن ثعلبة

- ‌سبب ظهور وقعة مالك بن عجلان وصورة ظهورها:

- ‌الصورة الثالثةفى ذكر بيان القرى والمحال التى أسسها أفراد قبائل بنى الأوس حول المدينة

- ‌الصورة الرابعةفى تعريف ووصف القرى والمنازل التى سكنها بعد تهيئتها أبناء قبائل الخزرجوجماعاتها فى جوار مدينة الرسول

- ‌الصورة الخامسةفى تعريف رؤية الملاحم التى ظهرت قبل الإسلام بين قبائل الأنصار الكريمةوالمعارك المشهورة

- ‌رواية

- ‌الوجهة الخامسةوتشمل ثلاث صور تعين إرسال مصعب ابن عمير إلى يثرب

- ‌الصورة الأولىفى ذكر بيعة السابقين من الأنصار للإسلام وفى دعوة مصعب بن عمير أهلالمدينة إلى الإسلام

- ‌حكمة

- ‌سبب كون النبى صلى الله عليه وسلم أنصاريا من الخزرج:

- ‌الصورة الثانيةفى هجرة النبى صلى الله عليه وسلم إلى دار الأمن المدينة المنورة

- ‌عربى

- ‌رواية

- ‌إخطار

- ‌ المعجزة

- ‌مسألة

- ‌إخطار

- ‌الصورة الثالثةفى بيان وقائع سنين الهجرة وتفصيلاتها الإجمالية

- ‌السنة الأولى للهجرة

- ‌سنة الأذان المحمدى:

- ‌أصول التسبيح فوق المآذن:

- ‌السنة الثانية للهجرة

- ‌السنة الثالثة الهجرية

- ‌ السنة الرابعة الهجرية

- ‌السنة الخامسة الهجرية

- ‌السنة السادسة الهجرية

- ‌السنة السابعة الهجرية

- ‌السنة الثامنة الهجرية

- ‌السنة التاسعة الهجرية

- ‌السنة العاشرة الهجرية

- ‌السنة الحادية عشرة الهجرية

- ‌الوجهة السادسةوتشتمل على إحدى عشرة صورة تعرف بالتفصيل توسيع وتجديد المسجدالشريف ودار فاطمة رضى الله عنها السعيدة

- ‌الصورة الأولىفى ذكر صورة طرح وتأسيس مسجد السعادة على صاحبه أفضل التحية

- ‌استطراد

- ‌ حديقة أولاد صفى

- ‌رأى ومطالعة

- ‌إخطار

- ‌الصورة الثانيةتبين توسيع مسجد السعادة وتحويل المحراب الشريف

- ‌إخطار

- ‌الصورة الثالثةفى ذكر الأماكن السعيدة التى صلى فيها من المسجد الشريف إمام محرابالملكوت-عليه السلام

- ‌مؤسس محراب مسجد السعادة:

- ‌نظم

- ‌الصورة الرابعةفى تعريف جزعة مسجد السعادة والمحل القديم لمحراب النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌إخطار

- ‌تنبيه

- ‌نعت شريف

- ‌الصورة الخامسةتبين سبب تأسيس منبر مسجد النبى وصورته وجزع ونحيب النخلة

- ‌مثنوى

- ‌استطراد

- ‌مثنوى

- ‌‌‌مثنوى

- ‌مثنوى

- ‌حكاية

- ‌استطراد

- ‌الصورة السادسةفى ذكر عدد المرات التى جدد فيها منبر السعادة وعدد المرات التى عمر

- ‌إخطار

- ‌الصورة السابعةفى بيان الأساطين التى ركزت فى مسجد السعادة فى عصر النبى السامى صلى الله عليه وسلم

- ‌كانت الأساطين الأصلية لمسجد السعادة ثمانية أعمدة موزونة متساوية، وقدزيد مؤخرا عدد أساطين المسجد الشريف المنيفة

- ‌1 - الأسطوانة المخلقة:

- ‌2 - أسطوانة عائشة:

- ‌3 - أسطوانة التوبة:

- ‌4 - أسطوانة السرير:

- ‌5 - أسطوانة المحرس:

- ‌6 - أسطوانة الوفود:

- ‌إخطار

- ‌7 - أسطوانة مربعة القبر:

- ‌8 - أسطوانة التهجد:

- ‌9 - محراب باب الجنائز:

- ‌الأبيات التى سطرت على الأساطين الأربع من الصف الأول:

- ‌الأسطوانة الأولى

- ‌الأسطوانة الثانية

- ‌الأسطوانة الثالثة

- ‌الأسطوانة الرابعة

- ‌الأسطوانة الخامسة

- ‌الأسطوانة السادسة

- ‌الأسطوانة السابعة

- ‌الأسطوانة الثامنة

- ‌الأسطوانة التاسعة

- ‌الأسطوانة العاشرة

- ‌الأسطوانة الحادية عشرة

- ‌الأسطوانة الثانية عشرة

- ‌استطراد

- ‌الصورة الثامنةفى ذكر وبيان المقام واجب الاحترام الذى يطلق عليه «الصفّة»

- ‌استطراد

- ‌أصحاب الصفة الذين أورد أبو نعيم أسماءهم الجميلة ومناقبهم الجليلة منبين هؤلاء:

- ‌كيفية إعاشة أصحاب الصفة:

- ‌الصورة التاسعةفى تعريف الحجرة النبوية المعطرة

- ‌حكاية

- ‌حكاية أخرى

- ‌الصورة العاشرةفى تعريف دار فاطمة-رضى الله عنها-السعيدة

- ‌الصورة الحادية عشرةفى تعريف كيفية إغلاق الأبواب التى تواجه مسجد النبى فى عصر السعادة

- ‌الوجهة السابعةتجمع خمس صور تبين وتظهر عدد المرات التى جددت فيها حدود المسجدالنبوى

- ‌الصورة الأولىفى ذكر توسيع مسجد الرسول لأول مرة

- ‌الصورة الثانيةفى ذكر كيفية تجديد مسجد السعادة وتوسيعه للمرة الثانية

- ‌مقصورة مسجد السعادة

- ‌الصورة الثالثةفى ذكر كيفية تجديد مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وتوسيعه للمرة الثالثة

- ‌مطالعة

- ‌صورة أداء صلاة الجنازة فى مسجد السعادة وسبب منعه

- ‌استطراد

- ‌موازنة تاريخية

- ‌الصورة الرابعةفى تعريف تجديد مسجد السعادة وكيفية توسيعه للمرة الرابعة

- ‌إخطار

- ‌الصورة الخامسةفى تعريف الحجرة المعطرة والقبور الثلاثة المنورة

- ‌الشكل الأولقبر النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌الشكل الثانىقبر النبى صلى الله عليه وسلم/قبر عمر بن الخطاب رضى الله عنهقبر أبى بكر الصديق رضى الله عنه

- ‌الشكل الثالثقبر النبى صلى الله عليه وسلم/قبر أبى بكر الصديق رضى الله عنهقبر عمر بن الخطاب رضى الله عنه

- ‌الهيئة المرئية للقبور الثلاث المقدسة فوق الأرض:

- ‌شبكة قبر السعادة

- ‌رواية

- ‌الوجهة الثامنةوتحتوى على تسع صور وتشمل تفصيلاتعن علامات رأس النبى الشريف ومقام جبريل الأمين السامى

- ‌الصورة الأولىفى ذكر علامة الجهةالتى يوجد فيها رأس الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌إخطار

- ‌الصورة الثانيةترى وتعرف علامة جهة وجه النبى اللطيف

- ‌الصورة الثالثةفى تعريف مقام جبريل الأمين وتعيينه

- ‌الصورة الرابعةفرش حجرة السعادة وتعميرها وتجديدها

- ‌ذيل

- ‌حكاية

- ‌الصورة الخامسةفى تعريف ستارة الحجرة المعطرة

- ‌أصول تعليق ستارة قبر السعادة وتجديدها

- ‌الصورة السادسةفى تعريف صورة تخليق(1)حجرة السعادة

- ‌الصورة السابعةفى بيان وتعريف قناديل الحجرة الشريفة

- ‌غريبة

- ‌الصورة الثامنةفى تعريف الشبكة الشريفة التى تحيط بالحجرة المعطرة ودار فاطمة-رضى اللهعنها-السعيدة

- ‌ القصيدة

- ‌ القطعة

- ‌الصورة التاسعةفى ذكر قبة حجرة السعادة

- ‌الوجهة التاسعةوتحتوى على ثمانى صور

- ‌الصورة الأولىفى تعريف المصاحف الشريفة والأجزاء القرآنية اللطيفة وكتب الأدعيةالموجودة فى الخزينة النبوية

- ‌أجزاء القرآن الشريفة:

- ‌الدلائل(1)الشريفة

- ‌الصورة الثانيةفى تعريف وذكر وتفصيل جنس الأشياء النفيسة ومقدار الأشياء المحفوظة فىداخل حجرة السعادة المشحونة بالنور

- ‌عدد

- ‌الأشياء المتنوعة

- ‌عدد

- ‌عدد

- ‌عدد

- ‌الصورة الثالثةفى ذكر وبيان جنس ومقدار الأشياء التى تبرع بها والتى علقت فى داخلالحجرة المعطرة التى تعدل الجنة

- ‌الصورة الرابعةفى ذكر وتعريف أطقم البخور والسكات من الفضة والذهب والمحفوظة فىداخل الحجرة المعطرة والتى تخرج كلما اقتضت الحاجة إليها

- ‌الصورة الخامسةفى ذكر تفصيل الشمعدانات والأشياء الأخرى المحفوظة فى داخل حجرةالسعادة جنسها ومقدارها والتى تستخدم كلما دعت الحاجة إلى استعمالها

- ‌الصورة السادسةفى تعريف الأشياء الفضية النفيسة-جنسها ومقدارها-المحفوظة فى خزينةالحجرة المعطرة الجليلة

- ‌الصورة السابعةفى تعريف وتفصيل الستائر والأغطية التى تغطى أبواب حجرة السعادةوالمقامات المنيفة الأخرى مقدارها وأنواعها

- ‌الصورة الثامنةتبين وتعرض الشمعدانات والتعليقات والثريات

- ‌خلاصة

- ‌مسألة

- ‌إخطار

- ‌قطعة

الفصل: ‌الصورة الثامنةفى ذكر وبيان المقام واجب الاحترام الذى يطلق عليه «الصفة»

‌الصورة الثامنة

فى ذكر وبيان المقام واجب الاحترام الذى يطلق عليه «الصفّة»

وأين تقع هذه الصفة فى مسجد السعادة ومما تتكون ومن هم الأشخاص الذين يطلق عليهم «أصحاب الصفّة» .

كانت الصفة الشريفة التى كانت محل إقامة أصحاب الصفة بناء على تحقيق المرحوم القاضى عياض وروايته فى نهاية مسجد المدينة السعيد الشمالى، وكان الصحابة الفقراء الذين يردوا إلى المدينة المنورة المهجر النبوى يسكنون فى الصفة الشريفة، وكانوا يعبدون الله ليلا ونهارا، لما كانت الصلاة تؤدى فى اتجاه البيت المقدس كان محراب المسجد الشريف مكان الصفة المسعودة، وبعد أن تحولت القبلة إلى مكة المعظمة أصبح ذلك المكان وقفا لإقامة المهاجرين الغرباء، وبما أنه بعد تحويل القبلة لم يبق فى ذلك المكان محراب مخصوص فعقب تحويل القبلة صنع فى ذلك المكان مظلة لإقامة الأصحاب الغرباء واعتاد بناء على ذلك أن يقيم فى هذه المظلة من لا مأوى ولا سكن ولا عيال ولا أولاد لهم.

وكما أوضحنا فى الصورة الأولى من الوجهة السادسة عند ما تكاثر المهاجرون الكرام الذين لا صلة لهم بأهالى المدينة رأى النبى صلى الله عليه وسلم الذى يطيب خاطر أمته أن يؤوى هؤلاء الضعفاء فى هذا المكان المبارك ويحدثهم ويخفف عنهم كربهم ويرفع من معنوياتهم إلى أعلى مكانة، ولما زاد إحسان النبى صلى الله عليه وسلم لمهاجرى دار ضيافة المدينة ولسكان الصفة المباركة ساعة بعد ساعة حتى تمنى أهالى المدينة وأغنياء المهاجرين أن يكونوا من أصحاب الصفة، وأخذ فقراء المدينة يداومون على الإقامة مع أهل الصفة حتى يشاركوا أهل الصفة فيما يتناولونه من آيات الغفران، وهكذا عدوا من أصحاب الصفة وبناء على ذلك كان العبيد الذين يحررهم النبى صلى الله عليه وسلم ويعتقهم والذين كانوا يفتخرون بخدمة النبى يصرون على ألا ينفصلوا عن قرب النبى لأجل ذلك يفضلون أن يصبحوا من أصحاب الصفة كما كان يعد

ص: 247

أقرباء سلطان الدين والسادات والأنصار والمهاجرون وأشخاص آخرون أن يجلسوا ويحادثوا أصحاب الصفة من أقصى آمالهم، وبهذا أدخلوا ضمن الجماعة السعيدة من أصحاب الصفة وعدوا منهم.

وكان فقر أصحاب الصفة وشدة حاجاتهم فى حالة تجل عن الوصف، وبناء على ما يرويه الصحابى أبو هريرة كان بينهم بعض الأشخاص الذين كادوا أن يكونوا عراة من شدة حاجتهم وإنهم استطاعوا أن يتداركوا بعد آلاف المشقات والصعوبة قطعة من قماش لا تكاد تستر محال عوراتهم، ولم تكن قطعة القماش التى اتخذوها ملابس على طول واحد إذ كان بعضها أميل إلى الطول وكان بعضها قصير، وكانوا يسترون بها ما تحت خصورهم، وكان الذين لهم أقمشة قصيرة يغطون بها جسمهم من خصورها إلى ركبهم فقط ومن كان قطع أقمشتهم أطول كانوا يغطون إلى سيقانهم، وكان أداء الصلاة بهذه الحالة وفقا للآداب الشرعية يكاد أن يكون مستحيلا لأجل ذلك كانوا يدخلون قطع القماش ما بين سيقانهم بصعوبة كالإزار وبهذا ينقذون صلواتهم من الكراهة وبعد أداء الصلاة كانوا يلفون بهذه الأقمشة خصورهم.

وكانت أقوات أصحاب الصفة اليومية من الأشياء الرخيصة مثل البلح، إلا أنهم عند ما تقوم الحروب كانوا يشاركون فيها غالبا وكانوا يقاتلون فى منتهى الشجاعة.

قال أحد فضلاء الأصحاب وهو فضالة بن عبد الله: كنت أصلى يوما فى زاوية من الزوايا الشمالية من المسجد، وفجأة قام أصحاب الصفة على أرجلهم ووقفوا وقفة الاحترام والتعظيم وفى سكوت تام، إذ كان سلطان عرش الدين- عليه صلوات الله المعين قد شرف المكان، وقال فريد العالم صلى الله عليه وسلم فى أثناء تقربه من صفوف أهل الصفة، «لو وقفتم على مدى حب الله لكم لتمنيتم أن تزدادوا فقرا وحاجة» .

وكان أصحاب الصفة فى غاية الفقر وكانوا فى حاجة إلى نصف لقمة من الخبز ومن هنا كان معدن السخاء-عليه وعلى آله أصفى التحايا-يطعمهم صباحا

ص: 248

ومساءا وكان الأصحاب الأغنياء يمتثلون لأوامر النبى صلى الله عليه وسلم التى يطيعها العالم كله ويصحبون معهم اثنين أو ثلاثة من هؤلاء إلى منازلهم لإطعامهم كل على قدر ثروته.

وإن كان ما يرويه حضرة فضالة كافيا لإيضاح مدى فقر أصحاب الصفة وشدة جوعهم وشدة تحملهم للحاجة والفقر إلا أن أبا هريرة بما أنه كان معينا للاطلاع على أحوالهم وشئونهم من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لذا فهو يعرف أحوالهم أكثر من الأصحاب الآخرين.

يتفضل حضرة أبو هريرة قائلا: «رأيت أن بين رفقائى سبعين نفرا كانوا عراة تمام العرى إذ لم يكن معهم إزار أو رداء وإن كان بعضهم قد وجد قطعة من القماش وستروا أماكن عوراتهم إلا أن أكثرهم لم يستطيعوا العثور على قطعة قماش قديمة فغطوا أمامهم بأيديهم وستروا عوراتهم بهذا الشكل.

أقسم بالله الذى لا إله غيره-تعالى شأنه عما يقولون-إننى لم أستطع أن أتحمل يوما الجوع وأسندت بطنى على الأرض متصورا أنه يساعدنى على الصبر والتحمل ومع مرور الزمن اشتد جوعى وزاد اضطراب جسمى فالتقطت من الأرض حجرا وشددت به بطنى، كان غرضى أن أجد حلا للجوع وقد وصلت حالتى لدرجة أنى يئست من الحياة، وخرجت إلى الطريق لعلى أجد أحدا من أهل المروءة يمر من الطريق، وبعد وقت قصير ظهر الصديق الأكبر وبعده ظهر الواقف على أسرار البشر، ونظر إلى بابتسامة تبعث الحياة وأجال نظره ثم قال:

«تعال يا أبا هريرة» فمشيت خلفه ودخلت بيته بعد الاستئذان ووجد قدحا من اللبن وسأل عن الذى أتى بهذا اللبن فقيل له إن أحد خدم الحرم أهداه وقدمه، ثم توجه إلى بالحديث قائلا:«إن هذا اللبن من حق أصحاب الصفة! اذهب وائت بجميع إخوانك إلى هنا، إنكم ضيوف المسلمين الأعزاء والمحترمين؛ إنكم لا تملكون أهلا ولا عيالا ولا أموالا وليس لكم مأوى ولا مسكن!» وكان جوعى قد تجاوز حده ورأيت اللبن فى القدح قليلا ومن هنا قلت يا رسول الله كيف يشبع قدح من اللبن هؤلاء! إنهم سبعون رجلا بالتمام والكمال وأردت بهذا أن

ص: 249

أشير إلى عدم كفاية اللبن، إلا أننى قد أخذت منه الجواب المعجز إذ قال:«ما عليك إلا أن تأتى بهم فالله-سبحانه وتعالى-ينعم بالبركة للبن» فذهبت إلى أصحاب الصفة وسحبتهم خلفى حتى عفرت وجهى بتراب أرجل الرسول صلى الله عليه وسلم وشربنا من ذلك اللبن حتى شبعت بطوننا وقدح اللبن ينتقل من يد إلى يد ولم تنقص قطرة من لبن القدح، إلا أننا لم نستطع أن نشرب أكثر مما شربنا وقد شبعنا إلى درجة أنه بعد أن شربنا بحرص الجائع أصبحنا نتنفس بصعوبة.

يفهم من تعريف أبى هريرة هذا أن فقر أصحاب الصفة وشدة حاجتهم لم يكونا ينقصان من قدرهم لدى النبى صلى الله عليه وسلم بل كان يزيد قدرهم عنده كلما زاد فقرهم وحاجتهم وكلما كان حامى دين الإسلام-عليه الصلاة والسلام-يشرف مسجد السعادة كان يلاطف المشار إليهم ويطيب خاطرهم بالحديث إليهم وعقب الصلوات كان يستدعى كل واحد منهم على حدة إلى مجلسه مجلس الملائكة ويستفسر عن أحوالهم.

فى الوقت الذى أخذت القبائل ترسل سفراءها لغرض قبول الإسلام، وعندما كثر القرشيون فى المدينة دار السكينة متحيرين بين قبول الإسلام ورده، حسد أشراف قريش ما يظهره النبى صلى الله عليه وسلم نحو أهل الصفة من آيات المودة وأخذوا يتقولون فى طرد المشار إليهم من المجلس النبوى وإبعادهم منه، حتى إن الأقرع بن حابس التميمى وعيينة بن حصن الفزارى والآخرين نالوا شرف حضور المجلس النبوى ورأوا أن ثلاثين من أصحاب بدر الفقراء يحيطون بالنبى صلى الله عليه وسلم كهالة القمر فأخذتهم العزة والغرور بالإثم وخرجوا عن شعورهم ووعيهم وقالوا: «يا رسول الله أبعد عن مجلسك العالى ابن مسعود، وبلال الحبشى ومقداد بن الأسود وسلمان الفارسى وصهيب بن سنان الربيعى وأمثالهم من الغرباء! إننا من العظماء الذين يرعى جانبهم بين الأقوام القرشية فيجب رعاية جانبنا، نحن نتحادث مع ذاتك الكريمة ونستفسر عن الإسلام ونستمع إلى الأحاديث والقرآن، إن الوفود العربية تأتى وتذهب بكثرة ويروننا بين أسافل الناس، وإن هذه الحالة تجلب لنا العار!! إننا ذوو قدر وتوقير بين الناس، فإذا ما

ص: 250