الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصورة الرابعة
فرش حجرة السعادة وتعميرها وتجديدها
كان فى الزمن القديم حجر ألصق بالجدار القريب بمربع القبر الجليل، ويروى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان كلما زار دار فاطمة-رضى الله عنها-كان يصلى بجانب ذلك الحجر نظير الجوهرة، وعلى قول آخر أن أمنا فاطمة-رضى الله عنها-كانت تؤدى الصلوات الخمسة بجانب ذلك الحجر.
ويروى أن ذلك الموقع اللطيف هو المكان المنيف الذى ولد فيه السبطان المحترمان. وبناء على ذلك كلما أحس الحسين بن عبد الله بجسمه بمرض أو وجع كان يذهب ويحك محل الوجع بذلك الحجر ويحظى بالبرء والشفاء عقب ذلك، ولكن لشدة الأسف عندما فرش داخل الحجرة المعطرة بالرخام ضاع ذلك الحجر ولم يعثر عليه بعد، وفى الأوائل لم يكن فى داخل أو خارج حجرة السعادة فرش رخامى؛ وفى سنة (232) هـ وفى عصر المتوكل بالله العباسى فرش داخل الحجرة الشريفة وخارجها بالرخام من قبل إسحاق بن سلمة من كبار معماريى ذلك العصر، وفى سنة 584 هـ جدد حجرة السعادة قرب الحريق الأول فى غاية الرصانة والزينة.
ومد جمال الدين المشار إليه حول أطراف الحجرة المقدسة الأربعة جدار فى ارتفاع قامة إنسان من الرخام، ولم يمس أية جهة من الحجرة أحد إلا أنها جددت فى سنة (881) هـ
(1)
وسنة (887) هـ
(2)
مرتين على صورة مطلوبة.
وكان الفرش الرخامى سواء أكان فى داخل حجرة السعادة أو خارجها أو الأماكن الأخرى من المسجد الشريف كل هذا فرش بعد الحريق الثانى؛ ولم يكن إلى ذلك الحريق فرش رخامى فى غير مكان المحراب العثمانى، والآن الفرش
(1)
كان قبل الحريق الأول.
(2)
كان بعد الحريق الثانى وجدد من قبل الأشرف قايتباى المصرى.
الرخامى على يمينه ويساره، وحولت جميع الأماكن التى بين مآذن الركن الشرقى والغربى والأعمدة التى حول باب السلام والمنبر المنيف والحجرة اللطيفة ومحفل المؤذن إلى أعمدة رخامية، فى أزمنة الظاهر جقمق والسلطان قايتباى المصرى، وإن كان داخل الحجرة المعطرة فى عهد قايتباى المصرى قد فرش بالرخام إلا أن السلطان مراد الرابع قد بدل جميع قطع الرخام تلك بالقيشانى وجدد السلطان عبد الحميد جميع قطع القيشانى التى فرشها السلطان مراد مزينة بقطع أخرى بشكل أجمل.
ينقل عن أحد الذوات الذين قاموا بأنفسهم بتعمير الحرم النبوى الشريف فى العمارة الأخيرة-إذ كان من موظفى الحرم النبوى الشريف-هذه الحكاية الغريبة: «لما كان السلطان عبد المجيد خان-عليه الرحمة والغفران-قد أرسل جميع الأشياء اللازمة لفرش حجرة السعادة من باب السعادة وأمر بأن تفرش هذه الأشياء من قبل الأشخاص الذين كسبوا احترام الأرض والذين عرفوا بينهم بالزهد والتقوى ومن هنا فرشها الأشخاص الذين عرفوا بشدة تدينهم وبسماتهم الفاضلة من بين آل المدينة إذ كان اثنان أو ثلاثة منهم يدخلونها مناوبة» .
قال راوى هذه الحكاية الغريبة: «قمت أنا أيضا بهذه الخدمة المقدسة، وكنت يوما عجزت عن أن أضع إحدى قطع القيشانى فى مكانها، فأتيت بشمعة وعاينت مكانها، فرأيت أن قطعة القيشانى مزينة مجلاة وكانت خالية من العيوب، فقلبت ظهرها فوجدت أنها محلاة ومصقلة مثل وجهها وقد سطرت فى وسطها عبارة» المست عبد المجيد؛ «فنظرت إلى القطعة فكانت كتلك التى افتقدتها» .
ألا فلينل الله-سبحانه وتعالى-شفاعة الحبيب الأكرم ذلك السلطان المشار إليه، وإن كانت تلك الحكاية صحيحة يفهم منها مدى حب الملوك العثمانيين لسلطان الأنبياء-عليه أفضل التحايا-ولا سيما السلطان عبد المجيد خان-جعل الله مثواه الجنة-ومدى إخلاصهم فى هذا الحب، من تلك الحكاية الغريبة.