الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العالية التى كانت بجانب عتبة المنزل الذى انتقل إلى ملكية عبد الله بن عمر، وقال المؤرخون الذين ادعوا هذا أن تلك الأسطوانة كانت مربعة الشكل تابعة للمنزل الذى يعرف فيما بعد بدار عبد الله بن عبد الله والذى يعرف فى زماننا بدار العشرة واشتهرت باسم أسطوانة المعمار.
صورة أداء صلاة الجنازة فى مسجد السعادة وسبب منعه
بعد ما أتم عمر بن عبد العزيز بناء مسجد السعادة على أكمل وجه، عين حارسا حتى يحافظ على نظافة المسجد الدائمة وأمره بألا يدخل الجنازات فى داخل المسجد ومن وقتها كانت صلوات الجنازات تؤدى خارج المسجد وإن كان هناك من اعترض على ذلك وخالفوا الأوامر إلا أن من كان يدخل جنازته إلى داخل المسجد تخرج إلى خارجه، وكان الذين يلحون على إبقاء جنازتهم داخل المسجد يضربون ويهانون، وظهر هذا النظام فى عصر الوليد بن عبد الملك وصلاة الجنائز إلى ذلك التاريخ كانت تؤدى فى داخل المسجد الشريف، وكانت صلوات بعض الذوات الذين توفوا فى عصر السعادة تؤدى أمام الحجرة النبوية ومن هنا كان أهل المدينة يضيقون بهذا المنع، لأن عمر الفاروق صلى على جنازة الصديق كما صلى حضرة صهيب على جنازة عمر الفاروق أمام المنبر المنير، كما أن جنازات بعض الصحابة أدخلت إلى داخل المسجد للصلاة عليها.
وإن كانوا فى ذلك الوقت قد التزموا جانب عدم إدخال الجنازة إلى مسجد السعادة؛ حتى إن بعض الصحابة أرادوا أن يعترضوا على طلب زوجة الرسول عائشة-رضى الله عنها-قائلة لابد أن تؤدى صلاة جنازة سعد بن أبى وقاص فى داخل المسجد أولا أنها قالت عجبا لكم! ما أسرع ما نسيتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد صلى على جنازتى سهل بن بيضاء، وعقب ذلك على أخيه فى داخل المسجد الشريف وأخجلت بهذا العتاب الذين يتحدثون بدون تفكير، ولما كان أهل المدينة واقفين على هذه الدقائق تمام الوقوف فلم يستحسنوا قانون المنع الذى وضع من أجل الجنازات.
ومع مرور الأيام لم يبق حكم لهذا المنع وقرر أن تصلى على جنازات السادات العلوية والأشراف فى داخل الروضة المطهرة وعلى جنازات العامة خلف الجدار الشرقى للمسجد الشريف وأموات خاصة الناس تؤخذ داخل الحرم ثم قرر أن يصلى على جميع جنازات المسلمين داخل المسجد الشريف فى الروضة المقدسة ما عدا جنازات طوائف الخوارج
(1)
ومازال هذا النظام ذو المحاسن الشاملة باق.
فتؤخذ جنائز من مات فى المدينة داخل الروضة المطهرة وتصلى عليها صلاة الجنازة إذا لم يكن الميت من طائفة الخوارج.
وإن كان هذا النظام قد اتخذ صيانة لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أن رجل الميت الذى سيصلى عليه ستوجه ناحية الرأس النبوى الشريف فهذا مناف للآداب الإسلامية، ولأجل ذلك كان بعض الذوات من علماء المدينة يوصون بأداء صلاة الجنائز فى موضع الجنائز وكان سبب منع أداء صلاة الجنازة لعمر بن عبد العزيز فى داخل المسجد هذه الفكرة وكأنه كان ينبئ إلى رعاية النعش النبوى العالى، وكما لم يكن فى عصر النبوة مكانا خاصا لأداء صلاة الجنازة كان النبى صلى الله عليه وسلم يعود الذين يحتضرون وبعد وفاتهم يعود إلى مسجد السعادة ثم يذهب ويؤدى صلاة جنازاتهم.
وقد رأى الأصحاب الكرام فيما بعد أن هذا الأمر شاق على النبى صلى الله عليه وسلم فوضعوا نظام الصلاة على الموتى فى موضع الجنائز بعد الاستئذان من النبى صلى الله عليه وسلم.
وفى إستانبول يطلق موضع الجنائز على المكان الذى يسمى بمصلى وكان موضع الجنائز فى عصر السعادة فى مكان بين نخلتين كائن فى الجهة الشرقية من مسجد السعادة ولما رأى عمر بن عبد العزيز أن أداء صلاة الجنائز فى الروضة المطهرة إساءة إلى النبى صلى الله عليه وسلم، اشترى المكان المذكور من أصحابه وقطع أشجار النخيل وألمح إلى أنه يجب أن تؤدى صلاة الجنائز فى هذا المكان والذين لا يقبلون هذا الأمر كان يزجرهم ويهددهم بالضرب والإهانة.
(1)
الذى منع إدخال جنازات الخوارج فى داخل المسجد هو طاهر جقمق المصرى.
وصلى إمام محراب الدين-صلى الله عليه وسلم-فى هذا المكان كثيرا من صلوات الجنائز وأصبح فى حكم العادة بين الأصحاب أن تؤدى صلاة الجنازة فى الموضع المذكور قرب وفاة سعد بن أبى وقاص.
وبما أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى نادرا صلاة الجنائز فى داخل مسجد السعادة بناء على الواقع الذى أخطرت به السيدة عائشة، أجاز أئمة المذاهب الثلاثة الصلاة على الجنائز فى داخل المسجد كما بينه ابن حجر بعد التدقيق، وإن كان أئمة الحنفية يعترضون على ذلك إلا أنهم يجيزون تقليد أئمة المذاهب الثلاثة بشرط أداء صلاة الجنائز فى الحرمين فقط،وبناء على هذا يؤتى بالجنائز داخل مسجد السعادة ويصلى عليها فى المحراب العثمانى ثم تمرر من داخل الروضة المطهرة وتدفن فى القبر الذى فى البقيع الشريف، كما أن أموات الغرباء تغسل وتجهز وتكفن فى مكان يسمى شر شورة وتصلى على جنازاتهم خارج المسجد وفى جهة باب جبريل ثم تدفن فى البقيع.
ولكن جنائز الخوارج لا يصلى عليها فى المصلى، إنما يصلى عليها فى خارج المدينة فى مكان خاص بهم بواسطة جماعاتهم وبما أنه لا يشاركهم فى ذلك شخص غريب عنهم فلا يطلع أحد من غيرهم على كيفية الصلاة والتكفين والدفن.
اللائحة: قال علماء المذهب الحنفى كما ذكر آنفا بما أن المساجد قد بنيت لأداء الصلوات الخمس من هنا يلزم أداء صلاة الجنائز خارجها ولكن أئمة المذهب الشافعى رأوا أداء صلاة الجنائز فى داخل المسجد أولى. وقال الإمام أبو يوسف:
«أداء صلاة الجنائز فى داخل المسجد اقتداء بأهل الحرمين الشريفين» وأفتى بناء على قوله.
وبما أن الصلوات التى تؤدى للجنائز فى داخل أحد الحرمين ستتميز بكثرة الجماعة وسيكون ذلك موضع شرف للميت فلا يعترض على أداء أهل الحرمين الشريفين صلوات الجنائز بهما إذ يغلب على الظن أن الجنائز التى دخلت فى
الروضة المطهرة دخلت الجنة فى الدنيا ويؤمل من اللطف الإلهى ألا يخرج من الجنة من دخل فيها.
ومن هنا ندعو الله-سبحانه وتعالى-أن الذى يصلى على جنازته فى داخل أحد الحرمين أن ينعم الله-سبحانه وتعالى-عليه بالجنة وأن ينال شفاعة حبيب رب العزة، ألا فليجعل الله-سبحانه وتعالى-مؤلف هذا الكتاب من زمرة هؤلاء السعداء؛ آمين بحرمة سيد المرسلين.
ويروى المؤرخون بخصوص هذا الموضوع أقوالا كثيرة، يقول ابن النجار فى كتابه مازال نظام أداء صلاة الجنائز فى الحرمين فى موضع الجنائز باقيا، إلا من يرغب من سادة العلويين والسادة والأعيان الذين يراعى خاطرهم يصلى على جنازتهم فى داخل المسجد النبوى، وغير هؤلاء من عامة الناس يصلى على جنازتهم خلف الجدار الشرقى لمسجد السعادة ويظل قبر الرسول صلى الله عليه وسلم على يمين الإمام الذى يؤم الناس.
وقال الإمام السمهودى موضحا إن ما ذكره ابن النجار سقط عن الحكم الآن، أما الآن فمعظم الجنازات تدخل فى المسجد النبوى وتصلى صلاة جنازاتهم فيه، إلا أن جنازات الأعيان والوجهاء يصلى عليها بين منبر السعادة وقبر الرسول كرعاية خاصة لهم، وتؤدى صلوات جنائز عامة الناس أمام الروضة المطهرة، وفى سنة 842 هـ منع إدخال جنائز الخوارج فى داخل مسجد السعادة بناء على الأمر الذى ورد من الملك جقمق إلا إذا كان بينهم أسرة علوية وماتوا يصلى على جنازاتهم فى داخل المسجد ومازالت هذه العادة جارية فتدخل جنازات أفراد المذاهب الحقة عامة فى المسجد ويصلى عليها ما عدا أموات الفقراء والغرباء يصلى على جنازاتهم فى المكان الذى ذكر من قبل.
ويدخل أهل المدينة جنازاتهم فى المسجد الشريف من باب الرحمة وإن كانت منازلهم فى جهات أخرى. وغرضهم من ذلك التيمن وتمنى رحمة الله والتفاؤل.
وتمرر الجنازة من باب الرحمة يؤتى بها فى مواجهة قبر الرسول، وبعد أن