الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما كان عرضه عند اتصال جدار الحجرة المعطرة مع الجدار الغربى، وبما أن هذا المكان لا يتجاوز سبعين أو ستين ذراعا زيد إلى مائة ذراع عند تحويل القبلة.
وقد بنيت جدران مسجد السعادة أولا على طراز «سميط» وبعده على طراز «سعيدة» وترك بدون سقف. ولما تبين للأصحاب الكرام فى فترة ما أنه لن يستطاع تحمل حرارة الشمس، فسقفوا المسجد بجريد النخل ولأجل الوقاية من الأمطار وضعت فوق سطح السقف أوراق الأشجار ثم وضعوا فوقها التراب وهكذا أحكموا بناءه امتثالا لأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم.
إخطار
يطلق طراز «السميط» على نوع البناء الذى توضع فيه لبنة فوق لبنة، وطراز «السعيدة» هو وضع اثنتين من اللبنات بالعرض وإحداهما بالطول، ووضعها مناصفة فوق اللبنتين العرضيتين. وقد صنع اللبن اللازم لبناء مسجد السعادة رجل من حضرموت، ولما كان هذا الرجل بارعا فى صنع اللبن عين من قبل النبى صلى الله عليه وسلم لأداء هذه المهمة.
وقد صنع النبى صلى الله عليه وسلم بانى قصر الإسلام القوى-عليه الصلاة والسلام-بعد إتمام بناء الحجرات ظل محراب مسجد السعادة على أن تكون مأوى للمساكين ومسكنا. والتى تعرف باسم «صفّة أصحاب الصفة» وأسكن الغرباء الذين يأتون فى هذه الظلة وآواهم.
المكان الذى قيل عنه الظلة كان عريشة مصنوعة من جريد النخيل وكان مقرى الضيفان-صلى الله عليه وسلم-يؤوى الغرباء والمحرومين فى هذا المكان، وعندما يحل المساء كان يطعم بعضهم كما يختار بعضهم ويرسلهم إلى بيوت الأنصار. وبعد أن أتم سيد العالمين بناء المسجد الشريف وحجرات بيوته أى فى خلال صفر الخير من السنة الثانية للهجرة انتقل بالعز والإقبال من دار أبى أيوب الأنصارى إلى البيت اللطيف الذى بنى له.
وبذل الأنصار الكرام غاية جهدهم وحرصوا على إجراء مراسم الضيافة للنبى
صلى الله عليه وسلم طول فترة وجوده فى دار خالد بن زيد، وتناوبوا فى تقديم الأطعمة بل تباروا فيه وكانوا يلاطفون بعضهم قائلين «النوبة لى فى هذه الليلة وكان ثلاثة أو خمسة منهم يأخذون أطعمتهم ويذهبون عند النبى صلى الله عليه وسلم، ولم تمر ليلة فى تلك المدة المذكورة إلا وكان فى مائدة الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثة أو خمسة من أصحابه السعداء، وكانت امرأة تدعى «هديدة»
(1)
أول من قدمت الطعام، وعندما نالت «هديدة» شرف الحضور عند النبى صلى الله عليه وسلم كانت تحمل فوق رأسها مائدة صغيرة فوقها خبز طازج واللبن الزبادى والزبد وأنزلت المائدة، وقالت:«إن والدتى-جاريتكم هى التى أرسلت هذه الأشياء» .
ودعا النبى صلى الله عليه وسلم بالخير والبركة سواء أكان للطعام أو العفيفة التى جاءت بالطعام والأخرى التى أرسلت ثم قام بتناوله.
ثم قدمت مائدة سعد بن عبادة فى المرة الثانية، وكان فى هذه المائدة طعام الثريد المطبوخ حديثا فتفضل بالتناول منه، وبعد هذا كانت تقام فى كل ليلة فى بيت أبى أيوب الأنصارى مائدة حيث يحضرها خمسة أو عشرة من الصحابة، ولما كانت والدة أبى أيوب الأنصارى هند بنت سعيد بن عمرو بن امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة ابن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج تطبخ بدون أن تضع الثوم والبصل وفق مزاج النبى صلى الله عليه وسلم فالسلطان الجديد-عليه صلوات الله المجيد- كان يفضل الأطعمة التى تطبخها ويحبها.
عندما نوى طرح أساس المسجد الشريف نزل جبريل-عليه السلام-باسطا أجنحته وأوصى النبى صلى الله عليه وسلم أن يكون ارتفاع جدران الأبنية السعيدة سبعة أذرع
(2)
وألا تنقش ولا تزين أية جهة من جهاتها وأن تكون مونتها من الطين وعندئذ أخذ النبى صلى الله عليه وسلم قطعة من الحجر وشرع فى طرح الأساس وذكر اسم الله ثم أمر كلا من أبى بكر الصديق وبعده عمر بن الخطاب وبعده عثمان بن عفان وبعده على بن أبى طالب حيدر الكرار أن يضعوا قطعة من الحجر فى الأساس وقال للذين سألوا عن حكمة ذلك إنها إشارة إلى ترتيب خلافة هؤلاء.
(1)
لم أجدها فى الصحابيات «فالله أعلم» .
(2)
هناك من يقول إنه أوصى بأن يكون ارتفاع الجدران خمسة أذرع.