المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الصورة الخامسةفى تعريف الحجرة المعطرة والقبور الثلاثة المنورة - موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - جـ ٣

[أيوب صبري باشا]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌الصورة الأولىفى ذكر الأحوال الجغرافية للمدينة الميمونة

- ‌إخطار

- ‌الصورة الثانيةوجوب مراعاة حق جيران رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الصورة الثالثةفى ذكر وبيان كيفية دفن من أدركه الأجل فى المدينة الطاهرة

- ‌منظومة

- ‌الصورة الرابعةتوضح وتبين كيف يستقبل شهر رمضان الشريف-مظهر الغفران-من قبلأطفال المدينة وكيف يكون رمضان فى مدينة طيبة

- ‌مطالعة

- ‌صورة أداء صلاة التراويح:

- ‌سبب إقامة موكب الشموع:

- ‌الصورة الخامسةفى بيان ترتيب وتشكيل موكب الشموع الذى اعتيد إجراؤه فى مسجد السعادةبعد صلاة التراويح

- ‌الصورة السادسةفى تعريف طريقة أداء صلاة الفجر وصلاة العيد فى شهر رمضان

- ‌صورة أداء صلاة الفجر:

- ‌صورة أداء صلاة العيد:

- ‌الصورة السابعةفى تعريف الهيئة الكاملة لمسجد السعادة فى الوقت الحالى

- ‌الصورة الثامنةفى بيان وذكر أبواب حجرة السعادة المعطرة أبوابها وقناديلها وشمعداناتها

- ‌سبب وتاريخ استخدام الأغوات فى الحجرة المنيفة

- ‌تعريف مقدار خدمة الفراشة الشريفة الجليلة:

- ‌مقام أبى بكر وعمر رضى الله عنهما:

- ‌صورة غسل حجرة السعادة

- ‌الخدمة الدائمة للخدم:

- ‌تأديب الأغوات المتهمين:

- ‌إخطار

- ‌صورة تسكين الأغوات:

- ‌خدمات خدم مسجد السعادة الدائمة والمؤقتة:

- ‌الخطباء والأئمة فى الحرم النبوى الشريف

- ‌مكبرو الحرم الشريف

- ‌سقاء والحرم الشريف

- ‌استطراد

- ‌الوجهة الثانيةوتعرف حكم شد الرحال إلى المدينة بغرض زيارة مسجد الرسولصلى الله عليه وسلم

- ‌الصورة الأولىذكر الأحاديث الشريفة التى وردت بخصوص شد الرحال لزيارة مسجدالرسول صلى الله عليه وسلم وآراء الفقهاء العظام

- ‌إخطار

- ‌نصيحة

- ‌الصورة الثانيةفى ذكر وبيان فضائل المسجد النبوى الشريف والمنبر اللطيف والروضة النبويةالمنيفة

- ‌رواية

- ‌إخطار مهم

- ‌إخطار

- ‌بيان المصلى النبوى وبيان حدوده

- ‌الوجهة الثالثةتحتوى على ثلاث صور فى تعريف أسماء المدينة الطاهرة وفضائلها

- ‌الصورة الأولىفى بيان أسماء المدينة المنورة الجميلة وألقابها الجليلة

- ‌حرف الهمزة:

- ‌1 - أثرب:

- ‌2 و 3 - أرض الله، أرض الهجرة:

- ‌4 و 5 - أكالة البلدان [ز]،أكالة القرى [ز]:

- ‌6 - الإيمان [ز]

- ‌حرف الباء:

- ‌7 و 8 - البارة [ز]

- ‌9 و 10 و 11 - ومن أسمائها الشريفة بحره، بُحيرة، بَحيرة

- ‌12 - بلاط [ز]:

- ‌13 - بلد [ز]:

- ‌14 - بيت الرسول، صلى الله عليه وسلم [ز]:

- ‌حرف التاء:

- ‌16،15 - تندر [ز] تيدر [ز]:

- ‌حرف الجيم:

- ‌20،19،18،17 - جابرة [ز] جبار، جبابرة [ز] جبّارة:

- ‌21 - جزيرة العرب [ز]:

- ‌حرف الحاء:

- ‌23 - الحبيبة:

- ‌24 - حرم:

- ‌26،25 - حرم رسول الله [ز]،حسنة:

- ‌حرف الخاء:

- ‌28،27 - خيره، خيره:

- ‌حرف الدال:

- ‌37،36،35،34،33،32،31،30،29 - الدار [ز] دار الأبرار، دارالأخيار [ز] دار الإيمان [ز] دار السلام [ز] دار السنة [ز] دار السلامة [ز] دارالفتح [ز] دار الهجرة:

- ‌38 - درع، الحصينة [ز]:

- ‌حرف الذال:

- ‌39 - ذات الحجر [ز]:

- ‌40 - ذات الحرار [ز]:

- ‌41 - ذات النخل [ز]:

- ‌حرف السين:

- ‌42 - سلق:

- ‌43 - و 44 سلق وسلق

- ‌45 - سيدة البلاد [ز]:

- ‌46 - شافية [ز]:

- ‌حرف الطاء:

- ‌50،49،48،47 - طابه، طيبه، طيبة، طائب [ز]:

- ‌كما أن مطيبه (51) وطبابا (52) من أسماء المدينة

- ‌حرف الظاء:

- ‌54،53 - ظيابا [ز] ظبابا:

- ‌حرف العين:

- ‌55 - عاصمة:

- ‌56 - عذراء:

- ‌57 - عراء [ز]:

- ‌حرف الغين:

- ‌60،59 - غراء [ز]:غالبه [ز]:

- ‌حرف الفاء:

- ‌61 - فاضحة [ز]

- ‌حرف القاف:

- ‌62 - قاصمة [ز]:

- ‌67،66،65.64،63 - قرية [ز] قرية الأنصار [ز] قبة الإسلام، قريةالرسول، قلب الإيمان [ز]

- ‌حرف الميم:

- ‌68 - مؤمنة [ز]:

- ‌69 - 103 مباركة [ز]

- ‌حرف النون:

- ‌106،105،104 - ناجية [ز] نبلاء [ز] نجر [ز]

- ‌حرف الهاء:

- ‌108،107 - هرزاء [ز] هز:

- ‌حرف الياء:

- ‌111،110،109 - يثرب، يندد [ز]:

- ‌الصورة الثانيةفى ذكر الروايات التى نقلت من الآثار الموثوقة والأخبار الصحيحة فى فضلورجحان المدينة المنورة على سائر الممالك

- ‌الصورة الثالثةفى ذكر الأحاديث الشريفة التى وردت فى حق الذين اختاروا الإقامة فىالمدينة الطاهرة والذين أحدثوا البدعة والمبدعين والذين يعاونونهم

- ‌الوجهة الرابعةتشمل خمس صور تفصل أوائل حال المدينة المنورة وسكانها القدماء

- ‌الصورة الأولىفى ذكر أحوال المدينة الأولى وأطوار سكانها القدماء وأحوالهم

- ‌الصورة الثانيةفى ذكر القبائل التى كانت فى أرض يثرب وقت أن هاجر إليها الأوسوالخزرج بن ثعلبة

- ‌سبب ظهور وقعة مالك بن عجلان وصورة ظهورها:

- ‌الصورة الثالثةفى ذكر بيان القرى والمحال التى أسسها أفراد قبائل بنى الأوس حول المدينة

- ‌الصورة الرابعةفى تعريف ووصف القرى والمنازل التى سكنها بعد تهيئتها أبناء قبائل الخزرجوجماعاتها فى جوار مدينة الرسول

- ‌الصورة الخامسةفى تعريف رؤية الملاحم التى ظهرت قبل الإسلام بين قبائل الأنصار الكريمةوالمعارك المشهورة

- ‌رواية

- ‌الوجهة الخامسةوتشمل ثلاث صور تعين إرسال مصعب ابن عمير إلى يثرب

- ‌الصورة الأولىفى ذكر بيعة السابقين من الأنصار للإسلام وفى دعوة مصعب بن عمير أهلالمدينة إلى الإسلام

- ‌حكمة

- ‌سبب كون النبى صلى الله عليه وسلم أنصاريا من الخزرج:

- ‌الصورة الثانيةفى هجرة النبى صلى الله عليه وسلم إلى دار الأمن المدينة المنورة

- ‌عربى

- ‌رواية

- ‌إخطار

- ‌ المعجزة

- ‌مسألة

- ‌إخطار

- ‌الصورة الثالثةفى بيان وقائع سنين الهجرة وتفصيلاتها الإجمالية

- ‌السنة الأولى للهجرة

- ‌سنة الأذان المحمدى:

- ‌أصول التسبيح فوق المآذن:

- ‌السنة الثانية للهجرة

- ‌السنة الثالثة الهجرية

- ‌ السنة الرابعة الهجرية

- ‌السنة الخامسة الهجرية

- ‌السنة السادسة الهجرية

- ‌السنة السابعة الهجرية

- ‌السنة الثامنة الهجرية

- ‌السنة التاسعة الهجرية

- ‌السنة العاشرة الهجرية

- ‌السنة الحادية عشرة الهجرية

- ‌الوجهة السادسةوتشتمل على إحدى عشرة صورة تعرف بالتفصيل توسيع وتجديد المسجدالشريف ودار فاطمة رضى الله عنها السعيدة

- ‌الصورة الأولىفى ذكر صورة طرح وتأسيس مسجد السعادة على صاحبه أفضل التحية

- ‌استطراد

- ‌ حديقة أولاد صفى

- ‌رأى ومطالعة

- ‌إخطار

- ‌الصورة الثانيةتبين توسيع مسجد السعادة وتحويل المحراب الشريف

- ‌إخطار

- ‌الصورة الثالثةفى ذكر الأماكن السعيدة التى صلى فيها من المسجد الشريف إمام محرابالملكوت-عليه السلام

- ‌مؤسس محراب مسجد السعادة:

- ‌نظم

- ‌الصورة الرابعةفى تعريف جزعة مسجد السعادة والمحل القديم لمحراب النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌إخطار

- ‌تنبيه

- ‌نعت شريف

- ‌الصورة الخامسةتبين سبب تأسيس منبر مسجد النبى وصورته وجزع ونحيب النخلة

- ‌مثنوى

- ‌استطراد

- ‌مثنوى

- ‌‌‌مثنوى

- ‌مثنوى

- ‌حكاية

- ‌استطراد

- ‌الصورة السادسةفى ذكر عدد المرات التى جدد فيها منبر السعادة وعدد المرات التى عمر

- ‌إخطار

- ‌الصورة السابعةفى بيان الأساطين التى ركزت فى مسجد السعادة فى عصر النبى السامى صلى الله عليه وسلم

- ‌كانت الأساطين الأصلية لمسجد السعادة ثمانية أعمدة موزونة متساوية، وقدزيد مؤخرا عدد أساطين المسجد الشريف المنيفة

- ‌1 - الأسطوانة المخلقة:

- ‌2 - أسطوانة عائشة:

- ‌3 - أسطوانة التوبة:

- ‌4 - أسطوانة السرير:

- ‌5 - أسطوانة المحرس:

- ‌6 - أسطوانة الوفود:

- ‌إخطار

- ‌7 - أسطوانة مربعة القبر:

- ‌8 - أسطوانة التهجد:

- ‌9 - محراب باب الجنائز:

- ‌الأبيات التى سطرت على الأساطين الأربع من الصف الأول:

- ‌الأسطوانة الأولى

- ‌الأسطوانة الثانية

- ‌الأسطوانة الثالثة

- ‌الأسطوانة الرابعة

- ‌الأسطوانة الخامسة

- ‌الأسطوانة السادسة

- ‌الأسطوانة السابعة

- ‌الأسطوانة الثامنة

- ‌الأسطوانة التاسعة

- ‌الأسطوانة العاشرة

- ‌الأسطوانة الحادية عشرة

- ‌الأسطوانة الثانية عشرة

- ‌استطراد

- ‌الصورة الثامنةفى ذكر وبيان المقام واجب الاحترام الذى يطلق عليه «الصفّة»

- ‌استطراد

- ‌أصحاب الصفة الذين أورد أبو نعيم أسماءهم الجميلة ومناقبهم الجليلة منبين هؤلاء:

- ‌كيفية إعاشة أصحاب الصفة:

- ‌الصورة التاسعةفى تعريف الحجرة النبوية المعطرة

- ‌حكاية

- ‌حكاية أخرى

- ‌الصورة العاشرةفى تعريف دار فاطمة-رضى الله عنها-السعيدة

- ‌الصورة الحادية عشرةفى تعريف كيفية إغلاق الأبواب التى تواجه مسجد النبى فى عصر السعادة

- ‌الوجهة السابعةتجمع خمس صور تبين وتظهر عدد المرات التى جددت فيها حدود المسجدالنبوى

- ‌الصورة الأولىفى ذكر توسيع مسجد الرسول لأول مرة

- ‌الصورة الثانيةفى ذكر كيفية تجديد مسجد السعادة وتوسيعه للمرة الثانية

- ‌مقصورة مسجد السعادة

- ‌الصورة الثالثةفى ذكر كيفية تجديد مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وتوسيعه للمرة الثالثة

- ‌مطالعة

- ‌صورة أداء صلاة الجنازة فى مسجد السعادة وسبب منعه

- ‌استطراد

- ‌موازنة تاريخية

- ‌الصورة الرابعةفى تعريف تجديد مسجد السعادة وكيفية توسيعه للمرة الرابعة

- ‌إخطار

- ‌الصورة الخامسةفى تعريف الحجرة المعطرة والقبور الثلاثة المنورة

- ‌الشكل الأولقبر النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌الشكل الثانىقبر النبى صلى الله عليه وسلم/قبر عمر بن الخطاب رضى الله عنهقبر أبى بكر الصديق رضى الله عنه

- ‌الشكل الثالثقبر النبى صلى الله عليه وسلم/قبر أبى بكر الصديق رضى الله عنهقبر عمر بن الخطاب رضى الله عنه

- ‌الهيئة المرئية للقبور الثلاث المقدسة فوق الأرض:

- ‌شبكة قبر السعادة

- ‌رواية

- ‌الوجهة الثامنةوتحتوى على تسع صور وتشمل تفصيلاتعن علامات رأس النبى الشريف ومقام جبريل الأمين السامى

- ‌الصورة الأولىفى ذكر علامة الجهةالتى يوجد فيها رأس الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌إخطار

- ‌الصورة الثانيةترى وتعرف علامة جهة وجه النبى اللطيف

- ‌الصورة الثالثةفى تعريف مقام جبريل الأمين وتعيينه

- ‌الصورة الرابعةفرش حجرة السعادة وتعميرها وتجديدها

- ‌ذيل

- ‌حكاية

- ‌الصورة الخامسةفى تعريف ستارة الحجرة المعطرة

- ‌أصول تعليق ستارة قبر السعادة وتجديدها

- ‌الصورة السادسةفى تعريف صورة تخليق(1)حجرة السعادة

- ‌الصورة السابعةفى بيان وتعريف قناديل الحجرة الشريفة

- ‌غريبة

- ‌الصورة الثامنةفى تعريف الشبكة الشريفة التى تحيط بالحجرة المعطرة ودار فاطمة-رضى اللهعنها-السعيدة

- ‌ القصيدة

- ‌ القطعة

- ‌الصورة التاسعةفى ذكر قبة حجرة السعادة

- ‌الوجهة التاسعةوتحتوى على ثمانى صور

- ‌الصورة الأولىفى تعريف المصاحف الشريفة والأجزاء القرآنية اللطيفة وكتب الأدعيةالموجودة فى الخزينة النبوية

- ‌أجزاء القرآن الشريفة:

- ‌الدلائل(1)الشريفة

- ‌الصورة الثانيةفى تعريف وذكر وتفصيل جنس الأشياء النفيسة ومقدار الأشياء المحفوظة فىداخل حجرة السعادة المشحونة بالنور

- ‌عدد

- ‌الأشياء المتنوعة

- ‌عدد

- ‌عدد

- ‌عدد

- ‌الصورة الثالثةفى ذكر وبيان جنس ومقدار الأشياء التى تبرع بها والتى علقت فى داخلالحجرة المعطرة التى تعدل الجنة

- ‌الصورة الرابعةفى ذكر وتعريف أطقم البخور والسكات من الفضة والذهب والمحفوظة فىداخل الحجرة المعطرة والتى تخرج كلما اقتضت الحاجة إليها

- ‌الصورة الخامسةفى ذكر تفصيل الشمعدانات والأشياء الأخرى المحفوظة فى داخل حجرةالسعادة جنسها ومقدارها والتى تستخدم كلما دعت الحاجة إلى استعمالها

- ‌الصورة السادسةفى تعريف الأشياء الفضية النفيسة-جنسها ومقدارها-المحفوظة فى خزينةالحجرة المعطرة الجليلة

- ‌الصورة السابعةفى تعريف وتفصيل الستائر والأغطية التى تغطى أبواب حجرة السعادةوالمقامات المنيفة الأخرى مقدارها وأنواعها

- ‌الصورة الثامنةتبين وتعرض الشمعدانات والتعليقات والثريات

- ‌خلاصة

- ‌مسألة

- ‌إخطار

- ‌قطعة

الفصل: ‌الصورة الخامسةفى تعريف الحجرة المعطرة والقبور الثلاثة المنورة

‌الصورة الخامسة

فى تعريف الحجرة المعطرة والقبور الثلاثة المنورة

إن الموقع الذى يطلق عليه الحجرة المعطرة هو الساحة المباركة لحجرة حبيبة حبيب الله السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق-رضى الله عنها وعن أبيها- وهذا القبر ظاهر الأنوار يصدق عليه هذا البيت الذى يثير الأشواق.

إنه قطعة من الجنة

المسكن الممزوج بالرحمة

إنه هبة العرش المشرف والفرش واللوح والقلم وكان ارتفاعها فى حياة الرسول ثمانية أذرع وأكثر من ستة أذرع فى العرض وكان لها بابان هما باب الرحمة. والحجرة اللطيفة كانت قد بنيت باللبن ومن سعف النخيل وظلت على تلك الحال إلى قرب خلافة عمر الفاروق، وأراد عمر بن الخطاب أن يعرض تعظيمه وتوقيره للسيدة عائشة فأحاطها بسور منخفض وقد هدم هذا الجدار والسور عبد الله بن الزبير فيما بعد وقد دعت الحاجة إلى تجديده.

كان الجدار الذى أحاط به عمر بن الخطاب حول المقبرة النبوية والذى جدده عبد الله بن الزبير مكشوفا وكان له باب فى الجهة الشامية للدخول منه لزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم. كان ريحانة النبى السيد الحسن بن على قد أوصى أخاه حين احتضاره أن تؤخذ جنازته داخل المربع الذى فيه قبر الرسول وتعرض هناك قد أوصى بذلك أخاه الحسين بن على-رضى الله عنهما-وقد أخذ حضرة الحسين رضى الله عنه-جنازة أخيه كما ذكر فى ذيل الصورة الثالثة من هذه الوجهة بناء على وصيته إلى مربع قبر الرسول لإيفاء الوصية وقد ظن بعض السفلة أن حضرة الحسين يريد أن يدفن أخاه فى داخل حجرة السعادة فقاموا ومنعوا إدخال الجنازة

ص: 313

فى داخل المربع وأوصلوا المنازعة إلى درجة المقاتلة؛ وفى النهاية انتهى الأمر بتدخل بعض الذوات ذوى الهمة نهاية حسنة ودفن حضرة الحسن فى مقبرة بقيع الغرقد، وحتى لا يحدث مثل هذه الأمور أغلق باب مربع قبر السعادة وسد تماما.

ولما كانت هذه الواقعة من تدبير الوليد إذ رفع الجدار الذى كان يحيط بمربع قبر السعادة وغطاه وهكذا أخفى القبور الشريفة عن أعين الخلق وسترها، وكان غايته كما ذكر عاليه ألا يترك مجال فيما بعد لإيقاع الفتنة والفساد.

وعندما أعلى الجدار المذكور وسقف وكان باب المربع قد سد من قبل فى الواقعة المؤسفة فنمت فى داخل كل إنسان أمنية زيارة قبر رسول الإنس والجن من داخل السور الذى بنى ورفع.

الحجرة المسعودة: يعنى الدار المقدسة التى تنسب للسيدة عائشة-رضى الله عنها-كانت دويرة صغيرة ولم يكن سقفها عاليا حتى لا يمسه ولا يتبرك به إنسان بيده، وقال حسن البصرى سواء أكانت فى حق هذه الحجرة اللطيفة أو حجرات النبى الأخرى، كنت فى طفولتى أدخل فى حجرات زوجات النبى المطهرات وكنت أرفع يدى وأمسك بأسقفها، كانت جميع منازل النبى حجرات معطرة صغيرة وقد روى هذا القول موثقا، وكانت كل حجرة مصنوعة من اللبن وسعاف النخيل، وكان فوق أبوابها ستائر قديمة من الملس، هذا ما رواه كما روى أن للحجرة المعطرة بابين يفتح أحدهما ناحية الغرب والآخر ناحية الشام وكانت الأبواب ذات مصراع واحد مصنوع من خشب شجر الساج أو العرعر والباب الذى يسمى الآن باب محرس من الأبواب التى كانت فى عصر السعادة.

وكان بين بيت حضرة الصديقة-رضى الله عنها-وبيت حفصة-رضى الله عنها-طريق

(1)

وكانتا كلما تتلاقيان تتحدثان معا.

وكان بيت حضرة حفصة-رضى الله عنها-الذى ذكر فى الجهة اليمنى لنافذة آل عمر التى ذكرت أعلاها وساحة هذه الدار المسعودة هى الموقف الذى يزوره زوار زماننا سواء أكانوا فى داخل الشبكة أو خارج الشبكة.

(1)

هذا المكان الآن موقع القبر الجليل.

ص: 314

وحينما ارتحل النبى صلى الله عليه وسلم شرع أهل المدينة عقب ذلك يأخذون من ترابه العنبرى مقدارا من التراب للاستشفاء وبهذا جعلوا قبر الرسول منقوبا محفورا، ولما كانت هذه الحال مخلة بأدب التعظيم، فقامت الصديقة-رضى الله عنها- ببناء حائط حول مضجع السعادة حتى يحافظ عليه، وقام أصحاب الإخلاص بثقب هذا الحائط أيضا إلا أن الصديقة قد سدت هذه الثغرة أيضا ومن هنا ظل قبر الرسول فى جهة من الجدار المبنى وذاتها السامية فى جهة أخرى من الجدار، وبهذا قسمت الحجرة المعطرة إلى جزأين، وكانت المشار إليها حينما تزور قبر الرسول وتنظفه بالكنس لم تكن تتستر وتظل مكشوفة، ولما توفى والدها ودفن بجانب النبى صلى الله عليه وسلم ظلت على تلك الحالة إذ كانت تدخل فى الحجرة بدون حجاب، ولكن بعد ما دفن فيها عمر بن الخطاب بعد موته كلما كانت تذهب ناحية قبر السعادة كانت تتستر لأن حضرة الفاروق لم يكن محرما، أى أنها لم تزر الحجرة بعد دفن عمر فيها مكشوفة دون حجاب.

وظل مربع مرقد السعادة إلى أن وسع عمر بن عبد العزيز المسجد الشريف على الهيئة التى جددها عبد الله بن الزبير عليها يعنى ظل مكشوفا وبالباب، وقد أحاط عمر بن عبد العزيز كما سبق ذكره أعلاه، السور المنخفض الذى بناه عمر بن الخطاب حول مرقد السعادة بجدار متين؛ وحتى لا يكون هذا الحائط شبيها بالكعبة المعظمة بناه على شكل شبه مثلث.

ولما كان الجدار الذى أقامه عمر بن عبد العزيز فى غاية الارتفاع ومسقوفا فكانت رؤية القبور من الخارج غير ممكنة، وقد جعل أحد جهات ذلك الجدار على شكل شبه مثلث بناء على رأى عروة بن الزبير واجتهاده، إذ تذكر الوليد بن عبد الملك الإهانة التى لحقت بالحسين بن على-رضى الله عنه-من أسافل الناس بسبب جنازة أخيه الحسن بن على-رضى الله عنهما-وفكر فى إحاطة مربع مرقد السعادة بجدار قوى الأساس ليحجب القبور الثلاثة عن أعين الناس، ويخيفها وكتب الأمر والكيفية إلى أمير المدينة عمر بن عبد العزيز، وحينما أخذ عمر بن عبد العزيز الرسالة التى كتبت بهذا الخصوص استهجن تنفيذ هذا الأمر

ص: 315

غير اللائق مع ذلك راجع عروة ابن الزبير قائلا له: «إننى أحترز من إحراز هذا الأمر الخطير ولكن الوليد يصر على ذلك، فما رأيك فى هذا الخصوص فأجابه عروة قائلا: «ما دام الوليد يصر كما أن مولانا يرغب فى تنفيذ أمر الوليد مع الكراهية له، يجب أن تأمر أن يكون البناء الذى سيبنى على شكل شبه مثلث ويتجه طرفها المدبب ناحية بيت السيدة فاطمة» ،وكان الوليد أمر فى الرسالة التى كتبها هدم الحجرات العاليات وضم ساحاتها إلى مسجد السعادة، وقد فكر عمر بن عبد العزيز فى هذا الأمر كثيرا وفى يوم من الأيام جلس فى مكان مناسب فى حيرة واضطراب وأصدر أمره بهدم الحجرات العاليات وهدم سكان أهل المدينة وهم ينتحبون ويصيحون من الحسرة وجعلوها أثرا بعد العين وشرعوا فى وضع الأساس وفق رأى عمر بن عبد العزيز وتعريفه.

وفى أثناء هدم الجهة التى فيها المدفن الأقدس لحجرة السعادة انهارت الجهة الشامية من الجدار الذى أقامه عبد الله بن الزبير قضاء وقدرا ونتيجة لذلك سقط مقدار من السور القديم الذى كانت أقامته حضرة الصديقة، ولما ظهرت فى داخل مربع قبر السعادة ثلاثة قبور قد فرش فوقها بالرمل قال عمر بن عبد العزيز، «إن هذه القبور هى قبور الرسول صلى الله عليه وسلم الذى نال حياة أبدية وأبى بكر وعمر رضى الله عنهم، يا مزاحم

(1)

يجب أن تسوى هذا المكان بنفسك ذاتها».ثم ظهرت عليه علامات الندامة وقال لا، لا، إننى سأسويه بنفسى وسواه بنفسه، إلا أنه فى أثناء ذلك قد سقطت الجهة الشرقية لأحد القبور وانتشرت رائحة طيبة فى شوارع دار السكينة وستر ذلك المكان بقطعة قماش وجدد ذلك المكان فى اليوم الثانى تجديدا جيدا.

قال عبد الله بن محمد: «كان جدى عقيل يذهب إلى مسجد السعادة فى الثلث الأخير من الليل وبعد أن يسلم على النبى الجليل يدخل إلى الحرم الشريف، وفى ليلة من الليالى توجه إلى مسجد السعادة وشم رائحة طيبة لم

(1)

مزاحم هو عبد لعمر بن عبد العزيز.

ص: 316

يشمها طيلة عمره أمام بيت المغيرة بن شعبة رائحة تثير الأشواق وتسحر القلوب فمثل وغاب عن نفسه، وإذا بتلك الليلة كانت الليلة العجيبة التى تهدم فيها بيت عائشة-رضى الله عنها-وظهرت القبور الثلاثة المشحونة بالنور! واقترب جدى وهو مغمور بهذه الفرحة والابتهاج من مرقد السعادة ورأى أن الجدار الشرقى لمربع القبر الجليل قد انهار وأن عمر بن عبد العزيز كان منهمكا بتعليق ستارة للجهة المنهارة من مربع القبر وعرف أن الرائحة التى غمرت دار الهجرة المدينة المنورة قد انتشرت من مرقد السعادة وعندئذ عاد إلى بيته وجمعنا حوله وأخبرنا بما حدث».

واستدعى عمر بن عبد العزيز صباح الليلة التى انهار فيها جدار مربع قبر السعادة ابن الوردان

(1)

وأمره بأن يدخل فى داخل مربع قبر السعادة ليعاين ويتفقد الجدار المنهار، ولما بين له ابن الوردان أنه فى حاجة إلى من يعينه فى داخل المربع فشمر عمر بن عبد العزيز ساعديه وأراد أن يدخل فى داخل المربع، ولما رأى قاسم بن محمد وسالم بن عبد الله يستعدان أيضا قال لهما:«لماذا تستعدان؟» فأجاباه قائلين: «نريد أن نعين ابن الوردان» .

فقال إننى أحترز أن أقلق أهل القبور بكثرة الازدحام؛ يا مزاحم ادخل بمفردك وأعن ابن الوردان وبهذا تخلى عن الدخول بنفسه وبموقفه هذا أراد أن يومئ ويشير إلى عدم جواز دخول الشخصين الذين رغبا فى الدخول فى مربع قبر السعادة. وبينما كان ابن الوردان منهمكا بإجراء اللازم بعد أن وجد أساس الجدار المنهار قد رأى فى داخل القبر الشريف الذى سقط من صدمة الجدار المنهار قدمين توأمين فانسحب إلى جهة وأخذ يرتعش من الخوف والفزع وقلق، واضطرب اضطرابا شديدا.

وعندما رأى عمر بن عبد العزيز قلق ابن الوردان واضطرابه فتقدم إلى الأمام ليتحقق من الأمر فرأى فى داخل القبر الشريف الذى كان تهدم من قبل القدمين

(1)

كان هذا الشخص فى ذلك الوقت رئيس المعماريين للأبنية المقدسة.

ص: 317

الشريفين، القبر الذى كان فى اتصال أساس مربع قبر السعادة فرجع وهو فى شدة الدهشة وغاب عن شعوره ووعيه.

وكان عبد الله بن عبيد الله جهة قبر عمر بن الخطاب لامع الأنوار، وعرف الأمر الذى أخاف ابن الوردانى وملأ قلب عمر بن عبد العزيز بالرهبة والقلق وقال أى عمر! لا تخف! إن القدمين اللذين رأيتهما فهما قدما جدك عمر بن الخطاب وكانا قد بقيا فى داخل أساس جدار الحجرة المنيفة، وهكذا وضح الأمر عندئذ قال عمر بن عبد العزيز لابن الوردان، يا ابن وردان! خف واستر ما رأيته أى قدمى ابن الخطاب-وبهذا القول أظهر فرحته وسروره؛ لأنه كان قد ظن أن القدمين اللذين رآهما قدمى رسول الله صلى الله عليه وسلم من هنا استولت عليه الحيرة والدهشة. وبعد أن بنى ابن الوردان الجدار المنهار، أحاط الجهات الأربع للجدار القديم بحائط أعلى وأوضح من الجدار الأول، وسقف مربع قبر السعادة كسابق عهده ثم أمر ببناء الباب الذى كان قد سد عقب الحوادث التى وقعت ضد جنازة الحسين بن على، بشكل متين محكم وصبغه والجدران التى كانت جددت فى عصر عبد الله بن الزبير كانت قد بنيت بحجارة سوداء صبغت صبغة جيدة وجعلت الجهة القبلية أكثر ارتفاعا من الجهات الأخرى وسد باب الرحمة الذى فى الجهة الشامية.

ولم تكن الفاصلة التى كانت بين الحائط القديم والحائط الذى مده عمر بن عبد العزيز متساوية فى جهاته الأربعة، فقد كانت الجهة الشرقية ذراعين، والطرف الغربى ذراع واحد، والطرف القبلى شبرا واحدا، أما جهة الشام فكانت واسعة جدا وبما أن عمر بن عبد العزيز أمر بطلاء الجهات الأربع لجدران حجرة السعادة طلاء جيدا وأخفى الباب المسدود بحيث لا يميز فمن هنا لم يستطع أحد أن يعين مكان الباب المذكور.

وإن يروى المؤرخون أن أبا غسان قال: «قد عمر سقف مسجد السعادة سنة 193 هـ،وإننا كنا قد عرفنا مكان الباب المسدود إلا أن الإمام السمهودى قال قد

ص: 318

جدد المسجد الشريف والحجرة اللطيفة فى زماننا وعمر، ولكن ما أمكن أن يعيّن الباب المسدود فضلا عن مكانه وهذا القول يؤيد الرواية الأولى ويؤكدها، وإن كان غرض الإمام السمهودى أن يشير إلى أن الباب المسدود قد أصبح مجهول المكان بمرور الزمان فمن المحتمل أن يكون قد شوهد مكان الباب المذكور فى سنة 193 هـ حتى يقترن قول أبى غسان بالصحة.

يقول أبو غسان وهو يخبرنا أن الفاصلة التى بين الجدار الذى مده عمر بن عبد العزيز وجدار الحجرة المعطرة القديمة قد مسحت سنة 193: «قد مسحت، فى زماننا، الفاصلة التى بين جدران الحجرة المقدسة ووجد طرفها الشرقى 3 أذرع وطرفها الغربى ذراعا واحدا وبلغت فى هذا الوقت الجهة الشرقية من الطرف القبلى ذراعا واحدا، إلا أن جميع أماكن هذه الجهة لم تكن متساوية فالمحل القريب من وجهة السعادة كان فى اتساع شبر والأسفل منه فترة ما بين الإبهام والسبابة-وكانت نهاية الجدار الشرقى ضيقة بحيث لا تسمح بالمرور.

وكان بعض أماكن جدار الحجرة الشريفة القديم قد انهارت تقريبا فى سنة خمسمائة أو 613 أو 640 وعمرت مستأذنا من مركز الخلافة وأصلحت دون تأخير، وبينما كان الجدار ينهار فى خلال سنة 520 سمع صوت من داخل مربع القبر الجليل إلا أن سكان أهل المدينة لم يتجرءوا أن يخبروا به أحدا رعاية للنبى صلى الله عليه وسلم مدة أربعين عاما، وفى النهاية أخبروا وعرضوا الأمر فى سنة 570 على المستضئ بالله العباسى.

وبناء على القرار الذى اتخذه المجلس الذى عقده المستضئ بالله سنة 570 تحت رياسته والذى ضم أكابر العلماء وأفاضل الفقهاء أمر واليه فى المدينة أن يدخل فى داخل حجرة السعادة واحدا من فضلاء خدام الحرم النبوى ومتبحريهم لأجل الفحص، واتحدت آراء أهل المدينة على أن يوكل هذا الأمر إلى شخص زاهد من بنى العباس يسمى بدر الدين.

ودخل حضرة بدر الدين من الباب الصغير الذى فتح فى الجهة الشرقية إلى

ص: 319

الحجرة الشريفة ورأى أن بعض الأماكن فى الجهة الغربية من السور القديم الذى فى داخل الجدار الذى بنى فى عصر عمر بن عبد العزيز قد انهار، فصنع مقدارا كافيا من اللبن من تراب مسجد السعادة وعمرت الأماكن المنهدمة من الجدار وأخذ منه الصحن الخشبى الذى وجده بجانب الجدار المنهار وأخرجه وبعثه إلى بغداد، وكان هذا الصحن قد ظل فى داخل الجدار الذى جدده عبد الله بن الزبير، ولما انهار الجدار انكسر أحد جوانبه وظل الباقى فى داخل الجدار فبدر الدين الضعيف أخذ معه الجزء المنكسر فيه كما أخذ من تراب الجدار المنهار قدرا من التراب بقصد التبرك فقط وذهب، وقد عرضت الكيفية إلى مقام الخلافة الجليلة مفصلا من قبل إلى المدينة.

اليوم السعيد الذى دخل فيه بدر الدين إلى بغداد كان عيدا كبيرا وعظيما فترك الجميع أعمالهم واستقبلوا جناب بدر الدين وأوصلوه إلى دار السلام فى تعظيم وتوفير واحترام.

وقد سمع أيضا فى سنة 548 هـ صوت انهيار الجدار فى داخل الحجرة المعطرة الشريفة وأبلغ الأهالى أمير المدينة قاسم بن مهنى الحسينى، وأمر قاسم بن مهنى بإنزال شخص يتصف بالزهد والصلاح والعفة والاستقامة ومتدينا فى داخل القبر الجليل وقد قوبل هذا الرأى الرزين باتفاق الجميع ورئى أن من المناسب تعيين عمر النسائى الموصلى من المشايخ الصوفية وأفاضل المجاورين والذى عرف فى المدينة بالزهد التام والتدين والتقى وبلغ المشار إليه الفاضل بهذا الأمر

(1)

.

ولما كان حضرة عمر النسائى مصابا بمرض سلس البول استمهل لبعض الوقت حتى يستجمع قوة بدنه لتكفى للدخول والخروج فى قبر السعادة، وذلك بالتريض.

وبعد ذلك ربط حضرته بحبل وأخذ معه شمعة وأدوات أخرى لازمة ودخل فى الفاصلة التى بين غطاء مربع قبر السعادة وحجرة السعادة ومن هناك من قبة

(1)

يروى بعض الرواة أنه قد جعل بجانب عمر النسائى هارون المشانى وشخص آخر.

ص: 320

الحجرة أى من المتنفس الذى فوق سقف الحجرة المنورة إلى داخل مربع القبر وأوقد الشمعة وألقى نظرة حول القبور ورأى أن بعض الأتربة قد سقطت من سقف الحجرة، فكنس التراب المذكور بلحيته وخرج من حيث دخل.

المعجزة: قد نجا حضرة عمر النسائى بعد خروجه من حجرة السعادة من علة سلس البول وعاد إلى آخر عمره مستريحا.

قال ابن النجار «شمّ قاسم بن مهنى الحسينى فى سنة 554 هـ فى ربيع الآخر من تلك السنة رائحة عفنة من داخل الحجرة الشريفة فأنزل بيان الاسم من خدمة الحجرة الشريفة، وأصغى الموصلى بقولى المسجد الشريف والشيخ هارون الشادى من أفاضل الزمان فى داخل الحجرة المنيفة ووجد الذوات المشار إليهم بين الفاصلة التى بين الجدران جيفة هرة ميتة وأخرجوها، وكان اليوم الذى دخل فيه هؤلاء داخل حجرة السعادة وخرجوا منها يوم الجمعة الحادى عشر من ربيع الآخر من السنة المذكورة، وبعد ذلك إلى زماننا هذا لم يدخل أحد فى قبر السعادة ولم يخرج، وأراد بهذه الرواية أن يسقط القول الذى قيل فى حق عمر النسائى عن الاعتبار وليس بعيدا أن تكون الحكاية التى نقلت عن عمر النسائى نفس القصة التى رواها ابن النجار إلا أنها رويت بطرق مختلفة.

وإن كانت أبنية الحجرة المعطرة مربعة إلا أن هناك من يدعى أنها مخمسة، مع أن الإمام السمهودى الذى يرد ادعاءات هؤلاء ويخرجها قائلا:«إن أبنية الحجرة المعطرة المقدسة مربعة، فالذين اعتقدوا أنها مخمسة قد أخطئوا، إننى دخلت فى داخل الحجرة الشريفة وقمت بمسحها بنفسى» .

وبناء على حسابى داخل الجهة الشامية من حجرة السعادة أحد عشر ذراعا بثلاثة أرباع ذراع وكل واحد من عرض الشرقى والغربى سبعة أذرع خمسة أرباع ذراع وعلى كل حال فهذا الحساب يشير إلى مقارنته لمسح ابن شيبة ويحيى، وعرض الجهات الثلاث غير داخل الجدار القديم الشرقى الذى حدد ذراع ونصف ذراع وعقدتان كما أن الجدار الشرقى المجدد ذراع وخمسة أرباع، وارتفاع

ص: 321

الجدران ثلاثة أذرع وثلاثة أرباع لكل جهة، إلا أن بعض أماكنها قد رفعت قليلا وبما أن أعلاها قد صنع من الآجر قدر ذراع واحد قد فهم أنه قد أضيف فيها بعد.

السور الخشبى الذى حول حجرة السعادة، لم يكن أى شئ حول الجدار الخارجى لحجرة السعادة حتى عصر جمال الدين الأصفهانى وقد أحاط جمال الدين الأصفهانى الجدار الذى بناه عمر بن عبد العزيز حول الحجرة المعطرة بسور مصنوع من خشب شجرة الصندل والآبنوس، وأوصل ارتفاع هذا السور إلى سقف المسجد الشريف وألصقه به، إلا أنه قد احترق فى الحريق الأول كما سيحرر فى الصورة الثامنة من الوجهة الثامنة فجدد سنة 668 هـ وسمى بالمقصورة وبعد ذلك قد جدد وعمر مرارا. انتهى.

جدران أبنية الحجرة المعطرة القديمة أعلى من الجدران التى مدها عمر بن عبد العزيز قدر خمسة عشر ذراعا بما أن أرض الجدار الجديد أعلى من أرضية الجدار القديمة فمن هنا تظهر الجدران فى ارتفاع واحد. وبناء على أرجح الروايات بين الجدارين فاصلة ما تقرب من ذراع ونصف ذراع.

والجدار الذى مده عمر بن عبد العزيز-كما يرى فى الشكل الآتى: مثلث الشكل فى الجهة الشمالية وهذا الشكل المثلث ما بين الجدار القديم والجديد فالفاصلة التى تمتد من الزاوية الشمالية إلى الجدار القديم ثمانية أذرع، وكان فوق سقف الحجرة المعطرة اللطيف قطعة قماش مشمع على شكل الخيمة وكان فوق هذا الغطاء سقف مسجد السعادة وفوق هذا السقف يعنى فوق سقف المسجد الشريف باب

(1)

صغير وبين القماش المشمع وسقف المسجد فاصلة قدر ذراعين، الشكل والهيئة التى ذكرت كانت الحالة التى عليها قبل الحريق الأول؛ لأن ما بين سقف المسجد الشريف وغطاء الحجرة المعطرة قد أغلق ببعض الألواح الخشبية التى كسيت بالمشمع وفتحت نافذة وسط سقف الحجرة الشريفة تسمى قبة النور

(2)

وأغلق بالقفل بعد الحريق، وإن كان بعض المؤرخين قالوا كان يدخل للفاصلة

(1)

إن المنفس الذى وسم أعلاه، ب «قبة الحجرة» عبارة عن هذا الباب الصغير.

(2)

كان يقال لهذه النافذة قبل الحريق قبة حجرة قبر النبى صلى الله عليه وسلم.

ص: 322

التى بين الجدار القديم والجديد من الباب الصغير الذى فتح فى سقف حجرة السعادة إنهم لم يصيبوا الحقيقة فى ذهابهم هذا وابتعدوا عن الصحة.

وإن أراد ابن رشد أن يرد الأقوال المشهورة إذ ادعى أنه لم يكن فوق القبر الجليل سقف وقال لم يكن قديما فوق القبر الشريف سقف غير سقف مسجد السعادة، وبما أنه قد مات سنة 520 هـ فادعاؤه هذا يشير إلى هيئة المسجد الشريف قبل الحريق، ومع هذا فرواية الإمام مالك-عليه الرحمة-بخصوص الكسوة الشريفة تؤيد أن الحجرة المعطرة كانت مسقوفة قبل الحريق الأول، حتى إنهم وجدوا بقية ميزاب السقف العتيق عندما كانوا يجددون المسجد فى عصر الأشرف قايتباى وبهذه العلامة والدليل حكموا أن حجرة السعادة كانت مسقوفة فى الصدر الأول وأن الميزاب العتيق كان مصنوعا من خشب شجرة الساج، جاء فى صحيح الدارمى أنه قد وقع فى حياة السيدة عائشة الصديقة-رضى الله عنها-زوج النبى قحط وغلاء اشتكى الناس ذلك لذاتها السامية ورجوها أن تجد لها حلا.

قالت السيدة عائشة: «افتحوا نافذة فوق قبر السعادة حيث لا يبقى شئ يحول بين سقف القبر الجليل وبين السماء! وبهذا أمرت أن تفتح نافذة صغيرة فوق سقف القبر الجليل وقد استحسن أهل المدينة رأى والدتنا المشار إليها وقرروا فى النهاية فتح نافذة صغيرة فوق قبر السعادة وأطلق عليها «قبة النور» ، «قبة المجرة» .

وفى أثناء فتح سكان المدينة، بناء على توصية الصديقة-النافذة فوق قبر الرسول ظهرت فى السماء علامات المطر وأخذ المطر فى النزول وغرقت الغبراء بالمياه ونمت الحشائش فى الأودية والصحارى وأخذت الدواب فى الرعى. وقد سر أهل المدينة من هذه الحالة وسموا تلك السنة ب (عام الفتق) وكانوا بعد ذلك كلما احتاجوا إلى شئ أو المطر فتحوا النافذة التى فوق قبر الرسول، وقد دام هذا النظام إلى الحريق الثانى، حتى إنهم كانوا قد فتحوا منفذا فوق القبة الخضراء المصنوعة من الحجر كالحالة السابقة بعد الحريق الأول، وتركوا فيما بعد هذه

ص: 323

الأصول، لسبب ما، وأخذوا يدعون فاتحين باب الرحمة المقابل لوجه النبى صلى الله عليه وسلم فى مقصورة النور التى تحيط بالحجرة المعطرة، ودام هذا النظام إلى عهد شاهين إلى وقوع الحريق الثانى لأن شاهين الجمالى قد بنى فوق سقف مسجد السعادة قبة حجرية كما فتح فوق ذروتها نافذة وركب عليها قفصا حديديا كما ركب فوق النافذة التى صنعت فوق سقف الحجرة الشريفة اللطيفة قفصا آخر، وركب فى وسطه منفسا مغلقا، وكلما كان أهل المدينة يتعرضون لداهية دهياء يفتحون ذلك المنفس، بما أنهم كانوا يستسقون واقفين بجانب المنفس المذكور فى سنين القحط والغلاء.

وإن كانت قبة النور التى هى نافذة قبة السعادة موجودة فى أيامنا هذه إلا أن نظام فتحها لأجل الدعاء غير حاصل، والآن يدعون فاتحين الباب المعلا الذى يطلق عليه باب الوفود الذى يقابل أسطوانة الوفود التى توجد فى جهة الروضة المطهرة من حجرة السعادة، وبناء على ما أخبره مسنو المدينة وأصحاب العلم أنه كلما دعى وذلك الباب مفتوح فلابد أن يظهر أثر الاستجابة سريعا.

قد اختلف مؤرخو الأسلاف كثيرا فى تعيين مراقد المدفونين فى داخل الحجرة المعطرة وفى نهاية القيل والقال بينوا اقتضاء تصديق سبع روايات، وادعت كل فرقة صحة روايات رواتها ولكننا حينما رأينا أن أربعا من هذه الروايات لا تستند على حجة قوية تركناها وذكرنا صور الروايات الثلاث المؤيدة بأقوى الأقوال.

الصورة الأولى: أن قبر النبى الأقدس أمام قبرى حضرة الصديق وعمر بن الخطاب قليلا، يعنى أن رأس الصديق الأكبر فى محاذاة منكبى الرسول صلى الله عليه وسلم ورأس الفاروق الأعظم فى محاذاة منكبى جانب الصديق الأعظم ولما كانت هذه الصورة أكثر وجاهة وافق على تصديقها وصحتها أغلب العلماء.

كان الوليد بن عبد الملك قد ذهب إلى المدينة المنورة فى أثناء تجديده لمسجد السعادة ليرى مدى متانة صنعه ورصانته وليرى إذا كان منزل فاطمة-رضى الله

ص: 324