المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الصورة الثالثةفى ذكر الأحاديث الشريفة التى وردت فى حق الذين اختاروا الإقامة فىالمدينة الطاهرة والذين أحدثوا البدعة والمبدعين والذين يعاونونهم - موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - جـ ٣

[أيوب صبري باشا]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌الصورة الأولىفى ذكر الأحوال الجغرافية للمدينة الميمونة

- ‌إخطار

- ‌الصورة الثانيةوجوب مراعاة حق جيران رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الصورة الثالثةفى ذكر وبيان كيفية دفن من أدركه الأجل فى المدينة الطاهرة

- ‌منظومة

- ‌الصورة الرابعةتوضح وتبين كيف يستقبل شهر رمضان الشريف-مظهر الغفران-من قبلأطفال المدينة وكيف يكون رمضان فى مدينة طيبة

- ‌مطالعة

- ‌صورة أداء صلاة التراويح:

- ‌سبب إقامة موكب الشموع:

- ‌الصورة الخامسةفى بيان ترتيب وتشكيل موكب الشموع الذى اعتيد إجراؤه فى مسجد السعادةبعد صلاة التراويح

- ‌الصورة السادسةفى تعريف طريقة أداء صلاة الفجر وصلاة العيد فى شهر رمضان

- ‌صورة أداء صلاة الفجر:

- ‌صورة أداء صلاة العيد:

- ‌الصورة السابعةفى تعريف الهيئة الكاملة لمسجد السعادة فى الوقت الحالى

- ‌الصورة الثامنةفى بيان وذكر أبواب حجرة السعادة المعطرة أبوابها وقناديلها وشمعداناتها

- ‌سبب وتاريخ استخدام الأغوات فى الحجرة المنيفة

- ‌تعريف مقدار خدمة الفراشة الشريفة الجليلة:

- ‌مقام أبى بكر وعمر رضى الله عنهما:

- ‌صورة غسل حجرة السعادة

- ‌الخدمة الدائمة للخدم:

- ‌تأديب الأغوات المتهمين:

- ‌إخطار

- ‌صورة تسكين الأغوات:

- ‌خدمات خدم مسجد السعادة الدائمة والمؤقتة:

- ‌الخطباء والأئمة فى الحرم النبوى الشريف

- ‌مكبرو الحرم الشريف

- ‌سقاء والحرم الشريف

- ‌استطراد

- ‌الوجهة الثانيةوتعرف حكم شد الرحال إلى المدينة بغرض زيارة مسجد الرسولصلى الله عليه وسلم

- ‌الصورة الأولىذكر الأحاديث الشريفة التى وردت بخصوص شد الرحال لزيارة مسجدالرسول صلى الله عليه وسلم وآراء الفقهاء العظام

- ‌إخطار

- ‌نصيحة

- ‌الصورة الثانيةفى ذكر وبيان فضائل المسجد النبوى الشريف والمنبر اللطيف والروضة النبويةالمنيفة

- ‌رواية

- ‌إخطار مهم

- ‌إخطار

- ‌بيان المصلى النبوى وبيان حدوده

- ‌الوجهة الثالثةتحتوى على ثلاث صور فى تعريف أسماء المدينة الطاهرة وفضائلها

- ‌الصورة الأولىفى بيان أسماء المدينة المنورة الجميلة وألقابها الجليلة

- ‌حرف الهمزة:

- ‌1 - أثرب:

- ‌2 و 3 - أرض الله، أرض الهجرة:

- ‌4 و 5 - أكالة البلدان [ز]،أكالة القرى [ز]:

- ‌6 - الإيمان [ز]

- ‌حرف الباء:

- ‌7 و 8 - البارة [ز]

- ‌9 و 10 و 11 - ومن أسمائها الشريفة بحره، بُحيرة، بَحيرة

- ‌12 - بلاط [ز]:

- ‌13 - بلد [ز]:

- ‌14 - بيت الرسول، صلى الله عليه وسلم [ز]:

- ‌حرف التاء:

- ‌16،15 - تندر [ز] تيدر [ز]:

- ‌حرف الجيم:

- ‌20،19،18،17 - جابرة [ز] جبار، جبابرة [ز] جبّارة:

- ‌21 - جزيرة العرب [ز]:

- ‌حرف الحاء:

- ‌23 - الحبيبة:

- ‌24 - حرم:

- ‌26،25 - حرم رسول الله [ز]،حسنة:

- ‌حرف الخاء:

- ‌28،27 - خيره، خيره:

- ‌حرف الدال:

- ‌37،36،35،34،33،32،31،30،29 - الدار [ز] دار الأبرار، دارالأخيار [ز] دار الإيمان [ز] دار السلام [ز] دار السنة [ز] دار السلامة [ز] دارالفتح [ز] دار الهجرة:

- ‌38 - درع، الحصينة [ز]:

- ‌حرف الذال:

- ‌39 - ذات الحجر [ز]:

- ‌40 - ذات الحرار [ز]:

- ‌41 - ذات النخل [ز]:

- ‌حرف السين:

- ‌42 - سلق:

- ‌43 - و 44 سلق وسلق

- ‌45 - سيدة البلاد [ز]:

- ‌46 - شافية [ز]:

- ‌حرف الطاء:

- ‌50،49،48،47 - طابه، طيبه، طيبة، طائب [ز]:

- ‌كما أن مطيبه (51) وطبابا (52) من أسماء المدينة

- ‌حرف الظاء:

- ‌54،53 - ظيابا [ز] ظبابا:

- ‌حرف العين:

- ‌55 - عاصمة:

- ‌56 - عذراء:

- ‌57 - عراء [ز]:

- ‌حرف الغين:

- ‌60،59 - غراء [ز]:غالبه [ز]:

- ‌حرف الفاء:

- ‌61 - فاضحة [ز]

- ‌حرف القاف:

- ‌62 - قاصمة [ز]:

- ‌67،66،65.64،63 - قرية [ز] قرية الأنصار [ز] قبة الإسلام، قريةالرسول، قلب الإيمان [ز]

- ‌حرف الميم:

- ‌68 - مؤمنة [ز]:

- ‌69 - 103 مباركة [ز]

- ‌حرف النون:

- ‌106،105،104 - ناجية [ز] نبلاء [ز] نجر [ز]

- ‌حرف الهاء:

- ‌108،107 - هرزاء [ز] هز:

- ‌حرف الياء:

- ‌111،110،109 - يثرب، يندد [ز]:

- ‌الصورة الثانيةفى ذكر الروايات التى نقلت من الآثار الموثوقة والأخبار الصحيحة فى فضلورجحان المدينة المنورة على سائر الممالك

- ‌الصورة الثالثةفى ذكر الأحاديث الشريفة التى وردت فى حق الذين اختاروا الإقامة فىالمدينة الطاهرة والذين أحدثوا البدعة والمبدعين والذين يعاونونهم

- ‌الوجهة الرابعةتشمل خمس صور تفصل أوائل حال المدينة المنورة وسكانها القدماء

- ‌الصورة الأولىفى ذكر أحوال المدينة الأولى وأطوار سكانها القدماء وأحوالهم

- ‌الصورة الثانيةفى ذكر القبائل التى كانت فى أرض يثرب وقت أن هاجر إليها الأوسوالخزرج بن ثعلبة

- ‌سبب ظهور وقعة مالك بن عجلان وصورة ظهورها:

- ‌الصورة الثالثةفى ذكر بيان القرى والمحال التى أسسها أفراد قبائل بنى الأوس حول المدينة

- ‌الصورة الرابعةفى تعريف ووصف القرى والمنازل التى سكنها بعد تهيئتها أبناء قبائل الخزرجوجماعاتها فى جوار مدينة الرسول

- ‌الصورة الخامسةفى تعريف رؤية الملاحم التى ظهرت قبل الإسلام بين قبائل الأنصار الكريمةوالمعارك المشهورة

- ‌رواية

- ‌الوجهة الخامسةوتشمل ثلاث صور تعين إرسال مصعب ابن عمير إلى يثرب

- ‌الصورة الأولىفى ذكر بيعة السابقين من الأنصار للإسلام وفى دعوة مصعب بن عمير أهلالمدينة إلى الإسلام

- ‌حكمة

- ‌سبب كون النبى صلى الله عليه وسلم أنصاريا من الخزرج:

- ‌الصورة الثانيةفى هجرة النبى صلى الله عليه وسلم إلى دار الأمن المدينة المنورة

- ‌عربى

- ‌رواية

- ‌إخطار

- ‌ المعجزة

- ‌مسألة

- ‌إخطار

- ‌الصورة الثالثةفى بيان وقائع سنين الهجرة وتفصيلاتها الإجمالية

- ‌السنة الأولى للهجرة

- ‌سنة الأذان المحمدى:

- ‌أصول التسبيح فوق المآذن:

- ‌السنة الثانية للهجرة

- ‌السنة الثالثة الهجرية

- ‌ السنة الرابعة الهجرية

- ‌السنة الخامسة الهجرية

- ‌السنة السادسة الهجرية

- ‌السنة السابعة الهجرية

- ‌السنة الثامنة الهجرية

- ‌السنة التاسعة الهجرية

- ‌السنة العاشرة الهجرية

- ‌السنة الحادية عشرة الهجرية

- ‌الوجهة السادسةوتشتمل على إحدى عشرة صورة تعرف بالتفصيل توسيع وتجديد المسجدالشريف ودار فاطمة رضى الله عنها السعيدة

- ‌الصورة الأولىفى ذكر صورة طرح وتأسيس مسجد السعادة على صاحبه أفضل التحية

- ‌استطراد

- ‌ حديقة أولاد صفى

- ‌رأى ومطالعة

- ‌إخطار

- ‌الصورة الثانيةتبين توسيع مسجد السعادة وتحويل المحراب الشريف

- ‌إخطار

- ‌الصورة الثالثةفى ذكر الأماكن السعيدة التى صلى فيها من المسجد الشريف إمام محرابالملكوت-عليه السلام

- ‌مؤسس محراب مسجد السعادة:

- ‌نظم

- ‌الصورة الرابعةفى تعريف جزعة مسجد السعادة والمحل القديم لمحراب النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌إخطار

- ‌تنبيه

- ‌نعت شريف

- ‌الصورة الخامسةتبين سبب تأسيس منبر مسجد النبى وصورته وجزع ونحيب النخلة

- ‌مثنوى

- ‌استطراد

- ‌مثنوى

- ‌‌‌مثنوى

- ‌مثنوى

- ‌حكاية

- ‌استطراد

- ‌الصورة السادسةفى ذكر عدد المرات التى جدد فيها منبر السعادة وعدد المرات التى عمر

- ‌إخطار

- ‌الصورة السابعةفى بيان الأساطين التى ركزت فى مسجد السعادة فى عصر النبى السامى صلى الله عليه وسلم

- ‌كانت الأساطين الأصلية لمسجد السعادة ثمانية أعمدة موزونة متساوية، وقدزيد مؤخرا عدد أساطين المسجد الشريف المنيفة

- ‌1 - الأسطوانة المخلقة:

- ‌2 - أسطوانة عائشة:

- ‌3 - أسطوانة التوبة:

- ‌4 - أسطوانة السرير:

- ‌5 - أسطوانة المحرس:

- ‌6 - أسطوانة الوفود:

- ‌إخطار

- ‌7 - أسطوانة مربعة القبر:

- ‌8 - أسطوانة التهجد:

- ‌9 - محراب باب الجنائز:

- ‌الأبيات التى سطرت على الأساطين الأربع من الصف الأول:

- ‌الأسطوانة الأولى

- ‌الأسطوانة الثانية

- ‌الأسطوانة الثالثة

- ‌الأسطوانة الرابعة

- ‌الأسطوانة الخامسة

- ‌الأسطوانة السادسة

- ‌الأسطوانة السابعة

- ‌الأسطوانة الثامنة

- ‌الأسطوانة التاسعة

- ‌الأسطوانة العاشرة

- ‌الأسطوانة الحادية عشرة

- ‌الأسطوانة الثانية عشرة

- ‌استطراد

- ‌الصورة الثامنةفى ذكر وبيان المقام واجب الاحترام الذى يطلق عليه «الصفّة»

- ‌استطراد

- ‌أصحاب الصفة الذين أورد أبو نعيم أسماءهم الجميلة ومناقبهم الجليلة منبين هؤلاء:

- ‌كيفية إعاشة أصحاب الصفة:

- ‌الصورة التاسعةفى تعريف الحجرة النبوية المعطرة

- ‌حكاية

- ‌حكاية أخرى

- ‌الصورة العاشرةفى تعريف دار فاطمة-رضى الله عنها-السعيدة

- ‌الصورة الحادية عشرةفى تعريف كيفية إغلاق الأبواب التى تواجه مسجد النبى فى عصر السعادة

- ‌الوجهة السابعةتجمع خمس صور تبين وتظهر عدد المرات التى جددت فيها حدود المسجدالنبوى

- ‌الصورة الأولىفى ذكر توسيع مسجد الرسول لأول مرة

- ‌الصورة الثانيةفى ذكر كيفية تجديد مسجد السعادة وتوسيعه للمرة الثانية

- ‌مقصورة مسجد السعادة

- ‌الصورة الثالثةفى ذكر كيفية تجديد مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وتوسيعه للمرة الثالثة

- ‌مطالعة

- ‌صورة أداء صلاة الجنازة فى مسجد السعادة وسبب منعه

- ‌استطراد

- ‌موازنة تاريخية

- ‌الصورة الرابعةفى تعريف تجديد مسجد السعادة وكيفية توسيعه للمرة الرابعة

- ‌إخطار

- ‌الصورة الخامسةفى تعريف الحجرة المعطرة والقبور الثلاثة المنورة

- ‌الشكل الأولقبر النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌الشكل الثانىقبر النبى صلى الله عليه وسلم/قبر عمر بن الخطاب رضى الله عنهقبر أبى بكر الصديق رضى الله عنه

- ‌الشكل الثالثقبر النبى صلى الله عليه وسلم/قبر أبى بكر الصديق رضى الله عنهقبر عمر بن الخطاب رضى الله عنه

- ‌الهيئة المرئية للقبور الثلاث المقدسة فوق الأرض:

- ‌شبكة قبر السعادة

- ‌رواية

- ‌الوجهة الثامنةوتحتوى على تسع صور وتشمل تفصيلاتعن علامات رأس النبى الشريف ومقام جبريل الأمين السامى

- ‌الصورة الأولىفى ذكر علامة الجهةالتى يوجد فيها رأس الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌إخطار

- ‌الصورة الثانيةترى وتعرف علامة جهة وجه النبى اللطيف

- ‌الصورة الثالثةفى تعريف مقام جبريل الأمين وتعيينه

- ‌الصورة الرابعةفرش حجرة السعادة وتعميرها وتجديدها

- ‌ذيل

- ‌حكاية

- ‌الصورة الخامسةفى تعريف ستارة الحجرة المعطرة

- ‌أصول تعليق ستارة قبر السعادة وتجديدها

- ‌الصورة السادسةفى تعريف صورة تخليق(1)حجرة السعادة

- ‌الصورة السابعةفى بيان وتعريف قناديل الحجرة الشريفة

- ‌غريبة

- ‌الصورة الثامنةفى تعريف الشبكة الشريفة التى تحيط بالحجرة المعطرة ودار فاطمة-رضى اللهعنها-السعيدة

- ‌ القصيدة

- ‌ القطعة

- ‌الصورة التاسعةفى ذكر قبة حجرة السعادة

- ‌الوجهة التاسعةوتحتوى على ثمانى صور

- ‌الصورة الأولىفى تعريف المصاحف الشريفة والأجزاء القرآنية اللطيفة وكتب الأدعيةالموجودة فى الخزينة النبوية

- ‌أجزاء القرآن الشريفة:

- ‌الدلائل(1)الشريفة

- ‌الصورة الثانيةفى تعريف وذكر وتفصيل جنس الأشياء النفيسة ومقدار الأشياء المحفوظة فىداخل حجرة السعادة المشحونة بالنور

- ‌عدد

- ‌الأشياء المتنوعة

- ‌عدد

- ‌عدد

- ‌عدد

- ‌الصورة الثالثةفى ذكر وبيان جنس ومقدار الأشياء التى تبرع بها والتى علقت فى داخلالحجرة المعطرة التى تعدل الجنة

- ‌الصورة الرابعةفى ذكر وتعريف أطقم البخور والسكات من الفضة والذهب والمحفوظة فىداخل الحجرة المعطرة والتى تخرج كلما اقتضت الحاجة إليها

- ‌الصورة الخامسةفى ذكر تفصيل الشمعدانات والأشياء الأخرى المحفوظة فى داخل حجرةالسعادة جنسها ومقدارها والتى تستخدم كلما دعت الحاجة إلى استعمالها

- ‌الصورة السادسةفى تعريف الأشياء الفضية النفيسة-جنسها ومقدارها-المحفوظة فى خزينةالحجرة المعطرة الجليلة

- ‌الصورة السابعةفى تعريف وتفصيل الستائر والأغطية التى تغطى أبواب حجرة السعادةوالمقامات المنيفة الأخرى مقدارها وأنواعها

- ‌الصورة الثامنةتبين وتعرض الشمعدانات والتعليقات والثريات

- ‌خلاصة

- ‌مسألة

- ‌إخطار

- ‌قطعة

الفصل: ‌الصورة الثالثةفى ذكر الأحاديث الشريفة التى وردت فى حق الذين اختاروا الإقامة فىالمدينة الطاهرة والذين أحدثوا البدعة والمبدعين والذين يعاونونهم

‌الصورة الثالثة

فى ذكر الأحاديث الشريفة التى وردت فى حق الذين اختاروا الإقامة فى

المدينة الطاهرة والذين أحدثوا البدعة والمبدعين والذين يعاونونهم

.

وقد فتح سلطان الرسالة-عليه أسمى التحية-فاه الشريف مبينا عظمة وقدر وفضل المدينة المنورة وقال ما معناه أنه سيأتى زمان على الناس سينقل فيه كل شخص أولاده وعياله وقومه وقبيلته إلى أماكن رخيصة وذات سعة فى العيش وكما تدخل الثعابين فى جحرها خائفة من أعدائها هكذا سينسحب نور الإيمان فى ذلك الوقت من البلاد الأخرى وسيتوجه نحو مدينة دار السكينة، وأقسم بالله الذى نفسى بيده بأن الذين لا يقدرون عظمة وخيرية المدينة المنورة ولا يذعنون لذلك ويغادرون المدينة المنورة ويفارقونها إلى البلاد الأخرى فسيأتى مكانهم من هو خير منهم، وإن كل نفر يعرض عن المدينة ويهاجر إلى البلاد الأخرى إلا وبدله الله سبحانه وتعالى بشخص يرغب فى الإقامة فى المدينة ويصبر على بلائها وعنائها.

يعنى يرسل إليها من هم خير من القادرين، وكل من يتحمل ضيق وعناء وشدة دار السكينة فإنه صلى الله عليه وسلم يشهد فى يوم القيامة ذى الأهوال الشديدة على طاعة أهل الصبر ويبالغ فى شفاعته لأمته.

ذهب حضرة سعيد مولى المهرى إلى أبى سعيد الخدرى عقب توالى الظلم والغدر أيام واقعة الحرة فشكى من ضيق الحال وكثرة العيال ونقل إليه رغبته فى الهجرة إلى بلاد أخرى بهدف معايشة عياله وأولاده فى رفاهية وسرور. فأجابه أبو سعيد الخدرى قائلا «أوه لحالك هذه إننى «لا أرى من المناسب أن تترك هذا البلد وتضحى به» فأورد له الحديث الشريف الذى يقول حق المدينة «لا يصبر على لأوائها أحد إلا كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة»

(1)

وفى نفس ذلك الوقت

(1)

الحديث رواه الإمام أحمد فى مسنده 69،29/ 3،155/ 2،وانظر مجمع الزوائد 300/ 3.

ص: 100

المشحون بالفيض الإلهى لقى شخص آخر عبد الله ابن عمر وقال «يا أبا عبد الرحمن. قد حل زمن زاد فيه الجور والظلم وزادت حالة العباد ضيقا واشتدادا وبناء على هذا فأنا أريد أن أهاجر إلى بلد ذى شهرة بالرخص» .فذكر له عبد الله بن عمر الحديث الطويل سالف الذكر وقال له لا تفارق مكانك الذى أنت فيه ولو خطوة واحدة.

إن تفضل الآمر بالحكمة-عليه أفضل التحية-قائلا «أكون إما شفيعا أو شهيدا على من يتحملون بلايا المدينة المنورة بالصبر عليها» لا يشك فيه لأن معناه أكون شاهدا للمطيعين وشفيعا للعصاة ولما كانت هذه الشفاعة أخص من الشفاعة العامة فإن ذلك الحديث يدل على أن سكنة تلك المدينة المذكورة يتوفون على إيمانهم ومعلوم أن الشفاعة ستكون فى حق أهل الإيمان.

إن تبشير متوفى المدينة جعل سكان دار السكينة رهن السرور ومما لا شك فيه أن الحديث الشريف (من مات بالمدينة كنت له شفيعا يوم القيامة)

(1)

سيسر الذين يؤثرون الفداء بأرواحهم فى المدينة المنورة، ويروى ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يدعو فى أثناء وجوده فى مكة قائلا «نرجو من المعطى ألا يتوفانا فى مكة المكرمة» وذلك عن صحبته له-عليه السلام-ويروى من مصدر موثوق أن صاحب الآيات-عليه أفضل التحيات-يقول «إن الذين لهم ملك فى المدينة يجب أن يحرصوا على المحافظة على أملاكهم وأن يسعى الذين لا يملكون شيئا فى المدينة لبذل الجهود على أن يمتلكوا شيئا فيها» ،كما أنه-عليه السلام-نبه المهاجرين إلى البلدة الطيبة أن يهيئوا لأنفسهم ولو شجرة نخلة

(2)

واحدة.

وقد روى الإمام الزهرى مرفوعا «لا تتخذوا الأموال بمكة واتخذوها فى دار هجرتكم فإن الرجل مع ماله» كما روى ابن عمر الحديث اللطيف «لا تتخذوا من وراء الرق حاملا ولا ترتدوا على أعقابكم بعد الهجرة ولا تنكحوا بناتكم طلقاء

(1)

عند الترمذى بلفظ: «من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها فإنى أشفع لمن يموت بها» وفى رواية الطبرانى: «فإنه من مات بها كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة» .

وقال: حسن صحيح. انظر: إعلام الساجد ص 248،مجمع الزوائد 306/ 3.

(2)

راجع مجمع الزوائد 301/ 3.

ص: 101

أهل مكة» وبهذا ينقلون أن النبى صلى الله عليه وسلم حض على عدم امتلاك الأموال فى مكة بل فى المدينة لأن مال كل إنسان يكون بجانبه.

إن مدينة دار السكينة مثل

(1)

كير الحداد يفرق بين المخلصين من الموحدين وأهل النفاق وتفصل بينهما، كما أن الكير يفصل بين الحديد وخبثه وهكذا تفصل المدينة المنورة تمحص قذارة ووسخ أهل النفاق وتبعدهم عنها وتصفى وتبقى على أهل الإخلاص.

قال أحد الأعراب-وكان قد مرض بالمدينة-للرسول صلى الله عليه وسلم يا رسول الله! أقلنى عن بيعتى

(2)

.

فأبى الرسول صلى الله عليه وسلم وأعرض عنه، وغادر الأعرابى المدينة.

عندئذ قال خير البرايا-عليه أكمل التحايا- «وإن المدينة المنورة مثل كير الحداد يزيل الخبث ويصفى الطيب»

(3)

يفهم من هذا الحديث أن المدينة المنورة لا تقبل أهل الفساد والبدعة وتطردهم بعيدا، وما زالت هذه الخاصية فى المدينة الشهيرة ومشهورة بها.

وإن قال بعض الذوات أن الخاصية بالمدينة تنحصر فى عصر السعادة فبناء على حكم القول الشريف «لا تقوم الساعة حتى تنفى المدينة شرارها»

(4)

وبناء على ما قاله عمر بن عبد العزيز عند ما كان يفارق المدينة المنورة «أخاف أن أكون من الذين تبعدهم المدينة وتطردهم» فخاصية المدينة المنورة ستستمر إلى ظهور الدجال، ولكن الأشخاص الذين ستطردهم المدينة هم الكفار الذين يتصفون بالخبث الكامل، أما العصاة الذين لم يصلوا إلى درجة الكفر ينقلون إلى أماكن مناسبة بواسطة الملائكة بعد ارتحالهم وموتهم، ويفهم من هذا أن أهل المدينة الذين لا

(1)

يطلق الكير على موقد الحداد موقد المعادن.

(2)

الإقالة الادعاء بأن الإنسان قال شيئا وفى الحقيقة لم يقل شيئا كالافتراء.

(3)

الخبر فى الصحيحين: انظر صحيح مسلم 3296 فتح البارى 201،200/ 13 باب بيعة الأعراب، عمدة القارى 245/ 10.

(4)

رواه الإمام مسلم فى صحيحه، كتاب الحج، باب المدينة تنفى شرارها، حديث 3293.ط دار الغد العربى.

ص: 102

يستحقون الشفاعة ينفون إلى أماكن أخرى لإزالة ومسح ذنوبهم أو أنهم يمحون ذنوبهم بزيادة أجورهم ومثوباتهم كما تفيد الآية الجليلة:

{وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذّاكِرِينَ} . (هود:114).

أو أنها تظهر خباثة وفساد من فى قلوبهم الفساد والخبث.

وقد ثبت بحكم الأحاديث الشريفة أن الذين يحدثون البدعة فى المدينة أو يعينون على ذلك سيلعنون من قبل الرحمن، وأن صلوات مثل هؤلاء الرجال المفروضة ونوافلهم لن تقبل منهم فالآثام الصغيرة التى ترتكب فى المدينة المنورة تعد من الكبائر بناء على الإفادة العاتبة لله-سبحانه وتعالى-إن الله-سبحانه وتعالى-يمحو الذين يسيئون إلى أهل المدينة المنورة كما يذيب الماء الملح يذيبهم فى جهنم مثل الملح والرصاص

(1)

.

هناك اختلاف فى مدلولى لفظى المحو والإذابة إذ قال بعضهم إن الذين يتعرضون بالسوء إلى أهل المدينة المنورة سيؤاخذون على فعلتهم يوم القيامة، كما حكم بعضهم على أن هؤلاء سيؤاخذون على أعمالهم فى حياتهم، وإذا ما نظر إلى تلف المسلم الذى يناقض اسمه-أى مسلم بن عقبة

(2)

-والذى تجرأ فى ارتكاب حادثة الحرم الشهيرة، وكذلك إلى تلف يزيد

(3)

المفضوح الذى عينه للقيام بهذه المهمة الحزينة متعاقبين ترى صحة مؤدى القول الثانى وأصالته، وإذا ما نظر إلى تأخير مؤاخذة بعض الظالمين يرى أن القول معقول كذلك، ولا سيما إذا نظرنا إلى مصير طوائف القرامطة الباغية، ولكننا إذا ما نظرنا إلى مصير المغاربة الذين كانوا سببا فى إحاطة الشهيد نور الدين مرقد السعادة بجدار من الرصاص وإلى مصير المخذولين الأذلة الذين أساءوا إلى المدينة إذ تعرضوا-إن عاجلا أو آجلا-إلى أنواع المصائب والبلايا يقتضى ترجيح صحة القول الثانى.

وبما أنه قد ثبت أن الجبابرة الذين أساءوا إلى دار الهجرة المدينة المنورة قد نالوا جزاءهم من الآلام والعذاب حتى كانوا عبرة لأمثالهم ومثار الانتباه فلا شبهة أنهم

(1)

انظر: صحيح مسلم بشرح النووى حديث 3299 ط.دار الغد العربى. وإعلام الساجد، ص 257.

(2)

أهلكه الله منصرفه عن المدينة.

(3)

هلك يزيد بن معاوية أثر إغزائه أهل المدينة.

ص: 103

سيصيرون إلى الدرك الأسفل من النار ويذوبون مثل الرصاص. وقال الفرد الأكمل والأجمل-عليه سلام الله عز وجل «يا إلهى!! استعجل فى هلاك كل واحد يسيئ إلى أو إلى المدينة المنورة بلدى وحرمى، وكل من يظلم أهل المدينة يخيفهم فأخفه»

(1)

،وبهذا يومئ بهذا الدعاء أن الذين يظلمون أهل المدينة أو يخيفونهم سيتعرضون للعنة الله ومذمة الناس ويستحقونها.

الاستطراد: كان بسر بن أبى أرطاه أحد أمراء الفتنة، فلما قدم المدينة كان بصر جابر بن عبد الله قد ذهب، فقيل لجابر: لو تنحيت عنه؟ فخرج يمشى بين ابنيه فنكّب. فقال: تعس من أخاف رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال ابناه أو أحدهما يا أبت وكيف أخاف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد مات؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جنبى

(2)

.

إفادة مخصوصة: كان بسر بن أبى أرطأة ذهب إلى مكة لإجراء التعليمات التى يحملها فى خلال السنة التاسعة والثلاثين الهجرية بعد المرور بالمدينة المنورة، وأقدم على هتك حرمة الحرمين الشريفين على سبيل الإهانة. وبعد أن أتلف بسيف الغدر كثيرين من أهل الحرمين الذين لا يوافقونه فيما يرتكب وأعدمهم ثم ذهب إلى ديار اليمن وهناك أيضا جعل رءوس مئات من المسلمين ذوى العقيدة الطاهرة والمساكين ضحية سيفه الغادر الظالم. وكان أبو أيوب الأنصارى والى المدينة قد ترك دار السكينة المدينة المنورة فى اليوم الذى دخل ابن أرطأة فيها.

جمع ابن أرطأة أهالى المدينة المنورة فى مكان واحد وقال مخاطبا لهم «قد هرب أبو أيوب من هنا حتى لا يبايع معاوية ابن أبى سفيان مع أنى سأقبض عليه بأى طريقة كانت فأقتله! يجب عليكم كلكم أن تضعوا رءوسكم فى ربقة بيعة معاوية وأن تطيعوه، يجب عليكم أن تبحثوا عن جابر بن عبد الله وأن تسوقوه إلى،! وقال يا أفراد بنى سليم. إذا لم تأتوا إلى بجابر لن أقبل بيعتكم وسأقتلكم كلكم بالسيف وسأظهر لكم سطوتى وجلادتى» .

(1)

انظر مجمع الزوائد 306/ 3.

(2)

رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح: انظر: مجمع الزوائد 306/ 3.

ص: 104

بناء على ما حققه ابن عبد البر فيما كتبه أن الخائن ابن أبى أرطأة قد بعث لدعوة الناس إلى مبايعة معاوية وفى حالة عدم مبايعتهم فإنه مأذون أن يستخدم معهم الشدة والغلظة، مع أن الذين رأوا ما أظهره حضرة جابر من شجاعة فى هذا الموضوع أعجبوا بها وقالوا لا يستطيع أن يقبل هذه البيعة وانسحب إلى حرة بنى سليم رافضين عرضه واتحد جابر مع أفراد بنى سليم ونجى من يد غدر ابن أرطأة وظلمه. ومع هذا لما فهم حضرة جابر أنه لن ينجو من يد بسر إذا لم يبايع معاوية وأن غرض بسر الحقيقى كان أن يقبض على جابر مهما بذل فى سبيل ذلك من تضحيات أو مال وفعلا بدأ فى التحريات فى هذا الخصوص. ولما اطلع جابر على ذلك لقى أم سلمة-رضى الله عنها-من أمهات المؤمنين وقال لها إن البيعة التى يطلبها بسر بيعة ضالة باطلة، ولكننى إذا رفضتها فلا شك بأنه سيقتلنى فما رأيكم فى هذا الخصوص؟ فقالت له: «على رأيى يجب أن تذهب بنفسك وتبايعه حتى تمنع وقوع نار الفتنة! فقد بعثت بابنى عبد الله

(1)

بن أبى سلمة أيضا لذلك وإنه سيذهب للمبايعة».وبما أن أم سلمة رضى الله عنها أفتت بلزوم البيعة فبايع مضطرا وهكذا نجى بنفسه من يد ظلم ابن أرطأة.

وكان من عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوصى برعاية أهل المدينة ويحذر من إخافتهم وقد ورد فى ذلك أحاديث كثيرة ومن ضمن ما قاله أمير الممالك والشفقة-عليه أطيب التحية- «المدينة دار هجرتى والمكان الذى رحلت إليه، فمن واجب أمتى اجتناب الكبائر ومراعاة جانب جيرانى، وكل من لا يحترمهم ولا يرعاهم يسقيهم الله يوم القيامة من عصارة أهل النار. والحديث إن المدينة مهجرى ومضجعى! إننى سأبعث من هناك فالذى يليق بأمتى رعاية جيرانى والمحافظة عليهم! وكل من يحافظ على وصيتى فإننى سأكون له شهيدا يوم القيامة، والذين يضيعون وصاياى فالله سبحانه وتعالى يسقيهم يوم القيامة من

(1)

عبد الله بن أبى سلمة هذا قد استشهد فى داخل الحرم النبوى من قبل مسلم بن عقبة فى وقعة الحرة إذ رفض أن يبايع يزيد.

والذى فى تاريخ الطبرى أنه عمر ابن أبى سلمة. تاريخ الطبرى 139/ 5.

ص: 105

حوض الخبال

(1)

ويرويهم».

والحديث «جعل الله سبحانه وتعالى المدينة دار هجرة لى! إننى سأبعث من المدينة وسأحشر منها، فيجب على أمتى اجتناب الكبائر والمحافظة على جيرانى وكل من يحترم أهل المدينة ويرعاهم فى سبيل حرمتى وتعظيمى أكون له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة. وكل من يضيع حرمتى فالله-سبحانه وتعالى-يسقيه من حوض خبال» .

وبناء على هذا حينما طلب المهدى العباسى من الإمام مالك أن يوصيه فقال له «أوصيك بالاعتراف بوحدانية الله وأن تبذل من لطفك وعطفك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال المدينة دار هجرتى، فى صحراء القيامة سأبعث من المدينة قبرى فى المدينة، وأهل المدينة جيرانى والواجب على أئمتى أن يتقيدوا بالمحافظة على أمتى! كل من يرعاهم ويحافظ عليهم يحافظون على حقوقى!

ومن يحافظ على حقوقى أكون شفيعا له فى يوم القيامة وشهيدا. والذين لا يحافظون على وصيتى يسقيهم الله من طينة الخبال يوم القيامة ويرويهم».

عند ما زار الخليفة المهدى المدينة المنورة وذهب لزيارة الحجرة المعطرة، استقبله الإمام مالك وسادات البلد وأشرافه وجملة الأعيان وكبار موظفى الحكومة من عدة أميال من المدينة. وعندما رأى المهدى الإمام الجليل فاحتضنه وعانقه، ثم استدعى من معه واحدا تلو الآخر وصافحهم بحرارة. وعندما رأى الإمام مدى التفات الخليفة لأهل المدينة ورعايته لهم وقف ناصحا له وقال يا أمير المؤمنين «إنك ستدخل الآن إلى المدينة وسترى فى يمينك ويسارك بعض الناس، وبما أن جميع هؤلاء الذين سيراهم بصرك من أحفاد المهاجرين والأنصار-رضى الله عنهم-فيلزم عليك أن تحيى كل واحد منهم متفردا وتسلم عليهم وتعرض عليهم

(1)

الخبال: عصارة أهل النار من العصاة وهو صديد وعرق أهل النار والحديث رواه الطبرانى فى الكبير على ما ذكر الهيثمى فى مجمع الزوائد 310/ 3.وفيه عبد السلام بن أبى الجنوب، وهو متروك قلت: وعبد السلام قال على بن المدينى: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: متروك، وضعفه الدارقطنى وجرحه ابن حبان. انظر الضعفاء الكبير للعقيلى 150/ 2.

ص: 106

احترامك لهم، لأنه لا توجد على وجه الأرض عشيرة خير وأفضل منهم. كما لا توجد بلدة أفضل من بلادهم «وقد رد الإمام على سؤال المهدى الذى قال له» وما هو دليلك الذى تستند عليه فى هذا القول «وليس على وجه الأرض قبر معلوم لنبى من الأنبياء غير قبر الرسول-عليه السلام-وإن هذه الطائفة التى استوطنت على أطراف المرقد النبوى ففضلهم ورجحانهم على سكنة البلاد الأخرى ظاهران.

وإذا ما نظرت إلى نصائح الإمام مالك للخليفة المهدى وأمعنت النظر فيما قاله محبوب الأنبياء-عليه أعظم التحية: «ما زال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه»

(1)

يفهم بداهة أفضلية مجاورة قبر الرسول-صلى الله عليه وسلم-اللامع. ورأيت ما للمدينة المنورة من الفضل والمزية، وأمكنك ترجيح سكنتها على سكنة مكة المكرمة التى تمتاز بتضاعف الأجر والمثوبة لسكانها.

وبناء على وصية الإمام مالك قد راعى الخليفة جانب سكان دار السكينة ولاطفهم وسرهم ببذل عطايا كثيرة لهم.

فلتسر روح المرحوم دده عاشق الرب فما أجمل منظومته هذه ذات المعانى الكثيرة فى مدح المدينة المنورة:

المدينة هى مدينة المصطفى الطاهرة

إنها محل نظر الله المتكبر

المدينة هى منزل القرآن والوحى

وهى أيضا مهبط رسول الله

المدينة هى مضجع المختار أحمد

وهى مطاف الإنس والجن وأّهل السماء

(1)

مسند الإمام أحمد 160،85/ 2 ومواضع كثيرة. وغيره من كتب السنن.

ص: 107

فى حديثه قال فخر العالم

كان ترابك شفاء للعليل

المدينة هى منبع الفيض والإحسان

وهى راوية المحتاج لمراجعة الحقيقة

المدينة هى فاتحة بلدان الإسلام

خصوصا فاتحة أم القرى

وهى مكان الغفران لقضاة المؤمنين

مدينة محو العصيان والخطأ

وهى حديقة الورد وهى فريدة

وهى كشف الغطاء عن شهود المعرفة

ترى هل نفس عيسى ترابها الطاهر

فهى تعطى الروح للقلب الميت

أنت سريد بيضاء لموسى طاهرة

أنت مليئة بالنور للقلب المظلم

المدينة مرقد خير البشر

وشفيع المؤمنين يوم الجزاء

أنت سرير سلطنة النبوة

المدينة هى العرش المجتلى

إنه الحريم المحرم لولاك لولاك

فالمدينة مجتلى سر الأم

المدينة دار الأنصار والمهاجرين

ص: 108

هذا مكان الدين والإيمان والحياة

المدينة هى ناشرة الرحمة للعالم

وخيرها دائم خاصة لأهلها

فالذى يراها مرة يتحسر قائلا

ليتنى أراها مرة أخرى فلقاؤها محبوب

هكذا انظر كم من مشكلات يحلها ذلك السلطان فمن الصعب أن يحلها العالم فى الحقيقة وإن كان لا ينكر ما خص به أهل مكة من مزايا مثل تضاعف الأجر والثواب فيها ومجاورة بيت الله الوهاب إلا أن أهل المدينة يرجحون ويفضلون على أهل مكة بسبب مجاورتهم وقربهم من حبيب رب العزة والطبيب المداوى قلوب أمته، وتؤيد الحكم السابقة ما قاله أحمد بن حنبل لما سأل أبو بكر بن حماد «يا أبا عبد الله! ما هو أولى والأحب بالنسبة لك المجاورة فى مكة المكرمة أم السكنى فى المدينة المنورة؟» قال له «المجاورة أولى وأحب بالنسبة للذين يختارون السكنى بالمدينة صابرين على مصائبها وبلاياها» .

والقول المختار فى هذا الموضوع أن اختيار المجاورة فى أى من البلدين مستحب لحبه ذلك البلد ولما يوجبه من مزية زيادة الأجر والثواب، إلا أن الذين ذهبوا إلى أولوية المجاورة فى المدينة على مكة المكرمة كرهوا مجاورة مكة المعظمة

(1)

رغبو فى الإقامة فى المدينة الأمينة وأحبوها.

(1)

إنما كرهها من كرهها لأمور، منها: خوف الملل، وقلة الحرمة للانس وخوف ملابسة الذنوب، فإن الذنب فيها اقبح منه فى غيرها.

انظر: شرح النووى على مسلم باب الترغيب فى سكنى المدينة كتاب الحج 920/ 4 ط.دار الغد العربى.

ص: 109