الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذلك في شعبان سنة أربع وثمانين، وعاد منجوتكين إلى محاصرة حلب، فحاصرها من شعبان إلى شهر ربيع الأول سنة خمس وثمانين، فاشتد الحصار على أهلها، وكانت الأخبار ترد على بسيل ملك الروم وهو ببلاد البلغر «1» وله بها سنين كثيرة، وقد استحوذ على أكثرها، فخاف على حلب فترك قتال البلغر، ورجع إلى «2» القسطنطينية، وخرج في نحو أربعين ألفا من خواص أصحابه يركبون البغال الرهاوين ويجنبون «3» الخيل، وسار لا يلوى على متأخر ولا يقف «4» لمنقطع فوصل إلى [إعزاز]«5» في سبعة عشر ألفا، وعزم على أن يكبس منجوتكين، فنمى الخبر إليه، فانهزم لوقته، وسار إلى دمشق.
ذكر الصلح بين أبى الفضائل والعزيز نزار صاحب مصر
قال: ولما رجع منجوتكين إلى دمشق توسط بدر الحمدانى في الصلح بين العزيز وأبى الفضائل، فتم، وانعقد في بقية سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، وورد كتاب الصلح على أبى الفضائل مع مختار الحمدانى، وأقام الأمر على ذلك إلى أن توفى لؤلؤ «6» الحمدانى،
وانقطع خبر أبى الفضائل ولم يسمع له ذكر إلا أن لؤلؤا الجراحى كان يدبر أمر حلب إلى سنة أربع وأربعمائة، وكتب له سجل في شوال من السنة من قبل الحاكم صاحب مصر بملك حلب، ولقبه مرتضى «1» الدولة.
وانقرضت الدولة الحمدانية بعد أبى الفضائل، وكانت مدة هذه الدولة منذ ولى أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان ابن حمدون ولاية الموصل في سنة اثنتين وتسعين ومائتين إلى أن استقل لؤلؤ الجراحى بالملك بعد أبى الفضائل في سنة أربع وأربعمائة مائة «2» سنة واثنتا عشرة سنة تقريبا. وعدة من ملك منهم ستة ملوك، وهم: أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان. ثم ابنه ناصر الدولة أبو محمد الحسن، ثم أخوه سيف الدولة أبو الحسن على. وعدّة الدولة الغضنفر أبو تغلب بن ناصر الدولة، وسعد الدولة أبو المعالى شريف بن سيف الدولة. ثم أبو الفضائل بن سعد الدولة، وعليه انقرضت دولتهم من سائر البلاد، وكان ملك هذه «3» الدولة بعد وفاة أبى الهيجاء عبد الله في فخذين: الفخذ الأول منها: فى ناصر الدولة أبى محمد الحسن وبنيه، وقاعدة ملكهم الموصل، وآمد وديار ربيعة، وسنجار، وغير ذلك مما والاه وجاوره، وانقرضت دولتهم من الموصل، وما معها بخروج أبى تغلب الغضنفر بن ناصر
الدولة من آمد كما ذكرنا، وافترق بعده أبناء ناصر الدولة، فبعضهم دخل في طاعة الأمير عضد الدولة، وبعضهم دخل في طاعة العزيز نزار صاحب مصر، وبعضهم التحق بابن عمهم أبى المعالى شريف بن سيف الدولة، فممن سار إلى الديار المصرية: أبو عبد الله الحسين بن ناصر الدولة، وأخوه أبو المطاع ذو القرنين، وولد للحسين بمصر ولده الحسن وهو المنعوت ناصر الدولة. تمكن ناصر الدولة الحسن هذا من دولة المستنصر بالله أبى تميم معد بن الظاهر لإعزاز دين»
الله صاحب ملك مصر تمكنا عظيما، وقاد الجيوش، وعظم شأنه، ونفذت أوامره حتى لم يبق للمستنصر معه بالديار المصرية إلا مجرد اسم الخلافة. ثم لم يرض ناصر الدولة بذلك، ولا اقتصر عليه، ولاقنع به إلى أن حصر المستنصر في قصره، وجرى له معه وقائع، نذكرها إن شاء الله تعالى في أخبار المستنصر بالله، ونذكر هناك أيضا مقتل ناصر الدولة هذا. وكان مقتله في شهر رجب من شهور خمس وستين وأربعمائة بداره بمصر، وهى الدار المعروفة بمنازل العز التى هى الآن مدرسة لطائفة الفقهاء الشافعية، ولم يذكر بعد ناصر الدولة هذا أحد من آل حمدان بولاية فنذكره. فهذا الفخذ الأول. والفخذ الثانى منها: فى سيف الدولة أبى الحسن على وبنيه، وقد نقدم ذكرهم رحمهم الله تعالى.
انتهت أخبار الدولة الحمدانية بعون الله تعالى. فلنذكر أخبار الدولة الديلمية البويهية.