الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يجلس فيه مولاه شهاب الدين، [فتغير]«1» الناس عليه، وتنكروا له، فإنهم أنما كانوا يطيعونه لإظهاره طاعة غياث الدين محمود، فلما استقل بالأمر خالفوه، ففرق فيهم الأموال والإقطاعات، واستعان على ذلك بالخزانة التى أخذها عند مقتل شهاب الدين، وكان عند شهاب الدين جماعة من أولاد الملوك الغورية، وغيرهم من الأكابر، فأنفوا من خدمته، واستأذنوه على اللحاق بغياث الدين، فأذن لهم، فلحق بعضهم به، وبعضهم بأصحاب باميان، وأرسل غياث الدين إلى الدز يشكره على ما فعل ويطالبه «2» بالخطبة له، ونقش السكة باسمه، فلم يفعل، وغالط في الجواب، وطلب منه أن يخاطب بالملك، وأن يعتقه من الرق، وأن يزوج بن غياث الدين، بابنة الدز، فلم يجبه إلى ذلك: قال، ولما ملك الدز غزنة أحضر مؤيد الملك الوزير، وألزمه الوزارة، فوزر على كره منه.
ذكر حال غياث الدين محمود بن غياث الدين بعد مقتل عمه شهاب الدين
قال: لما قتل شهاب الدين كان غياث الدين هذا «ببست» فى إقطاعه، فبلغه الخبر، وكان شهاب الدين قد ولى الملك علاء الدين محمد بن أبى على بلاد الغور، وغيرها مما يجاورها، فلما بلغه قتل شهاب الدين، سار إلى مدينة:«فيروزكوه» ؛ خوفا أن يسبقه
غياث الدين إليها «1» ، فملكها، وكان حسن السيرة من أكابر بيوت الغورية إلا أن الناس كرهوا منه أنّه كان كرّاميا، وكانوا يميلون إلى غياث الدين، فأنف الأمراء من خدمة علاء الدين مع وجود ابن سلطانهم، وكان علاء الدين هذا قد أحضر الناس، وحلفهم أنهم يساعدونه على قتال خوارزم شاه، وبهاء الدين صاحب باميان، ولم يذكر غياث الدين احتقارا له، فحلفوا له ولولده من بعده، هذا وغياث الدين بمدينة بست لم يتحرك انتظارا لما يكون من صاحب باميان لأنّهما كانا قد تعاهدا في أيام شهاب الدين أن تكون خراسان لغياث الدين، وغزنة والهند لبهاء الدين صاحب باميان، بعد موت شهاب الدين، فلما بلغه ما اتفق من وفاة بهاء الدين وإخراج أولاده من غزنة جلس على التخت، وخطب لنفسه، وتلقب بألقاب والده، وكتب إلى علاء الدين محمد بن أبى على، وهو بفيروزكوه يستدعيه، ويستعطفه ليصدر «2» عن رأيه، ويسلم مملكته إليه، وكتب إلى الحسن بن جرميل وإلى هراة مثل ذلك، فأما علاء الدين فأغلظ له «3» فى القول ونهدّد الأمراء الذين مع غياث الدين، فسار غياث الدين إلى «فيروزكوه» ، فأرسل علاء الدين عسكرا مع ابنه، وفرق فيهم أموالا جمة ليمنعوا غياث الدين، فلقوه بالقرب من فيروزكوه، فلما تراءى الجمعان كشف إسماعيل الخلجى المغفر «4» عن رأسه، وقال: «الحمد
لله إذ «1» الأتراك الذين لم يعرفوا أباهم لم يضيعوا حق التربية» ، وردّوا ابن ملك باميان، وأنتم مشايخ الغورية الذين أنعم عليكم والد هذا السلطان وربّاكم، كفرتم إحسانه، وجئتم لقتال ولده أهذا فعل الأحرار، فقال محمد المرغنى، وهو مقدم العسكر: لا والله وترجل عن فرسه، وألقى سلاحه، وقصد غياث الدين، وقبل الأرض بين يديه، وبكى بصوت عال، وفعل سائر الغورية مثل فعله، فانهزم خواصّ علاء الدين مع ولده، فلما بلغه الخبر خرج عن فيروزكوه هاربا نحو الغور، وهو يقول: أجاور بمكة، فأنفذ غياث الدين خلفه من العسكر من أدركه، فأخذ وحبس، وملك غياث الدين فيروزكوه، وفرح به أهل البلد، وقبض على جماعة من الكرّاميّة أصحاب علاء الدين، فقتل بعضهم، وسكن دار أبيه، وأعاد رسومه، وسلك سبيل العدل والإحسان، ثم لم تكن له همة إلا في أمر الحسن بن حرميل، وملاطفته، فتكررت المكاتبات منه إليه، وابن حرميل يغالظه «2» فى الجواب، ويطاوله، وكان ابن حرميل «3» قد كتب إلى خوارزم شاه بالانحياز إليه، وبذل الطاعة، وأنه يسلم إليه هراة، فكان من أمره ما نذكره في أخبار الدولة الخوارزمية من انضمام بن حرميل إلى خوارزم شاه، وملكه ما كان للغورية بخراسان، والله أعلم بالصواب.