الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النهار، فانهزم الهند، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وأسر ملكهم جيال وجماعة كثيرة من أهله وعشيرته، وغنم المسلمون أموالهم وجواهرهم، وأخذ من عنق جيبال قلادة من الجوهر قومت بمائتى ألف دينار، وأخذ أمثالها من أعناق مقدميه «1» الأسرى، وغنم المسلمون خمسمائة ألف من الرقيق، وفتح كثيرا من بلاد الهند، ثم أحب أن يطلق جيبالا ليراه الهنود في شعار الذل، فأطلقه على مال قرره عليه، فأدى جيبال المال، ومن عادة الهنود أنه من حصل منهم في أيدى المسلمين أسيرا لم يعقد له بعدها رئاسة، فلما رأى جيبال حاله بعد خلاصه حلق رأسه، وألقى نفسه في النار، فاحترق.
ثم سار محمود نحو ويهند «2» ، فحاصرها، وأخذها عنوة، ثم بلغه أن طائفة من الهند اجتمعوا في شعاب تلك الجبال، فجهز إليهم من عساكره من قتلهم، فلم يسلم منهم إلا الشريد، وعاد إلى غزنة مؤيدا منصورا سالما ظافرا.
ذكر ملكه سجستان
وفي سنة تسعين وثلاثمائة «3» ملك يمين الدولة سجستان، وانتزعها من خلف ابن أحمد؛ وكان سبب ذلك أن يمين الدولة لما رحل عن خلف بعد مصالحته على المال كما قدمناه عهد خلف لولده طاهر، وسلم إليه مملكته، وانقطع للاشتغال بالعلم، وإنما فعل ذلك ليظهر ليمين الدولة
تخلّية عن الملك لينقطع طمعه عن بلاده، فعفّه ولده، واستقلّ بالملك، فأخذ أبوه يلاطفه، وادعى المرض، فزاره ابنه طاهر، فقبض عليه، وسجنه إلى أن مات في سجنه، فتغير العسكر لذلك، وكاتبوا يمين الدولة في تسليم سجستان إليه، فجهّز من تسلمها، وقصد خلفا، وهو في حصن الطاق «1» ، وهذا الحصن له سبعة أسوار محكمة يحيط بها خندق عريض لا يعبر إليها إلا من جسر منه، فرفع الجسر فأمر يمين الدولة بطم الخندق بالأخشاب والتراب، فطموا منه ما يعبرون عليه إلى السور، وتقدم الفيل الكبير إلى باب السور واقتلعه بنابيه، وملك سورا بعد سور، فطلب خلف الأمان، فأمنه وحضر إليه، فأكرمه، وملك الحصن، وخير خلفا في المقام حيث شاء، فاختار أرض الجوزجان، فسيره إليها مكرما، فأقام نحو أربع سنين، ثم بلغ يمين الدولة أنه كاتب [إيلك خان]«2» ملك ما وراء النهر يحثه على قصد يمين الدولة، فنقله إلى جردين، فكان بها إلى أن مات في شهر رجب سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، فسلم محمود جميع ما خلفه إلى ولده أبى حفص، وكان خلف هذا من العلماء، وله كتاب صنفه في تفسير القرآن العظيم من أكبر كتب التفاسير. قال: ولما ملك يمين الدولة سجستان استخلف عليها أميرا كبيرا من أمرائه يسمى قنجى الحاجب، ثم أقطعها لأخيه نصر بن سبكتكين مضافة إلى نيسابور.
والله أعلم.