الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العفو، ولا يدّلنا ممّن- يجمع كلمتنا، وسألوا أن يرسل الخليفه إلى جلال الدولة ليصعد إلى بغداد، ويملكه ويجمع الكلمة، وأن يحلفه رسول الخليفة، فأجابهم الخليفه إلى ما سألوا، وراسله هو وقواد الجند في الإصعاد، واليمين للخليفة، ولهم، فحلف لهم، وأصعد إلى بغداد، وانحدر الأتراك إليه، فلقوه في الطريق، ووصل بغداد فى ثالث شهر رمضان سنة ثمانى عشرة وأربعمائة، ونزل بالنجمى، فركب الخليفة في الطيّار، وانحدر لتلقيه، فلما رآه جلال الدولة، قبل الأرض بين يديه، ثم دخل جلال الدولة إلى دار المملكة، وأمر بضرب النّوب الخمس على بابه في أوقات الصلوات، فراسله الخليفة في قطعها، فقطعها غضبا، ثم أذن له الخليفة في إعادتها ففعل:
ذكر شغب الأتراك ببغداد على جلال الدولة
وفي سنة تسع عشرة وأربعمائة ثار الأتراك ببغداد على جلال الدولة، وطالبوا الوزير أبا على بن ماكولا بمالهم من المعلوم، ونهبوا داره ودور كتاب جلال الدولة، وحواشيه، حتى المغنّين، والمخنثين، ونهبوا صياغات أخرجها جلال الدولة، ليضربها دنانير ودراهم، ويغرقها فيهم، وحصروا جلال الدولة في داره، ومنعوه الطعام والماء حتى شرب أهله ماء البئر، وأكلوا ثمرة البستان، فسألهم أن يمكنوه من الانحدار، فتأخروا له ولأهله، فجعل بين الدار وبين السفن سرادقا «1»
لتجتاز حرمه فيه، لئلا يراهم العامة والأجناد، فقصد بعض الأتراك السرادق، فظن جلال الدولة أنهم يريدون الحريم، فصاح بهم، وقال:
بلغ من أمركم إلى الحريم؟ وتقدم إليهم وبيده طبر، «1» فصاح صغار الغلمان، والعامة: جلال الدولة يا منصور؛ ونزل أحدهم عن فرسه، وأركبه إياه، وقبلوا الأرض بين يديه، فرجعوا إلى منازلهم، ولم تمض عشرة أيام حتى عادوا، وشعبوا؛ فباع جلال الدولة فرشه، وثيابه، وخيامه، وفرق أثمان ذلك فبهم، فسكنوا، وضعف حال جلال الدولة، وقلت الأموال عنده، وطمع القواد فيه، حتى انتهى حاله في سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة في شهر رجب أن أخرج دوابه من الاصطبل، وهى خمس عشرة دابة وسيّبها في الميدان، بغير سايس، ولا حافظ، ولا علف، فقيل: إنه فعل ذلك لأمرين: أحدهما: عدم العلف عنده، والثانى: أن الأتراك كانوا يلتمسون دوابه يطلبونها منه، فضجر من ذلك، فأخرجها، وقال: هذه دوابى، خمسة لمركوبى، والباقى لأصحابى، وفرق حواشيه، وفراشيه، وأتباعه، وأغلق باب داره لانقطاع جاريه فثارت فتنة لذلك بين العامة والجند، وعظم الأمر، وظهر العيّارون ببغداد.