الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر قتل الأمير أياز
كان سبب ذلك أنه لما سلّم السلطنة لمحمد، وصار في جملة أصحابه، عمل وليمة عظيمة في ثامن جماد الآخرة في داره، ودعا لسلطان إليها، فجاء وقدم له إياز شيئا كثيرا، من جملته حمل بلخش «1» ، كان إياز قد أخذه من تركة مؤيد الملك بن نظام الملك، وحضر الوليمة سيف الدولة صدقة بن مزيد، فاتفق أن إياز تقدم إلى غلمانه بلبس السلاح، ليعرضهم على السلطان، فدخل إليهم رجل من أبهر كانوا يضحكون منه، فألبسوه ذرعا تحت قميصه، وتناولوه بأيديهم، وهو يسألهم أن يكفوا عنه، فلم يفعلوا، فلشدّة ما ناله هرب منهم، ودخل بين خواص السلطان، فرآه السلطان مذعورا، فاستراب منه، وقال لغلام له أن يمسكه من غير أن يعلم به أحد ففعل، فرأى الدرع تحت ثيابه، فأعلم السلطان بذلك، فاستشعر السوء وقال: إذا كان أصحاب العمائم قد لبسوا الدروع، فما ظنك بغيرهم من الجتد، ونهض وعاد إلى داره، فلما كان في ثالث عشر.
استدعى الأمير صدقة وإياز، وجكرمش، وغيرهم من الأمراء، فلما حضروا أرسل إليهم: أنا بلغنا أن قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش، قصد ديار بكر ليملكها، ويسير منها إلى الجزيرة، وينبغى أن تجتمع أراؤكم على من يسير إليه ليمنعه، ويقاتله، فقال الجماعة:
ليس هذا الأمير إلا للأمير إياز. فقال إياز: ينبغى أن أجتمع أنا وسيف
الدولة صدقة على هذا الأمر، فقبل ذلك السلطان، فاستدعى إياز وصدقة والوزير سعد الملك، فقاموا ليدخلوا عليه، وكان قد أعدّ جماعة من خواصّه لقتل إياز إذا دخل عليه، فلما دخل ضرب أحدهم رأسه فأبانه، فغطى صدقة وجهه بكمّه، وأما الوزير فغشى عليه، وتفرق أصحاب إياز، وكان زوال نعمته العظيمة ودولته في مزحة مزحها غلمانه، ولما كان الغد كفّنه قوم من المتطوعة ودفنوه.
وكان من جملة مماليك السلطان ملكشاه، وكان غزير المروءة، شجاعا حسن الرأي في الحرب. ولما قتل اختفى وزيره الصفى، ثم أخذ وحمل إلى الوزير سعد الملك، ثم قتل في شهر رمضان، وسار السلطان إلى أصفهان، فوصل إليها في شهر رمضان وأمن أهلها.
ذكر خروج منكبرس «1» على السلطان محمد والقبض عليه
وفي المحرم سنة تسع وتسعين وأربعمائة أظهر منكبرس ابن الملك بوزى برس «2» بن ألب أرسلان، وهو ابن عم السلطان محمد العصيان، والخلاف على السلطان، وسبب ذلك أنّه كان بأصبهان، فلحقته ضائقة شديدة، وانقطعت عنه الموادّ، فسار إلى نهاوند، واجتمع عليه بها جماعة من العسكر، وظاهره على أمره جماعة من الأمراء، فتغلب على نهاوند، وخطب لنفسه بها، وكاتب الأمراء بنى برسق يدعوهم إلى طاعته ونصرته، وكان السلطان محمد قد قبض على أخيهم زنكن بن برسق، فكاتب زنكى إخوته، وحذرهم
من طاعته، وأمرهم بالتدبير في القبض عليه، فلما أتاهم كتاب أخيهم بذلك أرسلوا إلى منكبرس يبذلون له الطاعة والموافقة، فسار إليهم وساروا إليه، واجتمعوا به، وقبضوا عليه بالقرب من أعمالهم، وهى بلد «خوزستان» ، وتفرق أصحابه وأتوا به إلى أصفهان، فاعتقله السلطان مع بنى «1» عمه تكش، وأخرج زنكى بن برسق، وأعاده إلى مرتبته، واستنزله وإخوته عن أقطاعهم وهى الأسر «2» ، ونيسابور، وغيرهما ما بين الأهواز وهمذان، وأقطعهم عوض ذلك الدور وغيرها وفيها «3» ظهر بنهاوند أيضا رجل من أهل السواد، ادعى النبوة، فأطاعه خلق كثير، واتبعوه، وباعوا أملاكهم، ودفعوا أثمانها إليه، وهو يخرج جميع ذلك، وسمى أربعة من أصحابه أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعليا، ثم قتل بنهاوند، فكان أهلها يقولون:
ظهر عندنا في مدة شهرين اثنان: أحدهما يدعى النبوة، والآخر المملكة، فلم يتم لأحد منهما أمر، والله أعلم.
ذكر ملك السلطان محمد قلعة [شاه دز]«4» من الباطنية وقتل ابن عطاش «5»
وفي سنة خمسمائة ملك السلطان القلعة التى كانت الباطنية ملكوها بالقرب من أصفهان، واسمها «شاه دز» ، وقتل صاحبها أحمد
ابن عبد الملك بن عطاش وولده. وكانت هذه القلعة قد بناها السلطان لملكشاه، واستولى عليها بعده أحمد بن عبد الملك، وكان قد اتصل بدز «1» دار القلعة، فلما مات استولى عليها، وكان الباطنية بأصفهان فد ألبسوه تاجا، وجمعوا له أموالا عظيمة، فاشتد بأسه، وكثر جمعه، واستفحل «2» أمره بالقلعة، فكان يرسل أصحابه لقطع الطريق، وأخذ الأموال، وقتل من قدروا عليه، فقتلوا خلقا كثيرا، وجعلوا لهم على القرى السلطانية، وأموال «3» الناس، ضرائب يأخذونها؛ ليكفوا عنها الأذى، فتعذر انتفاع السلطان بقراه، والناس بأملاكهم، ومشى لهم الأمر بما كان بين السلطان وأخيه من الاختلاف، فلما صفت السلطنة لمحمد، ولم يبق له «4» منازع، لم يكن عنده أمر أهمّ من الباطنية، فخرج بنفسه، وحاصرهم، فى سادس شعبان، وأحاط بجبل القلعة، فلما اشتد الحصار عليهم طلبوا أن ينزل بعضهم من القلعة، ويرسل السلطان معهم من يحميهم، إلى أن يصلوا إلى قلعة الناظر بأرجان «5» ، وكانت لهم، وينزل بعضهم، ويرسل معهم من يوصلهم إلى طبس، وأن يقيم البقية منهم في ضرس «6» من القلعة، إلى