الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر الحرب بينه وبين السلطان سنجر
وفي سنة سبع وأربعين وخمسمائة كانت الحرب بين علاء الدين الحسين صاحب الغور وبين السلطان سنجر السلجقى؛ وسبب ذلك أن علاء الدين هذا قوى أمره، وكثرت أتباعه، وتلفت وتعرّض إلى أعمال غزنة، وسار إلى بلخ، فملكها، فسار إليه السلطان سنجر فثبت له، واقتتلوا، فانهزمت الغوريّه، وأسر علاء الدين، وقتل من أصحابه خلق كثير، وأحضر بين يدى السلطان، فقال له: يا حسين لو ظفرت بى ما كنت تصنع؟ فأخرج له قيدا من الفضة، فقال له:
كنت أقيّدك بهذا، وأحملك إلى مدينة فيروزكوه. فخلع السلطان عليه، ورده إلى فيروزكوه.
ذكر ملكه «1» غزنة، وخروجه عنها، وقتل أخيه
قال: ولما أطلقه السلطان سنجر أقام بفيروزكوه مدة حتى اجتمع له أصحابه، وأصلح ما تشعّث من حال عسكره وقصد غزنة، وملكها يوم ذاك بهرام شاه، فلم يثبت له وفارقها إلى مدينة كرمان.
وهى مدينة بين غزنة والهند، وليست كرمان المشهورة بل غيرها، وملك علاء الدين غزنة، وأحسن السيرة في أهلها، واستعمل عليهم أخاه سيف الدين، وأجلسه على تخت المملكة، وخطب لنفسه ولأخيه سيف الدين بعده، ثم عاد علاء الدين إلى بلد الغور، وأمر أخاه أن
يخلع على أعيان البلد خلعا نفيسة، ويصلهم بصلات سنية «1» ، ففعل ذلك وأحسن إليهم، فلما جاء الشتاء ووقع الثلج، وعلم أهل غزنة أن الطريق قد انقطع بينهم، وبين الغور كاتبوا بهرام شاه واستدعوه، فسار نحوهم في عسكره، فلما قارب البلد ثار أهلها على سيف الدين، فأخذوه بغير قتال، وانهزم من كان معه، فمنهم من نجا ومنهم من أخذ، ثم سوّدوا وجه سيف الدين، وأركبوه بقرة، وطافوا به البلد، ثم صلبوه، وهجوه بالأشعار، وغنى بها حتى النساء، ثم توفّى بهرام شاه، وملك بعده ابنه خسروشاه، فتجهز علاء الدين إلى غزنة في سنة خمسين وخمسمائة «2» ، فسار خسروشاه إلى لهاوور وملك علاء الدين البلد، ونهبها ثلاثة أيام، وأخذ الذين أسروا أخاه، وهم من العلويين، فألقاهم من شواهق الجبال، وأخرب المحلّة التى صلب فيها أخوه، وأخذ النساء الذين تغنّين بهجو أخيه، فأدخلهن حماما، ومنعهن الخروج حتّى متن فيه، وأقام بغزنة حتى أصلحها، ثم عاد إلى فيروزكوه، ونقل معه من أهل غزنة خلقا كثيرا، وحملهم المخالى مملوءة ترابا، فبنى قلعة فيروزكوه وتلقب بالسلطان المعظم وحمل [الجتر]«3» على عادة السجلقية.