الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مكان يقال له: الكركان، «1» ووافاهم ياقوت بهذا الموضع، وأقام عماد الدولة أربعين يوما في ضيافة زيد بن على النوبندجانى. وكان مبلغ ما خسر عليه في هذه المدة مائتى ألف دينار، ثم سار بعد ذلك إلى اصطخر، وسار ياقوت وراءه يتبعه، حتى انتهى إلى قنطرة على طريق كرمان، فسبقه ياقوت إليها، ومنعه من عبورها واضطره إلى الحرب.
ذكر استيلائه على شيراز
قال: ولما سبقه ياقوت إلى القنطرة اضطر إلى محاربته، وابتدأت الحرب بينهما في يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، واستمرت إلى يوم الخميس، فأحضر عماد الدولة أصحابه، ووعدهم الجميل، وأنه يترجل معهم عند الحرب، وكان من سعادته أن جماعة من أصحابه استأمنوا إلى ياقوت، فضرب ياقوت أعناقهم، فأيقن من بقى مع عماد الدولة بن بويه أنه لا أمان لهم عند ياقوت، فقاتلوا قتال من استقتل، ثم قدم ياقوت أمام أصحابه رجالة كثيرة يقاتلون بقوارير النفط؛ ليحرقوا أتراس الديلم، فلما رموا النار انقلبت الريح، فصارت فى وجوههم، واشتدت فعادت النار عليهم، وتعلقت في ثيابهم ووجوههم، فاختلطوا وركبهم أصحاب بن بويه، فقتلوا أكثر الرجّالة، وخالطوا الفرسان، فكانت الهزيمة على ياقوت وأصحابه.
ولما انهزم أصحاب ياقوت صعد على نشز مرتفع، ونادى في أصحابه الرّجعة الرّجعة، فاجتمع إليه نحو أربعة آلاف فارس، فقال لهم اثبتوا فإن الديلم يشتغلون بالنهب، ويتفرقون، فنأخذهم، فثبتوا معه، فلما رأى بن بويه ثباتهم نهى أصحابه عن النهب، وقصد ياقوت، فانهزم ياقوت «1» منه، واتبعه أصحاب بن بويه يقتلون، ويأسرون، ويغنمون، ثم رجعوا إلى السواد «2» ، فغنموه، ووجدوا فيه برانس لبود عليها أذيال الثعلب، ووجدوا قيودا وأغلالا فسألوا عنها، فقال أصحاب ياقوت: إن هذه كانت أعدت لكم لتجعل عليكم، ويطاف بكم البلاد، فأشار أصحاب بن بويه عليه: أن يفعل ذلك بأصحاب ياقوت، فامتنع عماد الدولة، وقال: إنه بغى ولؤم، وقد لقى ياقوت بغيه، ثم أحسن إلى الأسارى، وأطلقهم وقال: هذه نعمة والشكر عليها يقتضى المزيد، وخيّر الأسارى بين المقام عنده، واللحاق بياقوت، فاختاروا المقام عنده، فخلع عليهم، وأحسن إليهم، وسار من موضع الوقعة، حتى أتى شيراز، ونادى في الناس بالأمان، وبث العدل، وأقام [رشحنة]«3» تمنع من الظلم، واستولى على تلك البلاد.