الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المدة حتى نادى أهل الحصن بطلب الأمان بغير سبب ظاهر ولا قتال، وظهر أن «1» سبب ذلك أن جميع آبار الحصن غارت مياهها في ليلة واحدة، فأمنهم نظام الملك، وتسلّم الحصن، وهرب فضلون إلى القلعة، ثم قبض عليه «2» وجيء به إلى السلطان، فأحسن إليه، وأمته، وأطلقه.
ذكر مقتل السلطان عضد الدولة ألب أرسلان، وشىء من سيرته
وفي سنة خمس وستين وأربعمائة قصد السلطان ما وراء النهر، فعقد جسرا على جيحون، وعبر عليه في نيف وعشرين يوما، وكان عسكره يزيد على مائتى ألف فارس، وكان ببعض القلاع رجل خوارزمى اسمه يوسف قد عصى، وتحصّن بالقلعة، فبعث إليه السلطان جماعة، فحاصروه، وأخذوه، وأتوا به إلى السلطان، فأمر أن تضرب له أربعة أوتاد، وتشدّ أطرافه إليها، فقال يوسف: يا مخنّث، مثلى يقتل هذه القتلة؟ فغضب لذلك، وأخذ القوس والنشاب، ورماه ثلاث مرّات، وهو يخطىء، وكان لا يخطىء في رميه، فوثب يوسف، وضربه بسكين في خاصرته، وأدركه الجند، فقتلوه، وسدّ جرح السلطان، وعاد إلى جيحون وقال: ما من وجه قصدته، وعدوّ أردته إلا استعنت «3» بالله عليه، فلما كان بالأمس صعدت
على تل؛ فارتجت الأرض تحتى من عظم الجيش، فقلت في نفسى:
أنا ملك الدنيا، وما يقدر أحد على، فعجزّنى الله تعالى بأضعف خلقه، وأنا أستغفر الله، وأستقيله من هذا الخطأ، وأحضر الوزير نظام الملك، والجند، وأوصاهم بولده ملكشاه، واستحلفهم له.
وتوفى في عاشر شهر ربيع الأول، وحمل إلى «مرو» ، فدفن بها عند أبيه، وكان مولده في سنة أربع وعشرين، فكان عمره أربعين سنة وشهورا، وكانت مدة ملكه منذ خطب له بالسلطنة تسع سنين، وستة أشهر، وأياما.
وكان كريما عادلا عاقلا لا يسمع السعايات، وكان رحيم القلب، رفيقا بالفقراء، كثير الصدقة، تصدّق في شهر رمضان بخمسة عشر ألف دينار، وكان في ديوانه أسماء خلق من الفقراء في جميع مملكته عليهم الإدرارات، والصلات، ولم يسمع عنه بمصادرة بل قنع بالخراج والغنائم، قيل: إن بعض السعاة كتب إليه سعاية في نظام الملك الوزير، وذكر ما له من الرسوم والأموال، وترك الرقعة على مصلاه، فقرأها، ثم سلمها إلى نظام الملك، وقال له: إن كانوا صدقوا في الذى ذكروا، فحسن أخلاقك، وإن كانوا كذبوا فاغفر لهم زلتهم، وأشغلهم بمهمّ يشتغلون به عن السعاية بالناس، وناهيك بهذه مكرمة. «1»
وكان له من الأولاد: ملكشاه، وتكش، وإيار، وتتش،