الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وثلاثمائة، ومنهم سرجاب «1» ، وهو مقدم جيش الحسن، مات في سنة عشرة وثلاثمائة، ومنهم ماكان بن كالى، وكان من قواده أيضا، واستخلفه على استراباذ «2» ، فاجتمع عليه الديلم، وقدموه عليهم، فاستولى على جرجان، وأخذها من بغرا نائب السعيد السامانى، ولم يكن لهؤلاء الذين ذكرناهم كبير مملكة، وإنما كانوا يستولون على بلد من البلاد، ويقيمون بها مدة، ثم يخرجون عنها ويستولون على غيرها.
أول من تقدم من الدّيلم، وكثرت أتباعه، وعلا إسمه؛ واتسعت مملكته. أسفار بن شيرويه الديلمى
ونحن نذكر حاله من ابتداء أمره، وما آل إليه، ومن ملك بعده من الديلم والجيل «3» إلى حين انقراض دولتهم إن شاء الله تعالى، فتقول:
كان أسفار هذا من أصحاب ماكان بن كالى الديلمى، وكان سيىء الخلق والعشرة، فكرهه «ماكان» ، وأخرجه من عسكره، فالتحق ببكر بن محمد بن اليسع بنيسابور، وأقام في خدمته إلى أن قتل ابن الأطروش الحسن بن كالى أخا ماكان بجرجان، واستقل ابن الأطروش بالأمر، وجعل مقدم جيشه على بن خرشيد، فكتب إلى
«أسفار» يستقدمه، فاستأذن بكرا بن محمد، وسار إلى جرجان، واتفق مع على بن خرشيد، وضبطا تلك الأعمال لابن الأطروش، فسار إليهم ماكان بن كالى، وقاتلهم، فهزموه، وأخرجوه عن طبرستان، وملكوها، وأقاموا بها، ثم اتفقت وفاة ابن الأطروش، وعلى بن خرشيد، فاستقل أسفار بالأمر، وانفرد به، فجاءه ماكان ابن كالى، وهزمه، وأخرجه عن البلاد، فرجع إلى بكر بن محمد ابن اليسع بجرجان، فأقام بها إلى أن توفى بكر، فتولاها أسفار من قبل السعيد نصر بن أحمد السامانى في سنة خمس عشرة وثلاثمائة، وأرسل أسفار إلى مرداويج بن زيار الجيلى «1» يستدعيه إليه، فجاءه وجعله أسفار أمير جيشه، وأحسن إليه، وقصدا طبرستان واستولوا عليها. وكان ماكان بن كالى مع الحسن بن القاسم الداعى العلوى بالرىّ، وقد استولى عليها، وأخرج عنها نواب السعيد، واستولى على قزوين، وزنجان، وأبهر، وقم، فسار نحو طبرستان، والتقى هو وأسفار عند سارية «2» ، واقتتلوا قتالا شديدا، فانهزم معظم أصحاب الحسن؛ قصدا للهزيمة لكراهتهم له، فإنه كان يمنعهم من المظالم، وشرب الخمر، وارتكاب المحارم، فكرهوه، وكان أيضا قد قتل جماعة منهم، فخذلوه في هذه الحادثة، فقتل الداعى، واستولى أسفار على بلاد طبرستان، والرى، وجرجان، وقزوين،
وزنجان، وأبهر، وقم، والكرج، ودعا بها لصاحب خراسان نصر بن أحمد، واستعمل هارون سندان، وهو أحد رؤساء الجيل «1» وخال مرداويج على آمل «2» ، وكان هارون يحتاج أن يخطب فيها لأبى جعفر العلوى، وخاف أسفار ناحية أبى جعفر أن يجدد له فتنة وحربا، فاستدعى هارون إليه، وأمره أن يتزوج من أعيان آمل، ويحضر عرسه أبو جعفر، وغيره من رؤساء العلويين، وأن يفعل ذلك في يوم ذكره له، ففعل، ثم سار أسفار من سارية مجدّا لموافاة العرس، فوصل آمل في يوم الموعد، وقد اجتمع العلويون عند هارون فهجم على الدار على حين غفلة، وقبض على أبى جعفر، وغيره من أعيان العلويين، وحملهم إلى بخارى، فاعتقلوا بها. ولما فرغ أسفار من ذلك سار إلى الرى وبها «3» ماكان بن كالى، فأخذها منه، وسار ماكان إلى طبرستان، فأقام هناك. وأحب أسفار أن يستولى على «قلعة ألموت» ، وهى قلعة على جبل عال شاهق في حدود الديلم، وكانت لسياه جشم «4» ، ومعناه: الأسود العين لأنه كان على إحدى عينيه نقطه سوداء، فراسله أسفار، ومنّاه، فقدم عليه، فسأله أن يجعل عياله في قلعة ألموت، وولاه قزوين، فأجابه إلى ذلك، ونقلهم إليها،
ثم كان يرسل إليهم من يثق به من أصحابه، فلما حصل له بها مائة رجل استدعاه من قزوين، وقبض عليه وقتله، وعظمت جيوش أسفار، وطار اسمه، فتجبر وعصى على الأمير السعيد نصر بن أحمد صاحب خراسان وما وراء النهر، فسير الخليفة المقتدر هارون بن غريب إلى أسفار في عسكر، فالتقوا، واقتتلوا نحو قزوين، فانهزم هارون، وقتل من أصحابه خلق كثير بباب قزوين، وكان أهل قزوين قد ساعدوا هارون، فحقد عليهم أسفار، ثم سار الأمير نصر بن أحمد من بخاري، وقصد حرب أسفار لخروجه عن طاعته وبلغ «1» نيسابور، فجمع أسفار عسكره، فأشار عليه وزيره مطرف «2» ابن محمد بمراسلته، والدخول في طاعته، وبذل المال له، إن أجاب، وإلا فالحرب بعد ذلك، وكان في عسكره جماعة من الأتراك أصحاب صاحب خراسان، فخوفه الوزير منهم، فرجع إلى رأيه، وراسله، فقبل صاحب خراسان ذلك منه، وشرط عليه شروطا منها: حمل الأموال، والطاعة، وغير ذلك، فشرع أسفار بعد تمام الصلح في بسط الأموال على الريّ وأعمالها، وجعل على كل رجل دينارا إلا أهل «3» البلد، والمحاربين، فحصّل من ذلك ما لا عظيما أرضى منه صاحب خراسان بالبعض ورجع عنه، وعظم أمر أسفار، وزاد تجبره، وقصد