الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إليه أنه أخذ من غزنة أموالا عظيمة المقدار، وغير ذلك، فلما عاد إلى بلخ قبض عليه، وأخذ ماله وقتله، وكان له من الجواهر والأموال شىء كثير، ووجد له من العين ألف ألف دينار، ولما قتله استوزر بعده شهاب الإسلام عبد الرازق بن أخى نظام الملك، ويعرف هذا الوزير بابن الفقيه، فلم يبلغ منزلة أبى جعفر في علو الهمة، ونفاذ الكلمة، ثم ندم السلطان سنجر على قتل أبى جعفر، رحمه الله تعالى.
ذكر الحرب بين السلطان سنجر وبين ابن أخيه محمود بن محمد
كانت الحرب بينهما في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، وسبب ذلك أنه لما بلغ السلطان سنجرشاه وفاة أخيه السلطان محمد، وجلوس ابنه السلطان محمود، وهو زوج ابنة السلطان سنجر، حزن لوفاة أخيه حزنا عظيما، وجزع، وتألم ألما شديدا، وجلس للعزاء على الرماد، وأغلق البلد سبعة أيام، وتقدم إلى الخطباء يذكر أخيه السلطان محمد على المنابر بمحاسن أعماله، من قتال الباطنية، وإطلاق المكوس، وغير ذلك، وكان يلقب بناصر الدين، فتلقب بعد وفاة أخيه بمعز الدين، وهو لقب أخيه ملكشاه، وعزم على قصد بلد الجبال والعراق، وما هو بيد محمود بن أخيه، وندم عند ذلك على قتل وزيره أبى جعفر؛ لأنه كان يبلغ به من الأغراض ما لا يبلغه بكثرة العساكر، لميل الناس إليه ومحله عندهم. قال: ثم أرسل السلطان إلى عمه سنجر شرف الدين أنوشروان بن خالد، وفخر الدين طغايرك، ومعهما الهدايا والتحف، وبذل له النزول عن مازندران،
وحمل إليه مائتى ألف دينار في كل سنة، فوصلا إليه وأبلغاه الرسالة، فقال: لا بد من القتال، وسار نحو الرىّ والأمير أتسز في مقدمته، فلما بلغ السلطان محمود مسير عمه إليه، ووصول الأمير أتسز إلى جرجان، تقدم إلى الأمير على بن عمر، وهو أمير حاجب أبيه بالمسير، وضم إليه جمعا كثيرا من الأمراء والعساكر، فاجتمعوا في عشرة آلاف فارس، وساروا إلى أن قاربوا مقدمة السلطان سنجر، وعليها الأمير أتسز، راسله الأمير على بن عمر يعرفه وصية السلطان محمد، بتعظيم السلطان سنجر، والرجوع إلى رأيه وأمره، والقبول منه، وأنه ظن أن السلطان سنجر يحفظ السلطنة على ولده محمد، وأنه أخذ علينا العهود بذلك، وليس لنا أن نخالفه، وأما حيث جئتم إلى بلادنا، فلا نحتمل ذلك ولا نعصى عليه، وقد علمت أن معك خمسة آلاف فارس، وأنا أرسل إليك أقل منهم لتعلم أنكم لا تقاوموننا ولا تقومون بنا، فلما سمع الأمير أتسز ذلك عاد عن جرجان، ولحقه بعض عسكر محمود، وأخذوا قطعة من سواده، وأسروا عدة من أصحابه، وعاد الأمير على إلى السلطان محمود، وقد بلغ الرى، وأقام بها، فشكره على ما كان منه، وأشير على محمود بالمقام بالرى، وقيل له إن عساكر خراسان إذا علموا بمقامك لا يفارقون حدودهم، ولا يتعدون ولا يتهم، فلم يقبل ذلك، وضجر من مقامه، وسار ووصل إليه الأمير منكبرش «1» من العراق، فى عشرة آلاف فارس،
والأمير منصور بن صدقة أخو دبيس، والأمراء البلخية «1» ، وغيرهم، وسار إلى همذان، فبلغه وصول عمه سنجر إلى الرى، فسار نحوه، وقصد قتاله فالتقيا بالقرب من ساده «2» ، وكان السلطان سنجر في عشرين ألفا، ومعه ثمانية عشر فيلا، ومحمود فى ثلاثين ألفا، وهم أكابر الأمراء، ومعه تسعمائة حمل من السلاح، فلما التقوا ضعفت نفوس الخراسانية، لما رأوا من عسكر محمود من الكثرة والقوة، فانهزمت ميمنة سنجر، واختلط أصحابه، وصاروا منهزمين لا يلوون على شىء، ونهب من أثقالهم شىء كثير، وقتل من أهل السواد خلق كثير، ووقف السلطان سنجر بين الفيلة في جمع من أصحابه، وبإذائه السلطان محمود، ومعه أتابكه «عز «3» على» ، فلما تعاظم الأمر على سنجر ألجأته الضرورة أن يقدم الفيلة للحرب، وكان من بقى معه أشاروا عليه بالهزيمة، فقال: إما النصر وإما القتل، وأما الهزيمة فلا، فلما تقدمت الفيلة نفرت منها خيل أصحاب محمود، وتراجعت على أعقابها بأصحابها، فأشفق السلطان سنجر على محمود، وقال لأصحابه: لا تفزعوا الصبى بحملات الفيلة، فكفوها عنهم، وانهزم السلطان محمود ومن معه، وأسر أتابكه «عز على» ، وكان يكاتب السلطان، ويعده أنه يحمل إليه السلطان محمود، فعاتبه على تأخيره عن ذلك، فاعتذر بالعجز، فقتله، قال:
وتم الظفر للسلطان سنجر وأرسل من أعاد المنهزمين من أصحابه،