الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ابتداء الدولة السلجوقية واقامة الخطبة لطغرلبك وداود
كان سبب ذلك أن وزراء السلطان مسعود، وأهل دولته، لما كرروا عليه القول وواصلوا «1» الرسل إليه، يعرفونه ما آل إليه أمر السلجقية، ويحذرونه عاقبة توانيه فيهم، جهز جيشا كثيفا مع حاجبه سباشى، ومرداويج بن بسو «2» ، فأقام سباشى بهراه ونيسابور، ثم أغار على مرو وبها داود، فانهزم داود بين يديه، وتبعه العسكر المسعودى، فعطف داود عليه، وحمل على صاحب جوزجان «3» ، فقتله، فانهزم عسكر مسعود، وعاد دواد إلى مرو، فأحسن إلى أهلها، وخطب لنفسه فيها في أول جمعة من شهر رجب سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، وهى أول خطبة أقيمت لهم، ولقب في الخطبة بملك الملوك، وقويت نفوس السلجقية وزاد طمعهم في البلاد، ثم التقى العسكر المسعودى بعد ذلك، والسلجقية، وباشر سباشى الحرب بنفسه، واقتتلوا على باب سرخس. فى شعبان سنة ثمان وعشرين، فانهزم سباشى أقبح هزيمة، وتبعه داود إلى طوس يأخذ أصحاب سباشى باليد، وكفوا عن القتل، وغنموا أموالهم، فكانت هذه الواقعة هى التى أوجبت ملك السلجقية خراسان، ودخلوا قصبات البلاد، فدخل طغرلبك نيسابور، وسكن الشادياخ «4» ، وخطب له فيها في شعبان، ولقّب بالسلطان المظفر وبثوا النواب في النواحى،
وسار داود إلى هراة، وتوجه سباشى إلى غزنة، فاضطر مسعود إلى المسير إلى خراسان، وجمع من العساكر ما يضيق بها الفضا، وفرق فيهم الأموال، وسار من غزنة، ومعه من الفيلة عدد كثير، فوصل إلى بلخ، فقصده داود، ونزل قريبا منها، ودخلها يوما جريدة، على حين غفلة من العسكر، فأخذ الفيل الكبير الذى على باب الملك «1» مسعود، وعدة جنائب، فعظم قدره في نفوس الناس وازدادت، هيبته في قلوب العسكر، ثم سار مسعود من بلخ في مستهل شهر رمضان سنة تسع وعشرين، ومعه ألف فارس سوى الأتباع، وسار إلى جوزجان، فأخذ واليها الذى كان للسلجقية، فصلبه، وسار منها، فوصل إلى مرو الشاهجان، وسار داود إلى سرخس، واجتمع بأخويه طغرلبك وبيغو، فراسلهم مسعود في الصلح، فتوجه إليه بيغو بالجواب، فأكرمه مسعود وخلع عليه، وكان مضمون رسالته:«إنا لا نثق بمصالحتك بعد ما فعلناه من هذه الأفعال، التى كل فعل منها موبق مهلك» ، وآيسوه من الصلح، فسار مسعود من مرو إلى هراة، وقصد داود مرو، فامتنع أهلها من تسليمها. فحاصرهم سبعة أشهر، وملكها، فسقط في يد مسعود، وسار من هراة إلى نيسابور ثم إلى سرخس، وكلما اتبع السلجقية إلى مكان ساروا منه إلى غيره، ولم يزل كذلك حتى أدركه الشتاء، فأقام بنيسابور ينتظر الربيع، فلما جاء الربيع اشتغل مسعود بلهوه وشربه، حتى انقضى فصل الربيع، فلما جاء الصيف عاتبه أصحابه على إهماله أمر السلجقية، وعدم مناجزتهم الحرب، فسار من نيسابور في طلبهم، فدخلت السلجقيه البرية،