الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما طلب ولقبه نور الدولة، ثم صار ملك ما وراء النهر لملوك الخطا، وانقرضت الدولة الخانية، وإنما ذكرناها في هذا الموضع لاتحادها وقربها من الدولة الغزنوية، ولتكون أخبارهم متوالية.
نرجع إلى أخبار يمين الدولة محمود بن سبكتكين.
ذكر غزوة الهند والأفغانية
وفي سنة تسع وأربعمائة جمع يمين الدولة من الجموع ما لم يجمع قبله مثله، وسبب هذا الاهتمام أنه لما فتح قنّوج، وهرب صاحبها منها ويلقب [براى قنوج،] وراى «1» لقب للملك ككسرى، وقيصر، فلما عاد إلى غزنة أرسل بيدا عظيم ملوك الهند وقسم مملكته كجوراهة «2» رسلا إلى راى قنوج واسمه راجيبال يوبخه على هربه، وتسليم بلاده للمسلمين، وطال الكلام بينهما، فآل ذلك إلى الحرب بينهما، فقتل راجيبال وأكثر جنوده، فازداد بيدا بذلك عظمة وعتوا، وقصده بعض ملوك الهند الذين ملك يمين الدولة بلادهم، وخدموه، وصاروا في جملة جنده، فوعدهم بإعادة ممالكهم إليهم، فاتصل ذلك بيمين الدّولة، فتجهّز للغزو، وقصد بيدا، وسار من غزنة، وابتدأ بالأفغانية، وهم كفّار يسكنون الجبال ويفسدون، ويقطعون الطريق، فخرّب بلادهم، وأكثر فيهم القتل والأسر، ثم استقل في السّير،
وبلغ في الهند ما لم يبلغه غيره، وعبر نهر الكنك، فلما جاوزه وجد قافلة تزيد على ألف جمل، فغنمها وسار، فأتاه خبر ملك من ملوك الهند، يقال له تروجنيال «1» ، أنه قد سار من بين يديه يريد بيدا ليحتمى به، فلحقه في رابع عشر شوال «2» ، فاقتتلوا عامّة نهارهم، فانهزم تروجنيال ومن معه، وكثر فيهم القتل والأسر، وغنم المسلمون أموالهم وأهليهم، وأخذوا منهم جواهرا كثيرة، وما يزيد على مائتى فيل، وخرج ملكهم، وأرسل يطلب الأمان، فلم يؤمنه، ولم يقع، منه بغير الإسلام، فسار ثم قتله بعض الهنود، ولما بلغ ذلك ملوك الهند تابعوا رسلهم إلى يمين الدّولة يبذلون الطاعة والإتاوة، وسار بعد الوقعة إلى بارى «3» وهى من أحصن البلاد، فرآها قد خلت من سكانها، فأمر بهدمها، وعشرة قلاع معها، وقتل من أهلها خلقا كثيرا، وسار يطلب «بيدا» ، فلحقه، وقد نزل إلى جانب نهر، وأجرى الماء بين يديه، فصار وحلا، وترك عن يمينه وشماله طريقا يبسا يقاتل فيه إذا أراد القتال، وكان عدة من معه ستة وخمسين ألف فارس ومائة ألف وأربعة وثمانين ألف راجل وأربعين «4» فيلا، فأرسل يمين الدولة طائفة من عسكره للقتال فأخرج إليهم بيدا مثلهم، ولم يزل كل عسكر يمدّ أصحابه حتى كثر الجمعان، واشتدت الحرب، ودام القتال حتى حجز بينهما الليل، فلما كان الغد بكر يمين الدّولة