الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر وصول السلطان الى بغداد ودخوله بابنة الخليفة
وفي سنة خمس وخمسين وأربعمائة في المحرم توجه السلطان طغرلبك من أرمينية إلى بغداد، وأراد الخليفة أن يستقبله، فاستعفى من ذلك، ووصل عميد الملك إلى الخدمة، وطالب بالجهة، فقيل له: خطك موجود بالشرط، وأن المقصود بهذه الوصلة التشريف لا الإجتماع «1» ، وإنه إن كانت مشاهدة، فتكون في دار الخلافة، فقال للخليفة: السلطان يفعل هذا، ولكن يفرد له من الدور والمسكن ما يكفيه، ومن خواصّه، وحجابه، ومماليكه، فإنه لا يمكنه مفارقتهم، فحينئذ نقلت إلى دار المملكة في منتصف صفر، وجلست على سرير ملبس بالذهب، ودخل السلطان إليها، وقبل الأرض، وخدمها، ولم يكشف الخمار عن وجهها، ولا قامت هى له، وحمل لها أشياء كثيرة من الجواهر، وغيرها، وبقى يحضر فى كل يوم، ويخدم، وينصرف، وعمل السّماط عدّة أيام، وخلع على عميد الملك، وجميع الأمراء.
ذكر وفاة السلطان طغرلبك وشىء من سيرته
كانت وفاته بالرىّ في يوم الجمعة لثمان خلون من شهر رمضان سنه خمس وخمسين وأربعمائة، وكان قد سار من بغداد في شهر ربيع الأول إلى بلد الجبل، ومعه أرسلان خاتون ابنة أخيه داود،
وهى زوجة الخليفة لأنها شكت إليه اطّراح الخليفة لها «1» ، واتفق مرضه، فمات، ونقل إلى مرو، ودفن عند قبر أخيه داود، وكان عمره سبعين سنة تقريبا، ومدة ملكه منذ خطب له بنيسابور في شعبان سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، وإلى أن توفى سبعة وعشرين سنة، وأياما، ومنذ ملك بغداد سبع سنين، وأحد عشر شهرا، واثنا عشر يوما، وكان عاقلا حليما من أشد الناس احتمالا، وأكثرهم كتمانا لسره، وكان يحافظ على الصلوات، ويصوم الإثنين، والخميس، وكان ملبسه البياض إلا أنه كان فيه ظلم وقساوة، وكان أصحابه يغصبون الناس أموالهم، وأيديهم مطلقة في ذلك، فلا يمنعهم، وكان عقيما لم يولد له، وزراؤه: أول من وزر له أبو القاسم على بن عبد الله الجوينى في سنة ست وثلاثين وأربعمائة، ثم وزر بعده رئيس الرؤساء أبو عبد الله الحسين بن على بن ميكائيل، ثم وزر له بعده نظام الملك، ثم وزر له بعده عميد الملك أبو نصر الكندرى، وهو أشهر وزرائه، وإنما اشتهر دون غيره من وزرائه؛ لأن السلطان طغرلبك عظمت دولته فى وزارته، وملك العراق «2» ، وخطب له بالسلطنة. وقد تقدم من أخبار هذا الوزير ما يدل على تمكنه، والله أعلم.