الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النهار، فانكشفت الظلمة، وكتب علاء الدين إلى أخيه جلال الدين يعلمه بالخبر، ويستنجده، ووصل الدز آخر ذى القعدة إلى غزنة، وحاصر القلعة، وكان بينه وبين علاء الدين قتال شديد، وجاء جلال الدين بأربعة آلاف من عسكر باميان، فلقيه الدز بقرية [بلق «1» ] واقتتلوا، فانهزم عسكر جلال الدين، وأخذ هو أسيرا، وأسر من البامانية ألف أسير، وعاد الدز إلى غزنة، فبعث إلى علاء الدين في تسليم القلعة أو قتل الأسرى، فامتنع من التسليم فقتل منهم أربعمائة بإزاء القلعة، فراسله عند ذلك في طلب الأمان، فأمنه، فلما خرج قبض عليه ووكل به وبأخيه [من يحفظهما]«2» وقبض على وزيره عماد الملك، وكتب إلى غياث الدين بالفتح، وأرسل إليه الأعلام، وبعض الأسرى وذلك في صفر [سنه 603]«3»
ذكر ما اتفق لغياث الدين محمود مع تاج الدين الدز وأيبك
«4»
قال: ولما عاد الدز إلى غزنة كتب إليه غياث الدين يطالبه بالخطبة له، فأجابه جواب مدافع، وكان جوابه أشد مما تقدم، فأعاد عليه الجواب يقول: إما أن تخطب لنا، وإما أن تعرفنا ما في نفسك، فلما وصل إليه الرسول خطب لنفسه بغزنة بعد الترحم على شهاب الدين، فساء الناس ذلك منه، وتنكروا له، ولم يروه أهلا
أن يخدموه، ولما خطب لنفسه أرسل إلى غياث الدين يقول: بماذا تشتط «1» على هذه الخزانة، نحن جمعناها بأسيافنا، وهذا الملك قد أخذته، وأنت قد اجتمع عندك الذين هم أساس الفتنة، وأقطعتهم الإقطاعات، ووعدتنى بأمور لم تف لى بشىء منها، فإن أنت عتقتنى خطبت لك، وحضرت إلى عندك، فأجابه غياث الدين إلى العتق بعد الامتناع، وأشهد عليه بعتقه، وبعتق قطب الدين أيبك النائب ببلاد الهند. وأرسل إلى كل منهما ألف قباء، وألف قلنسوة، ومناطق الذهب، وسيوفا كثيرة، وجترين، ومائة رأس من الخيل، فقبل الدز الخلع، ورد الجتر، وقال: نحن عبيدك، والجتر له أصحاب، وسار رسول أيبك، وكان «بفرشابور «2» » ، وقد حفظ المملكة، وضبط البلاد، فلما قرب الرسول منه تلقاه، وترجل وقبل حافر الفرس، ولبس الخلعة، وقال: أما الجتر فلا يصلح للمماليك، وأما العتق فمقبول، وسوف أجازيه بعبودية الأبد.
قال: وأرسل خوارزم شاه إلى غياث الدين يطلب منه أن يتصاهرا، وأنه يسير إليه العساكر إلى غزنة، فإذا ملكها من الدز اقتسموا المال أثلاثا، ثلث له، وثلث لغياث الدين، وثلث للعسكر، فأجابه غياث الدين إلى ذلك، ولم يبق إلا الصلح، فوصل الخبر إلى خوارزم شاه بموت صاحب مازندران، فسار عن هراة إلى مرو، وسمع الدز بالصلح، فجزع لذلك جزعا عظيما، ظهر أثره عليه، وأرسل إلى غياث الدين
يقول له «1» : ما حملك على هذا فأجابه: حملنى عليه عصيانك وخلافك، فسار الدز إلى [تكيناباد]«2» فأخذها، وإلى بست وتلك الأعمال، وقطع خطبة غياث الدين عنها، وأرسل إلى صاحب سجستان يأمره بإعادة الترحم على شهاب الدين، وقطع خطبة خوارزم شاه، وأرسل إلى ابن حرميل صاحب هراة بمثل ذلك، وتهددهما بقصد بلادهما. ثم إن الدز أخرج جلال الدين صاحب باميان [من أسره]«3» ، وسير معه خمسة آلاف فارس مع أيدكز «4» ، لإعادته إلى ملك باميان، وكان قد ملكها عباس عم جلال الدين، وعلاء الدين لما أسرهما الدز، فاسترجعها من عمه.
قال: وبلغ قطب الدين أيبك ما فعله الدز، فكتب إليه يفتح ذلك عليه، وينكر فعله، ويقول: إن لم تخطب له بغزنة، وتعود إلى طاعته، وإلا قصدت بلادك، ثم بعث أيبك إلى غياث الدين بالهدايا والتحف، وأشار عليه بإجابة خوارزم شاه إلى ما طلبه الآن، وأنه عند الفراغ من أمر غزنة يسهل أمر خوارزم شاه وغيره، قال: وخالف أيدكز على الدز، فأقام بكابل، وكتب إلى أيبك يعرفه مخالفته له، وانتصاره لغياث الدين فصوب رأيه، وأشار عليه بقصد غزنة في غيبة الدز، فإن حصلت له القلعة يقيم بها إلى أن يأتيه، وإن تعذرت عليه ينحاز إلى غياث الدين، أو يعود إلى كابل، فوصل أيدكز إلى غزنة في أول شهر رجب
سنة ثلاث وستمائة، فمنعوه القلعة، فأمر أصحابه بنهب البلد فنهبوا عدة مواضع، فتوسط القاضى بينهم أن يسلم إليه من الخزانة خمسين ألف دينار ركنية «1» ، وأخذ له من التجار شيئا آخر، وخطب أيدكز بغزنة لغياث الدين محمود، وقطع خطبة الدز، ففرح الناس لذلك، واتصل الخبر بالدز، ووصل إليه رسول أيبك، فخطب لغياث الدين في تكيناباد «2» ، وأسقط اسمه من الخطبة، ورحل إلى غزنة، فلما قاربها فارقها أيدكز إلى بلد الغور، وأقام في نمران، «3» وكتب إلى غياث الدين [محمود] »
، يخبره بحاله، وأنفذ إليه المال الذى أخذه من الخزانة والتجار بغزنة، فأرسل إليه خلعا سنية، وأعتقه، وخاطبه بملك الأمراء، ورد عليه مال الخزانة «5» ، وقال له:
أما مال الخزانة، فقد أعدناه إليك، وأما أموال التجار وأهل البلد فقد أرسلناها إلى أربابها لئلا تقبح دولتنا بالظلم، وقد عوضتك عنها ضعفيها، وأرسل أموال الناس إلى القاضى بغزنة، وأمره بردها على أربابها، ففعل ذلك، وكثر الدعاء له، وصار الدز بين الطاعة والخلاف لغياث الدين.