الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عمامة، وأربعة آلاف امرأة، وأسرت زوجة السلطان سنجر، وهى تركان خاتون، ثم فديت بخمسمائة ألف دينار، «1» وانهزم سنجر إلى ترمذ، ولم ينهزم قبلها، ولما تمت هذه الهزيمة أرسل إلى ابن أخيه السلطان مسعود، وأذن له أن يتصرف في الرى، وما معها، على قاعدة أبيه السلطان محمد، وأمره أن يكون مقيما بها بعساكره، بحيث إنه إذا احتاج إليه استدعاه، ففعل ذلك، وملك الخطا ما وراء النهر، وتغلب خوارزم شاه على البلاد، فى هذا التاريخ، على ما نذكره إن شاء الله تعالى في أخباره، وفي سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة حاصر السلطان سنجر خوارزم شاه بخوارزم؛ فراسله، وبذل الطاعة والأموال، فقبل السلطان ذلك منه، وعاد عنه.
ذكر انهزام السلطان سنجر من الغز، وأسره، وذكر أحوال الغز
ولنبدأ بذكر حال هؤلاء الغز، ومبدأ أمرهم، وما كان منهم إلى أن أسروا السلطان، فنقول: إنهم طائفة من الترك مسلمون، كانوا بما وراء النهر، فلما ملك الخطا أخرجوهم من بلاد ما وراء النهر، فقصدوا خراسان، وكانوا خلقا كثيرا، فأقاموا بنواحى بلخ، يرعون في مراعيها، وكان لهم أمراء، وهم: دينار، وبختيار، وطوطى، وأرسلان، وجغر، ومحمود، فأراد الأمير قماج، وهو مقطع بلخ إبعادهم، فصانعوه لشىء بذلوه له، فعاد منه، وأقاموا على
عادة حسنة، لا يؤذون أحدا، ويقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة فعاودهم قماج، وأمرهم بالانتقال عن بلده، فامتنعوا، وانضم بعضهم إلى بعض، واجتمع معهم «1» غيرهم من طوائف الترك، فسار قماج إليهم، فى عشرة آلاف فارس، فجاء إليه أمراء الغز، وبذلوا له عن كل بيت مائتى درهم، فلم يجبهم، وشدد عليهم في الانشراح عن بلده، فعادوا عنه، واجتمعوا، وقاتلوه، فانهزم، ونهبوا عسكره، وأكثروا القتل في العساكر والرعايا، واسترقوا النساء والذرارى، وعملوا كلّ عظيمة، وقتلوا الفقهاء «2» ، وخربوا المدارس، وانتهت الهزيمة بقماج إلى مرو، وبها السلطان سنجر، فأعلمه الحال، فراسلهم وتهددهم، وأمرهم بمفارقة البلاد، فاعتذروا وبذلوا مالا كثيرا؛ ليكف السلطان عنهم، ويتركهم في مراعيهم، فلم يجبهم إلى ذلك، وجمع عساكره من أطراف البلاد، فاجتمع له ما يزيد على مائة ألف فارس، وقصدهم، ووقع بينهم حرب شديدة، فانهزمت عساكر السلطان سنجر، وانهزم هو في أصحابه، وتبعهم الغز يقتلون منهم، ويأسرون، حتى صارت القتلى كالتلال، وقتل علاء الدين قماج، وأسر السلطان سنجر وجماعة من الأمراء، فضرب الغز «3» أعتاق الأمراء، وأما السلطان سنجر فإنّ أمراء الغز اجتمعوا، وقبلوا الأرض بين يديه، وقالوا: نحن عبيدك، لا نخرج عن طاعتك، ومضى على ذلك ثلاثة أشهر، ودخلوا معه إلى مرو، وهى كرسى مملكة خراسان، فطلبها منه بختيار إقطاعا، فقال له السلطان سنجر: هذه دار الملك، ولا يجوز
أن تكون إقطاعا لأحد، فضحكوا منه، وحبق له بختيار بفمه، فلما رأى ذلك من فعلهم نزل عن سرير الملك، ودخل خانقاه مرو، واستولى الغز على البلاد، وظهر منهم من الجور ما لم يسمع بمثله، وولوا على نيسابور واليا فظلم الناس، وعسفهم وضربهم، وعلق في الأسواق ثلاث غرائر، وقال أريد ملء هؤلاء ذهبا، فثار به العامة، فقتلوه، وقتلوا من معه، فدخل الغز نيسابور، ونهبوها وجعلوها قاعا صفصفا، وقتلوا من بها، ولم يرفعوا السيف عن كبير، ولا صغير، ولم يسلم من بلاد خراسان غير هراة ودهستان، لحصانتهما.
ذكر هرب السلطان سنجرشاه «1» من أسر الغز
قال: كان هربه من الأسر في شهر رمضان، سنة إحدى وخمسين وخمسمائة. ولما هرب سار إلى قلعة ترمذ، هو وجماعة كانوا معه من الأمراء، فاستظهر بها على الغز، وكان خوارزم شاه أتسز بن محمد، والخاقان محمود بن محمد، يقصدان الغز ويقاتلانهم، وكانت الحرب بينهم سجالا، وغلب كل منهم على ناحية من خراسان ثم سار السلطان من ترمذ إلى جيحون، يريد العبور إلى خراسان، واتفق أن على بك مقدم القادغلية «2» توفى، وكان أشد على السلطان من كل أحد، فأقبلت القادغلية، وغيرهم، من أقاصى البلاد وأدانيها إلى السلطان، وعاد إلى دار ملكه بمرو «3» .