الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فخرج عليهم عامّتها وأتراكها فقاتلوهم، فدفع الديلم عن أنفسهم، وقتلوا من أتراك واسط، وعامّتها جماعة كثيرة، وعظم أمر العيّارين ببغداد فأفسدوا، ونهبوا.
ذكر ولاية ابن سهلان العراق
وفي سنة تسع وأربعمائة استعمل سلطان الدولة أبا محمد الحسن ابن سهلان على العراق في المحرم، فسار، وأوقع في طريقه بالعرب، ولما وصل واسط وجد الفتن بها قائمة، فأصلحها، وقتل جماعة من أهلها، وورد عليه الخبر باشتداد الفتن ببغداد، فسار إليها، فدخلها في أواخر شهر ربيع الآخر، فهرب منه العيّارون [ونفى]«1» جماعة من العبّاسيين وغيرهم، ونفى أبا عبد الله محمد بن النعمان فقيه الشيعة، وأنزل الديلم أطراف الكرخ وباب البصرة، ولم تكن له عادة بالنزول هناك، ففعلوا من الفساد ما لم يشاهد مثله، فمن ذلك أن رجلا من المستورين أغلق بابه عليه خوفا منهم، وانقطع بداره، فلما كان في أول يوم من شهور رمضان خرج لبعض شأنه وقد أطمأن لتعظيم الشهر، وكفّ الناس فيه عن الفساد، فرآهم على حال عظيم من الفساد وشرب الخمور، فأراد الرجوع إلى داره، فمنعوه وأكرهوه على الدخول معهم إلى دار من دورهم، وألزموه بشرب الخمر، فامتنع، فصبوها في فيه قهرا، وقالوا له: قم إلى هذه المرأة فافعل بها، فامتنع فألزموه، فدخل معها إلى بيت في الدار، وأعطاها دراهم، وقال لها:
هذا أول يوم من شهر رمضان، والمعصية فيه تتضاعف، وأحب أن تخبريهم أنى فعلت، فقالت: لا، ولا كرامة، ولا عزازة، أنت تصون دينك عن الزنا في هذا الشهر، وأنا أريد أن أصون أمانتى ولسانى عن الكذب فيه، فصارت هذه الحكاية سائرة في بغداد، ثم إن أبا محمد بن سهلان أفسد قلوب الأتراك والعامة، فانحدروا إلى واسط، فلقوا بها سلطان الدولة، فشكوه إليه فسكنهم، ووعدهم أن يتوجه إلى بغداد ويصلح الحال، وكتب إلى ابن سهلان يستقدمه، فخافه، فهرب إلى بنى حقاجة، ثم إلى الموصل، ثم إلى الأنبار ثم سار إلى البطيحة.
ذكر ملك مشرف «1» الدولة أبى على بن بهاء الدولة بن عضد الدولة بن ركن الدولة بن بويه العراق
كان استيلاء مشرف «2» الدولة على العراق في سنة إحدى عشرة وأربعمائة، وكان سبب ذلك أن الجند شغبوا على سلطان الدولة، ومنعوه من الحركة، وأرادوا ترتيب مشرف «3» الدولة أخيه في الملك، فأشير على سلطان الدولة بالقبض عليه، فلم يمكنه من «4» ذلك، وأراد سلطان الدولة الانحدار إلى واسط، فقال له الجند: إما أن تجعل عندنا ولدك، أو أخاك مشرف الدولة. فراسل
أخاه مشرف الدولة بذلك، فامتنع، ثم أجابه بعد معاودة، ثم اتفقا، واجتمعا ببغداد، واستقر بينهما أنهما لا يستخدمان ابن سهلان، وفارق سلطان الدولة بغداد، وقصد الأهواز، واستخلف أخاه مشرف الدولة بها، فلما انحدر سلطان الدولة ووصل تستر استوزر ابن سهلان، فاستوحش مشرف الدولة، فانفذ سلطان الدولة ابن سهلان ليخرج أخاه مشرف الدولة من العراق، فجمع مشرف «1» الدولة عسكرا كثيرا، منهم أتراك واسط، وأبو الأعز دبيس بن على بن مزيد، ولقى ابن سهلان عند واسط، فانهزم ابن سهلان، وتحصّن بواسط، فحصره مشرف «2» الدولة وضيّق عليه، حتى بيع كرّ «3» الحنطة بألف دينار قاشانية، وأكل الناس حتى الكلاب، فاستخلف ابن سهلان مشرف الدولة، وسلم إليه البلد، وخرج إليه، فخوطب حينئذ مشرف الدولة. وذلك في ذى الحجة سنة إحدى عشرة وأربعمائة، وحضر إليه الديلم الذين كانوا بواسط، وصاروا معه، فحلف لهم وأقطعهم، فلما اتصل الخبر بسلطان الدولة سار عن الأهواز إلى أرجان، وقطعت خطبته من العراق، وخطب لمشرف الدولة ببغداد، فى أول المحرم سنة ثنتى عشرة وأربعمائة، وقبض على الوزير ابن سهلان، وكحله؛ فلما سمع سلطان الدولة بذلك ضعفت نفسه، وسار إلى الأهواز في أربعمائة فارس، فقلت عليهم الميرة؛ فنهبوا السواد في طريقهم، فاجتمع الأتراك الذين بالأهواز، وقاتلوا أصحاب سلطان الدولة، ونادوا بشعار مشرف الدولة.