الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إليه فغدر بهم، وأكثر فيهم القتل والنهب، فساروا إلى مفاذة نسا، «1» وقصدوا مرو في هذه السنة، وذراريهم «2» ، ونساؤهم في الأسر.
ذكر ما اتفق بين طغرلبك وداود وبين السلطان مسعود بن محمود بن سبكتكين
قال: ولما اتفق لهم مع خوارزم شاه هارون ما ذكرناه، راسلوا الملك مسعود- وهو بطبرستان- يطلبون منه الأمان، وأن يكونوا في خدمته، ويدفعوا الطائفة التى تفسد في بلاده، ويكونوا من أعظم أعوانه، فقبض على الرسل، وجهز عسكرا جرارا مع حاجبه بكتغدى، وغيره من الأمراء، فالتقوا عند نسا في شعبان سنة ست وعشرين وأربعمائة، فانهزم السلجقية، وغنم العسكر المسعودى أموالهم وأثقالهم، فجرى بين العسكر منازعة على الغنائم أدت إلى القتال بينهم، فقال داود لأصحابه: إن العسكر الآن قد اطمأن، واستقر والرأى أن نقصدهم، لعلنا نبلغ منهم غرضا، فعاد ووافق وصولهم إليهم، وهم فيما وقع بينهم من الاختلاف، وقتال بعضهم بعضا، فأوقعوا لهم، وقتلوا منهم، وأسروا، فاستردّوا ما أخذوه، وعاد المنهزمون من المعسكر المسعودى إلى نيسابور، فندم مسعود على ردّه السلجقية، عند بذلهم الطاعة، وعلم أن هيبتهم قد تمكنت في قلوب عساكره، فأرسل إليهم يتهددهم ويتوعدهم، فقال طغرلبك لإمام
صلواته: أكتب إليه: «قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ
…
- إلى- قَدِيرٌ»
«1» ، ولا تزد على ذلك، ففعل، فلما ورد الجواب على مسعود، كتب إليهم يعدهم المواعيد الجميلة وسيّر إليهم الخلع، وأمرهم بالرحيل إلى آمل الشط، وهى مدينة على نهر جيحون، وأقطع دهشان لداود، ونسا لطغرلبك، وفراوه «2» لبيغو، ولقب كلّ واحد منهم «3» بالدّهقان، فاستخفّوا بالرسول والخلع، ثم قالوا له: لو علمنا أن السلطان يبقى علينا إذا قدر لأطعناه، وكلنا نعلم أنه متى قدر علينا أهلكنا، فنحن لا نطيعه، ثم أرسلوا إليه يخادعونه بإظهار الطاعة له، وسألوه إطلاق عمهم أرسلان بن سلجق، فأجابهم إلى ذلك، وأحضره عنده ببلخ، وأفرج عنه وأمره بمراسلة بنى أخيه يأمرهم بالكفّ عن الشر، والدخول في الطاعة، ففعل أرسلان، وأرسل إليهم مع الرسول أشفا، فلما جاء الرسول إليهم، وأدى الرسالة، وسلّم إليهم الإشفى نفروا واستوحشوا، وعادوا إلى ما كانوا عليه من الشر، فأعاد الملك مسعود عمهم أرسلان إلى الحبس، وسار إلى غزنة وقصد السلجقية بلخ، ونيسابور، وطوس، وجوزجان، وأقام داود بمدينة مرو، وانهزمت العساكر المسعودية من السلجقية مرة بعد أخرى، واستولى الرعب عليهم، هذا والملك مسعود يغزو الهند، والكتب تصل إليه بأخبار السلجقية وهو لا يجيب عنها، ولا يلوى على ما فيها لاشتغاله بما هو أهم عنده من ذلك، وهو غزو الهند، وفتح قلاعهم، على ما قدمناه في أخبار الدولة الغزنويه.