الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقاتلوهم من جميع جهاتهم إلى آخر النهار. فانهزم الهنود، وغنم المسلمون ما معهم من الأموال والفيلة، وعاد إلى غزنة.
ذكر قتل خوارزم شاه وملك يمين الدولة خوارزم
وفي سنة سبع وأربعمائة قتل خوارزم شاه أبو العباس [مأمون]«1» بن مأمون. وسبب ذلك أنه كان قد ملك خوارزم الجرجانية «2» ، وحضر عند يمين الدولة، وتزوج أخته، ثم بعث إليه يمين الدولة أن يخطب له على منابر بلاده، فأجابه إلى ذلك، واستشار أمراءه، فغضبوا من ذلك، وامتنعوا منه، وتهددوه بالقتل إن فعل، فعاد الرسول إلى يمين الدولة، وأخبره بما شاهده، ثم خافه الأمراء فقتلوه غيلة، ولم يعلم قاتله، وأجلسوا أحد أولاده مكانه، وتعاهدوا على قتال يمين الدولة إن قصدهم، واتصل الخبر به، فجمع العساكر، وسار نحوهم والتقوا، واشتدت الحرب، فثبت الخوارزمية إلى نصف النهار ثم انهزموا، فأخذهم السيف، ولم يبق منهم إلا القليل. وجمع من أسر منهم وسيرهم إلى أطراف بلاده بالهند، وملك يمين الدولة خوارزم، واستناب بها حاجبه التونتاش «3» .
ذكر غزوة قشمير وقنوج «1» وغيرهما من الهند
وفي سنة سبع وأربعمائة أيضا بعد فراغ يمين الدولة من خوارزم سار إلى غزنة، ثم منها إلى الهند عازما على غزو قشمير، واجتمع له من المتطوعة من بلاد ما وراء النهر وغيره نحو عشرين ألف مقاتل، وسار من غزنة إليها سيرا دائما في ثلاثة أشهر، وعبر نهر سيحون، [وجيلم]«2» ، وهما نهران عميقان شديدا الجرية، ووطىء أرض الهند، وأتته رسل ملوكها بالطاعة، وبذل الأتاوة، فلما بلغ درب قشمير أتاه صاحبها «3» وأسلم على يده، وسار بين يديه إلى مقصده، فبلغ [ماء جون]«4» في العشرين من شهر رجب، وفتح ما حولها من الحصون المنيعة، حتى بلغ حصن هودب، «5» وهو أحد ملوك الهند فنظر «هودب» من أعلى حصنه، فرأى من العساكر ما هاله، فعلم أنه لا ينجيه إلا الإسلام، فنزل في نحو عشرة آلاف ينادون بكلمة الإخلاص، فأقبل عليه يمين الدولة وأكرمه وسار عنه إلى قلعة كلجند «6» ، وهو من أعيان الهند، وكان على طريقه غياض ملتفة لا يقدر السالك على قطعها إلا بمشقة،
فسير كلجند عساكره وفيلته إلى أطراف تلك الغياض يمنعون من سلوكها، فترك يمين الدولة عليهم من يقاتلهم، وسلك طريقا مختصرا إلى الحصن، فلم يشعروا به إلا وهو معهم، فقاتلهم قتالا شديدا، فانهزموا وأخذهم السيف من ورائهم، ولقوا نهرا عميقا، فاقتحموه، فغرق أكثرهم، فكان القتلى والغرقى قريبا من خمسين ألفا. وعمد كلجند إلى زوجته، فقتلها ثم قتل نفسه. وغنم المسلمون أمواله وملكوا حصونه. ثم سار نحو بيت متعبد لهم وهو «مهرّة» «1» بالهند، وهو من أحصن الأبنية على نهر، ولهم فيه كثير من الأصنام من جملتها خمسة أصنام من الذهب الأحمر مرصعة بالجوهر زنتها ستمائة ألف وسبعون ألف وثلاثمائة مثقال، وبه من الأصنام المصوغة من الفضة نحو مائتى صنم، فأخذ يمين الدولة جميع ذلك، وأحرق الباقى، وسار نحو قنوّج وصاحبها جيبال، فوصل إليها في شعبان، فرأى صاحبها قد فارقها وعبر النهر المعروف بنهر الكنك، وهو نهر شريف معظم عندهم- وتقدّم خبره في باب الأنهار- فأخذها يمين الدولة وسائر قلاعها وأعمالها وهى على النهر المذكور، وفيها قريب من عشرة آلاف بيت «2» صنم يذكرون أنها عملت من مائتى ألف إلى ثلاثمائة ألف سنة كذبا منهم. ولما افتتحها أباحها عسكره. ثم سار إلى قلعة البراهمة، فقاتلهم فثبتوا، واستسلموا للقتل، فقتلوا، ولم ينج منهم إلا القليل. ثم سار نحو قلعة آسى «3» وصاحبها جندياك، فلما قاربها