الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للجنب لحديث عمار بن ياسر، ولا خلافة في استدامة المحرم الطيب الذي تطيب به قبل إحرامه؛ لصحة حديث عائشة في ذلك، ولا خلافه في منع المفرد والقارن من الفسخ إلى التمتع؛ لصحة أحاديث الفسخ، وهذا كثير جدا (1).
وكان الإمام أحمد رحمه الله دائما يطلب النصوص فِي مناقشاته ومناظراته، وفيما كتبه في الرد على الزنادقة والجهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن، وتأولته على غير تأويله وكان دائما يطالبهم بالنصوص لإثبات ما ذكروا، فكان من أحسن مناظرتهم أن يقال: ائتونا بكتاب أو سنة حتى نجيبكم إلى ذلك وإلا فلسنا نجيبكم إلى ما لم يدل عليه الكتاب والسنة (2).
مرتبة السنة من الكتاب عند الإمام أحمد:
كان الإمام أحمد رحمه الله: يرى أن القرآن هو القسم الأول من الأصل الأول، والسنة القسم الثاني، وجعل ابن القيم النصوص في رتبة واحدة، يفيد بأن منزلتهما من حيث العمل والاحتجاج عند الإمام واحدة.
قال الشيخ أبو زهرة: وكون الإمام أحمد لا يفرق بين القرآن والسنة من حيث العمل، أو يجعلهما في رتبة واحدة، هذا لا يتنافى مع اعتبار القرآن الأصل الأول في الاعتبار؛ لأنه المبين لمقدار الاحتجاج في السنة، والأصل الذي تقوم عليه الشرائع الثابتة بها، والتقدم في الاعتبار لا يتعارض مع التلاقي بينهما في أحكام الشريعة، من غير تعارض ولا تناف ولا تضاد (3).
(1)"إعلام الموقعين" 1/ 29.
(2)
"مجموع الفتاوى" 20/ 162.
(3)
"أحمد بن حنبل: حياته وعصره وآراؤه الفقهية" لأبي زهرة صـ 243.
والسنة عند الإمام متممة للقرآن الكريم ومبينة له، ولذلك لا تعارض بينهما، بل يحمل ظاهر القرآن على ما جاءت به السنة، فتخصص عامه، وتقيد مطلقه، وتبين مجمله.
وقد صنف الإمام أحمد رضي الله عنه كتابا في طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم رد فيه على من احتج بظاهر القرآن في معارضة سنن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وترك الاحتجاج بها، فقال في أثناء خطبته: إن اللَّه جل ثناؤه وتقدست أسماؤه، بعث محمدا بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأنزل عليه كتابه الهدى والنور لمن اتبعه، وجعل رسوله الدال على ما أراد من ظاهره وباطنه، وخاصه وعامه، وناسخه ومنسوخه، وما قصد له الكتاب، فكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هو المعبر عن كتاب اللَّه، الدال على معانيه، شاهده في ذلك أصحابه الذين ارتضاهم اللَّه لنبيه، واصطفاهم له، ونقلوا ذلك عنه فكانوا هم أعلم الناس برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وبما أراد اللَّه من كتابه، بمشاهدتهم وما قصد له الكتاب، فكانوا هم المعبرين عن ذلك بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال جابر: ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا عليه يتنزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا به. ثم ساق الآيات الدالة على طاعة الرسول (1).
قال الشيخ أبو زهرة: وإن هذا الكلام يدل على ثلاثة أمور:
أحدهما: أن ظاهر القرآن لا يقدم على السنة، وذلك صريح قوله.
وثانيهما: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هو الذي يفسر القرآن، وليس لأحد أن يتأول فيه أو يفسره، لأن السنة وحدها بيانه، فلا يطلب البيان من غير طريقها.
(1)"إعلام الموقعين" 2/ 272.