الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهِيَ قِسْمَانِ، صَحِيحٌ، مِثْلَ اشْتِرَاطِ زِيَادَةٍ فِي الْمَهْرِ أو نَقْدٍ مُعَيَّن، أوْ أَن لَا يُخْرِجَهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا، أو لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيهَا، أوْ لَا يَتَسَرَّى، فَهَذَا صَحِيحٌ لَازِمٌ، إِنْ وَفَّى بِهِ، وَإلَّا فَلَهَا
ــ
(وهي قِسْمان؛ صحيحٌ) وفاسدٌ، فالصحيحُ نوعان؛ أحدُهما، يَقْتَضِيه العَقْدُ، كتَسْلِيمِ المرأةِ إليه وتَمْكِينه (1) مِن الاسْتِمْتاعِ بها، فهذا لا يُؤثِّرُ في العَقْدِ، وُجُودُه كعدَمِه. الثاني، شَرْطُ ما تَنْتَفِعُ به المرأةُ، كزيادَةٍ على مَهْرِها (أو نَقْدٍ مُعَيَّن) فهو صحيحٌ يَجبُ الوَفاءُ به، كالثَّمَنِ في البَيعِ (2).
3174 - مسألة: (فإن شَرَط أن لا يُخْرِجَها مِن دارِها أو بَلَدِها، أو لا يَتَزَوَّجَ عليها، أو لا يَتَسَرَّى، فهو صحيحٌ لازِمٌ إن وَفَّى به، وإلَّا
(1) في م: «تمليكه» .
(2)
في م: «المبيع» .
الْفَسْخُ.
ــ
فلها الفَسْخُ) يُرْوَى ذلك عن عمرَ بنِ الخطابِ، وسعدِ بنِ أبي وَقّاص، ومعاويةَ، وعمرِو بنِ العاصِ، رضي الله عنهم. وبه قال شُرَيحٌ، وعمرُ بنُ عبدِ العزيز، وجابرُ بنُ زيدٍ، وطاوُسٌ، والأوْزاعِيُّ، وإسحاقُ. وأبطَلَ هذه الشُّرُوطَ الزُّهْرِيُّ، وقَتادَةُ، وهشامُ بنُ عُرْوَةَ، ومالكٌ، واللَّيثُ، والثَّوْريُّ، والشافعيُّ، وابنُ المُنْذِرِ، وأصْحابُ الرَّأي. وقال أبو حنيفةَ، والشافعيُّ: يَفْسُدُ المَهْرُ، ولها مَهْرُ المِثْلِ. واحْتَجُّوا بقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«كُلُّ شَرْطٍ لَيسَ في كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ» (1). وهذا ليس في كتابِ اللهِ؛ لأن الشَّرْعَ لا يَقْتَضِيه. وبقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إلَّا شَرْطًا أحَلَّ حَرَامًا، أو حَرَّمَ حَلَالًا» (2). وهذا يُحَرِّمُ الحَلال، وهو التزويجُ والتَّسَرِّي والسَّفَرُ،
(1) تقدم تخريجه في 11/ 234، 235.
(2)
تقدم تخريجه في 10/ 149، وانظر ما تقدم في 19/ 20.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولأنَّ هذا شَرْطٌ ليس مِن مَصْلَحَةِ العَقْدِ ولا مُقْتَضاه، ولم يُبْنَ على التَّغْلِيبِ والسِّرَايةِ، فكان فاسِدًا، كما لو شَرَطَتْ أن لا تُسَلِّمَ نَفْسَها. ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«إنَّ أحَقَّ ما وَفَّيتُمْ بِهِ مِنَ الشُّرُوطِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ» . رَواه سعيدٌ (1). وفي لَفْظٍ: «إنَّ أحَقَّ الشُّرُوطِ أنْ تُوفُوا بِهَا، مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ» . مُتَّفَقٌ عليه (2). وقولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» . ولأنَّه قولُ مَن سَمَّينَا مِن الصحابةِ، ولا يُعْرَفُ لهمِ مُخالفٌ في عَصْرِهم، فكان إجماعًا. وروَى الأثرَمُ بإسْنادِه، أنَّ رجلًا تزَوَّجَ امرأةً، وشَرَط لها دارَها، ثم أراد نَقْلَها، فخاصَمُوه إلى عمرَ، فقال: لها شَرْطُها. فقال الرجل: إذًا يُطَلِّقْنَنا. فقال عمرُ: مَقَاطِعُ الحُقُوقِ عندَ الشُّرُوطِ (3). ولأنَّه شَرْطٌ لها (4) فيه مَنْفَعَةٌ ومَقْصُودٌ لا يَمْنَعُ
(1) في: باب ما جاء في الشرط في النكاح. سنن سعيد بن منصور 1/ 180.
(2)
أخرجه البخاري، في: باب الشروط في المهر عند عقدة النكاح. . . .، من كتاب الشروط، وفي: باب الشروط في النكاح، من كتاب النكاح. صحيح البخاري 3/ 249، 7/ 26. ومسلم، في: باب الوفاء بالشرط في النكاح، من كتاب النكاح. صحيح مسلم 2/ 1036.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في الرجل يشترط لها دارها، من كتاب النكاح. سنن أبي داود 1/ 493. والترمذي، في: باب ما جاء في الشرط عند عقدة النكاح، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذي 5/ 58. والدارمي، في: باب الشرط في النكاح، من كتاب النكاح. سنن الدارمي 2/ 143. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 144، 150، 152.
(3)
أخرجه سعيد، في: سننه 1/ 185. وابن أبي شيبة، في: المصنف 4/ 199. والبيهقي، في: السنن الكبرى 7/ 249. وعلق البخاري قوله: مقاطع الحقوق عند الشروط. في الموضعين السابقين. كما أخرج البيهقي عن عمر خلاف ذلك، في: السنن الكبرى 7/ 249. وانظر الإرواء 6/ 303، 304.
(4)
في م: «له» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَقْصُودَ مِن النِّكاحِ، فكان لازِمًا، كما لو اشْتَرَطَتْ زِيادَةً في المَهْرِ أو غيرَ نَقْدِ البَلَدِ. وأمّا قولُه صلى الله عليه وسلم:«كُلُّ شَرْطٍ لَيسَ فِي كِتَابِ اللهِ فهُوَ بَاطِلٌ» . أي ليس في حُكْمِ اللهِ وشَرْعِه، وهذا مَشْرُوعٌ، قد ذَكَرنا ما دَلَّ على مَشْرُوعِيَّته، وعلى مَن نَفَى ذلك الدليلُ. وقولُهم: إنَّ هذا يُحَرِّمُ الحَلال. قُلْنا: لا يُحَرمُ حلالًا، وإنَّما يُثْبِتُ للمَرْأةِ خِيارَ الفَسْخِ إن لم يَفِ لها به. وقولُهم: ليس مِن مَصْلَحَةِ العَقْدِ. مَمْنُوعٌ، فإنَّه مِن مَصْلَحَةِ المَرْأةِ، وما كان مِن مصلحةِ العاقِدِ كان مِن مصلحةِ عَقْدِه، كاشْتِرَاطِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الرَّهْنِ والضَّمِينِ [في البَيعِ](1)، ثم يَبْطُلُ بالزِّيادَةِ على مَهْرِ المِثْلِ. وإذا ثَبَت أنَّه شَرْطٌ لازِمٌ فلم يَفِ به، فلها الفَسْخُ، ولهذا قال عمرُ للذي قَضَى عليه بلُزُومِ الشَّرْطِ -حينَ قال: إذًا يُطَلِّقْنَنا-: مَقاطِعُ الحُقُوقِ عندَ الشُّرُوطِ. ولم يَلْتَفِتْ إلى قولِه. ولأنَّه شَرْطٌ لازِم في عَقْدٍ، فيَثْبُتُ حَقُّ الفَسْخِ بتَرْكِ (2) الوَفاءِ به، كالرَّهْنِ في البَيعِ.
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «في ترك» .